الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                        معلومات الكتاب

                                                                                        البحر الرائق شرح كنز الدقائق

                                                                                        ابن نجيم - زين الدين بن إبراهيم بن محمد

                                                                                        صفحة جزء
                                                                                        ( قوله والله لا أقربك شهرين وشهرين بعد هذين الشهرين إيلاء ) لأن الجمع بحرف الجمع كالجمع بلفظه ، وقوله بعد هذين الشهرين قيد اتفاقي لأنه لو لم يذكره كان الحكم كذلك قيد بالواو بدون تكرار النفي والقسم لأنه لو كرر النفي بأن قال والله لا أقربك شهرين ، ولا شهرين أو كرر القسم بأن قال والله لا أقربك شهرين ، والله لا أقربك شهرين لا يكون موليا لأنهما يمينان فتتداخل مدتهما حتى لو قربها قبل مضي شهرين يجب عليه كفارتان ، ولو قربها بعد مضيهما لا تجب عليه لانقضاء مدتهما ، وحكم اليمين كحكم الإيلاء في عدم التعدد إذا كانت بالواو فقط ، والتعدد إذا تكرر حرف النفي أو القسم ، ولا فرق في تكرار القسم بين تكرار المقسم عليه أو لا حتى لو قال والله والله لا أفعل كذا فهو يمينان في ظاهر الرواية كقوله والله لا أفعل كذا والله لا أفعل كذا ، واعلم أنه لا تلازم بين كونه إيلاء ويمينا فلذلك قد يتعدد البر ، والحنث ، وقد يتحدان ، وقد يتعدد البر ، ويتحد الحنث ، وقلبه مثال الأول إذا جاء غد فوالله لا أقربك إذا جاء بعد غد فوالله لا أقربك فتعدد الإيلاء لتعدد المدة ، وتعدد اليمين لتعدد الذكر فإن تركها أربعة أشهر من اليوم الأول بر في الأولى ، وبانت ، وإذا مضى يوم آخر بر في الثانية وطلقت أيضا ، ولو قربها بعد الغد تجب كفارتان ، وإن قربها في الغد تجب كفارة واحدة ، ومثال الثاني ، والله لا أقربك أربعة أشهر ، وكذا مسألة الكتاب ، ومثال الثالث كلما دخلت هذه الدار فوالله لا أقربك فدخلتها في يوم ثم في يوم ثم في يوم آخر فإن قربها تجب كفارة واحدة لاتحاد الحنث ، وإن تركها أربعة أشهر من اليوم الأول بانت بطلقة فإذا مضى يوم آخر بانت بطلقة أخرى ، وكذا إذا مضى يوم آخر بانت بثالثة لتعدد البر ، وفي فتح القدير ، وفي المثال نظر لأن الحلف بالله وقع جزاء لشرط متكرر فيلزم تكرره .

                                                                                        ولا يشكل بأنه لا حلف عند الشرط الثاني والثالث لأنه لم يوجد فيه ذكر اسم الله تعالى ، وإلا لزم أن لا حلف عند الشرط الأول أيضا ، ومع ذلك ثبت الحلف عنده ، ولعله اشتبه بوالله كلما دخلت الدار لا أقربك أو بكلما دخلت الدار فوالله لا أقربك . ا هـ .

                                                                                        والجواب لا اشتباه لأن المنقول في الفتاوى كالولوالجية ، والبزازية أن الطلاق ، والعتاق ، والظهار متى علق بشرط متكرر يتكرر ، واليمين لا ، وإن علق بمتكرر حتى لو قال كلما دخلت الدار فوالله لا أكلم زيدا فدخل الدار مرارا لا يتكرر اليمين لأنه إنشاء عقد ، والإنشاء يتكرر بلا تكرر صيغته ألا ترى أنه لا يتعدد ، وإن [ ص: 70 ] سمي التعدد لأن الكفارة تلزم بلا هتك حرمة اسم الله تعالى . ا هـ .

                                                                                        وقوله وإلا لزم أن لا حلف عند الشرط الأول ممنوع لأنه صريح قيد كما لا يخفى ، ومثال الرابع أعني اتحاد الإيلاء ، وتعدد اليمين إذا جاء غد فوالله لا أقربك ثم قال في المجلس إذا جاء غد فوالله لا أقربك فهو إيلاء واحد في حكم البر حتى لو مضت أربعة أشهر من الغد طلقت ، وإن قربها فعليه كفارتان لاتحاد المدة ، وتعدد الاسم .

                                                                                        التالي السابق


                                                                                        ( قوله ومثال الثالث كلما دخلت إلخ ) في كثير من النسخ ، ومثال الثاني ، وهو تحريف [ ص: 70 ] ( قوله وقوله وإلا لزم أن لا حلف عند الشرط الأول ممنوع إلخ ) قال المقدسي في شرحه قد خفي عليه أن مراد المحقق بالشرط ذاته أي نفس الدخول لا التلفظ به




                                                                                        الخدمات العلمية