الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                        معلومات الكتاب

                                                                                        البحر الرائق شرح كنز الدقائق

                                                                                        ابن نجيم - زين الدين بن إبراهيم بن محمد

                                                                                        صفحة جزء
                                                                                        وفي المعراج لو وجدت ثيبا وزعمت أن عذرتها زالت بسبب آخر من غير وطئه كأصبعه وغيرها فالقول قوله ; لأنه الظاهر والأصل عدم أسباب أخر ، وفي المحيط عنين أجله القاضي سنة وامرأته ثيب فوطئها وادعت بعد الحول أنه لم يطأها وقالت حلفه فأبى أن يحلف ففرق القاضي بينهما لم يسعها أن تتزوج بآخر ولم يسعه أن يتزوج بأختها ا هـ .

                                                                                        ( قوله وإن اختارته بطل حقها ) أطلقه فشمل الاختيار حقيقة وحكما كما إذا قامت من مجلسها أو أقامها أعوان القاضي قبل أن تختار شيئا أو قام القاضي قبل أن تختار لإمكان أن تختار مع القيام وعليه الفتوى كذا في المحيط والواقعات ، وفي البدائع ظاهر الرواية أنه لا يتوقف على المجلس وقيد بقوله بانت بالتفريق ; لأن الفرقة لا تقع باختيارها نفسها بل لا بد من تطليق الزوج بائنة أو تفريق القاضي إن امتنع وقيل تقع باختيارها وجعله في الخلاصة ظاهر الرواية والأول رواية الحسن وأشار ببطلانه باختيارها إلى أنه لو فرق بينهما ثم تزوجها ثانيا لم يكن لها خيار لرضاها بحاله كما لو تزوجته عالمة بحاله على المفتى به كما في المحيط ، وفي الخانية فرق بين العنين وبين امرأته ثم تزوج أخرى تعلم بحاله اختلفت الروايات والصحيح أن للثانية حق الخصومة ; لأن الإنسان [ ص: 137 ] قد يعجز عن امرأة ولا يعجز عن غيرها ويحتسب من السنة أيام حيضها ورمضان وحجه وغيبته لا بمرض أحدهما على المفتى به مطلقا كما في الولوالجية وصحح في الخانية أن الشهر لا يحتسب وما دونه يحتسب ، وفي المحيط أصح الروايات عن أبي يوسف أن نصف الشهر وما دونه يحتسب وما زاد على النصف لا يحتسب ولا بحجها وغيبتها وحبسها وامتناعها من المجيء إلى السجن بعد حبسه بعد أن يكون فيه موضع خلوة ، ولو على مهرها ، وفي الخلاصة لو كان محرما وقت الخصومة أجله بعد الإحرام ، وفي الخانية لو وجد زوجها مريضا لا يقدر على الجماع لا يؤجل ما لم يصح وإن طال المرض ا هـ .

                                                                                        وفيها وإن كان الزوج مظاهرا منها إن كان قادرا على الإعتاق أجله القاضي وإن كان عاجزا عنه أمهله القاضي شهرين للكفارة ثم يؤجل وإن ظاهر بعد التأجيل لا يلتفت إليه ويحتسب ذلك عليه . ا هـ .

                                                                                        وفي المحيط الجامع أصله أن كل موضع تجري الوكالة فيه ينتصب الولي فيه خصما فالتفريق بسبب الجب وخيار البلوغ وعدم الكفاءة تجري الوكالة فيه فانتصب الولي فيه خصما وكل موضع لا تجري الوكالة فيه لا ينتصب الولي خصما فيه كالفرقة بالإباء عن الإسلام واللعان ا هـ . .

                                                                                        التالي السابق


                                                                                        ( قوله لم يسعها أن تزوج بآخر إلخ ) وجهه بطلان التفريق لكونه في نفس الأمر وطئها كذا في حواشي مسكين فالمراد أنه لا يسعها ديانة لعلمها بعدم صحة التفريق في نفس الأمر ( قوله كما إذا قامت من مجلسها إلخ ) أقول : لا يقال إن هذا مخالف لما قدمه من أن طلب التفريق غير مقيد بالحال حتى لو أقامت زمانا وهو يضاجعها فهي على خيارها ; لأنا نقول ذاك فيما إذا لم يخيرها القاضي أما إذا خيرها فهو على الفور ، ولذا قال في البدائع ما يبطل به الخيار نوعان نص ودلالة فالنص هو التصريح بإسقاط الخيار أو ما يجري مجراه سواء كان ذلك بعد تخيير القاضي أو قبله والدلالة أن تفعل ما يدل على الرضا بالمقام معه فإن خيرها القاضي فأقامت معه مطاوعة في المضاجعة وغير ذلك كان دليل الرضا به ، ولو فعلت ذلك بعد مضي الأجل قبل تخيير القاضي لم يكن ذلك رضا ; لأنه قد يكون لاختياره وقد يكون لاختبار حاله فلا يكون رضا مع الاحتمال .

                                                                                        وهل يبطل خيارها بالقيام عن المجلس فذكر الكرخي عن أبي يوسف أنه إذا خيرها الحاكم فأقامت معه أو قامت عن مجلسها قبل أن تختار أو قام الحاكم أو أقامها عن مجلسها أعوانه ولم تقل شيئا فلا خيار لها وذكر القاضي في شرحه مختصر الطحاوي أنه لا يقتصر على المجلس في ظاهر الرواية ( قوله والصحيح أن للثانية حق الخصومة ) قال الرملي أقول : مع كونه [ ص: 137 ] الصحيح لا يقاوم المفتى به وقد قدم عن المحيط أنه ليس له الخيار على المفتى به ( قوله وصحح في الخانية أن الشهر لا يحتسب ) قال الرملي وإذا لم يحتسب عليه يعوض لذلك عوضه كذا في الخانية وأطلق التعويض فأفاد أنه لا يشترط أن يكون من ذلك الفصل لاستلزامه استئناف سنة كاملة ولم أره لعلمائنا صريحا والوجه يقتضيه فتأمل ، وفي الخانية ، ولو هربت المرأة من زوجها لا تحتسب تلك الأيام على الزوج ( قوله أجله بعد الإحرام ) هكذا رأيته في الخلاصة ، وكذا في الفتح والأولى إبدال الإحرام بالإحلال كما فعل في البدائع .




                                                                                        الخدمات العلمية