( قوله وصفته ما نطق به النص ) أي : ما دلت عليه آية اللعان من الابتداء بالزوج ثم بالزوجة بالألفاظ المخصوصة وظاهره أنه متعين وقدمنا أن المرأة لو بدأت ثم الزوج أعادت ، ولو فرق القاضي قبل إعادتها صح ، وفي الغاية تجب الإعادة وقد أخطأ السنة ورجحه في فتح القدير بأنه الوجه وهو قول صفة اللعان ; لأن النص أعقب الرمي بشهادة أحدهم وشهادتها الدارئة للحد عنها بقوله ويدرأ عنها العذاب ولأن الفاء دخلت على شهادته على وزان ما قلنا في سقوط الترتيب في الوضوء من أنه أعقب جملة الأفعال للقيام إلى الصلاة وإن كان دخول الفاء على غسل الوجه فانظره ثمة ا هـ . مالك
والظاهر أنه أراد بالصفة الركن كقولهم باب صفة الصلاة أي : ماهيتها فيكون بيانا للشهادات الأربع وإنما أولناه بذلك ; لأن صفته على وجه السنة لم ينطق به النص وإنما ورد في السنة فالذي نقله المشايخ أن القاضي يقيمهما متقابلين ويقول له التعن فيقول الزوج أشهد بالله إني لمن الصادقين فيما رميتها به من الزنا ، ويقول في الخامسة لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين فيما رماها به من الزنا يشير إليها في كل مرة ثم تقول المرأة أربع مرات أشهد بالله إنه لمن الكاذبين فيما رماني به من الزنا وتقول في الخامسة غضب الله عليها إن كان من الصادقين فيما رماني به من الزنا وإنما ذكر الغضب في جانبها في الخامسة [ ص: 127 ] لأنهن يستعملن اللعن كثيرا كما في الحديث يكثرن اللعن فكان الغضب أردع لها هكذا ذكر المشايخ وذكرالبقاعي في المناسبات أن الغضب أبلغ من اللعن الذي هو الطرد ; لأنه قد يكون بسبب غير الغضب وسبب التغليظ عليها الحث على اعترافها بالحق لما يعضد الزوج من القرينة من أنه لا يتجشم فضيحة أهله المستلزم لفضيحته ألا وهو صادق ولأنها مادة الفساد وهاتكة الحجاب وخالطة الأنساب ا هـ .
وفي رواية الحسن إنه لا بد أن يقول إني لمن الصادقين فيما رميتك به من الزنا وهي تقول إنك لمن الكاذبين فيما رميتني به من الزنا بالخطاب ; لأن في الغيبة شبهة واحتمالا ، وفي ظاهر الرواية لم يعتبر هذا ; لأن كل واحد منهما يشير إلى صاحبه والإشارة أبلغ أسباب التعريف كذا في الكافي .
هذا كله إذا كان القذف بالزنا وإن كان بنفي الولد ذكراه وإن كان بهما ذكراهما وزاد بعضهم بعد القسم الذي لا إله إلا هو والقيام ليس بشرط ; لأنه إما شهادة وإما يمين والقيام ليس بشرط فيهما إلا أنه مندوب إليه { لقوله صلى الله عليه وسلم يا قم فاشهد وللمرأة قومي فاشهدي عاصم } ولأن الحدود مبناها على الشهر فإن قلت هل يشرع الدعاء باللعن على الكاذب المعين قلت قال في غاية البيان من العدة وعن رضي الله عنه أنه قال من شاء باهلته أن سورة النساء القصرى نزلت بعد التي في سورة البقرة أي : من شاء المباهلة أي : الملاعنة باهلته وكانوا يقولون إذا اختلفوا في شيء بهلة الله على الكاذب منا قالوا هي مشروعة في زماننا أيضا ا هـ . ابن مسعود
وقد سئلت في درس الصرغتمشية حين قرأت باب اللعان من الهداية أنهما لو فأجبت بأني لم أر فيها نقلا وينبغي أن لا تقبل ; لأن القذف أخذ موجبه من اللعان وكأنها حدت للزنا فلا تحد ثانيا إلا أن يوجد نقل فيجب اتباعه تلاعنا ثم وجد الزوج بينة على صدقه هل تقبل
. ( قوله فإن التعنا بانت بتفريق الحاكم ولا تبين قبله ) أي : الحاكم الذي وقع اللعان عنده حتى لو لم يفرق الحاكم حتى عزل أو مات فالحاكم الثاني يستقبل اللعان عندهما خلافا كذا في الاختيار وأفاد أنه لو لمحمد ورثه الآخر ، وأنه لو مات أحدهما قبل التفريق لم يفرق بينهما بخلاف ما إذا جن قبل التفريق حيث يفرق بينهما ; لأنه يرجى عود الإحصان وأنه لو ظاهر منها في هذه الحالة أو طلقها أو آلى منها صح لبقاء النكاح وأشار إلى أن القاضي يفرق بينهما ، ولو لم يرضيا بالفرقة كما في شرح النقاية ، وفي التتارخانية . زالت أهلية اللعان في الحال بما لا يرجى زواله بأن أكذب نفسه أو قذف أحدهما إنسانا فحد للقذف أو وطئت وطئا حراما أو خرس أحدهما
ولو يفرق ، ولو تلاعنا فجن أحدهما يفرق ، ولو زنت لا يفرق لزوال الإحصان وإنما توقفت البينونة على التفريق ; لأنه لما حرم الاستمتاع بينهما باللعان فات الإمساك بالمعروف فوجب عليه التسريح وإذا لم يسرح ناب القاضي منابه ; لأنه نصب لدفع الظلم ويدل عليه أنه { تلاعنا فوكل أحدهما بالتفريق وغاب عويمر وبين امرأته فقال عويمر كذبت عليها إن أمسكتها هي طالق ثلاثا فأوقع الثلاث بعد التلاعن ولم ينكر عليه صلى الله عليه وسلم } ، وكذا في واقعة عليه الصلاة والسلام لاعن بين هلال قال الراوي فلما فرغ فرق النبي صلى الله عليه وسلم بينهما فدل على قيام النكاح قبل التفريق وهي تطليقة بائنة وهو خاطب إذا أكذب نفسه عندهما وعند هي حرمة [ ص: 128 ] مؤبدة كما سيأتي ، وفي شرح النقاية ، وأما قول أبي يوسف في المعرفة أن البيهقي عويمرا حين طلقها ثلاثا كان جاهلا بأن اللعان فرقة فصار كمن شرط الضمان في السلف وهو يلزمه شرط أو لم يشرط بخلاف المظاهر ا هـ .
والجواب : أن الاستدلال إنما هو بعدم إنكاره عليه السلام عليه لا بمجرد فعله كما لا يخفى ويقع في بعض الشروح زيادة الفاء في قوله هي طالق ثلاثا وهي من النساخ ; لأن الواقع أن عويمرا نجز طلاقها لا أنه علقه بالإمساك ، وفي التتارخانية