( باب طلاق المريض ) .
لما كان المرض من العوارض أخره ، ومعناه ضروري فتعريفه تعريف بالأخفى ، والمراد به هنا من عجز عن القيام بحوائجه خارج البيت كعجز الفقيه عن الإتيان إلى المسجد وعجز السوقي عن الإتيان إلى دكانه فأما من يذهب ويجيء ويحم فلا ، وهو الصحيح ، وهذا في حقه أما في حقها فيعتبر عجزها عن القيام بمصالحها داخل البيت كذا في البزازية ، وزاد في فتح القدير أن لا تقدر على الصعود إلى السطح ، وفي صلاة المريض الذي يباح له ترك القيام أن يكون بحيث يلحقه بالقيام ضرر على الأصح كما في الجوهرة ، وليس الحكم هنا مقصورا على المريض بل المراد من يخاف عليه الهلاك غالبا ، وإن كان صحيحا كما سيأتي ، وقد علم من كلامهما أنه لتعلق حقها بماله إلا إذا رضيت به ( قوله لا يجوز للزوج المريض التطليق ورثت وبعدها لا ) لأن الزوجية سبب إرثها في مرض موته ، والزوج قصد إبطاله فيرد عليه قصده بتأخير عمله إلى زمن انقضاء العدة دفعا للضرر عنها ، وقد أمكن لأن النكاح في العدة يبقى في حق بعض الآثار فجاز أن يبقى في حق إرثها عنه بخلاف ما بعد الانقضاء لأنه لا مكان ، والزوجية في هذه الحالة ليست بسبب لإرثه عنها فيبطل في حقه خصوصا إذا رضي به ، وفي الظهيرية ، وإن طلقها رجعيا أو بائنا في مرض موته ، ومات في عدتها ففي الميراث يؤخذ بالأقل لأن المال لا يستوجب بالشك ا هـ . كانت المطلقة في المرض مستحاضة ، وكان حيضها مختلفا
أطلق الرجعي ليفيد أنها ترث ، وإن طلق في الصحة ما دامت في العدة لبقاء الزوجية بينهما حقيقة حتى حل الوطء ، وورثها إذا ماتت فيها .
ولا يشترط أهليتها للإرث وقت الطلاق بل وقت موته حتى لو ورثته ، وأطلق البائن فشمل الواحدة والثلاث ، وترك كانت في الرجعي مملوكة أو كتابية ثم أعتقت أو أسلمت في العدة المصنف قيد الطواعية ، ولا بد منه لأنه لو لا ترث كما لو أكره على طلاقها البائن فإنها ترث كما في القنية ، وذكر في جامع الفصولين خلافا فيه ، وقيد بأن يكون في مرضه احترازا عما إذا طلق في الصحة ثم مرض ، ومات ، وهي في العدة لا ترث منه ، ولو أكرهت على سؤالها الطلاق صار فارا بالبيان ، وترث لأنه كالإنشاء في حق الإرث للتهمة ، وتمامه في الكافي ، وأراد به المرض الذي اتصل به الموت لأن حقها لا يتعلق بماله إلا به فلو طلقها في مرضه ثم صح ثم مات ، وهي في العدة لا ترث منه كما سيأتي ، ولو قال صحيح لامرأتيه إحداكما طالق ثم بين في مرضه في إحداهما فلها الميراث لأنه قد اتصل الموت بمرضه كذا في الظهيرية ، ولا بد في البائن أن تكون أهلا للميراث وقت الطلاق ، والموت ، وما بينهما ، وسيأتي ، ولا يشترط علمه بأهليتها للميراث حتى لو طلقها بائنا في مرضه ، وقد كان سيدها أعتقها قبل ، ولم يعلم به الزوج كان فارا . طلقها في مرضه ثم قتل أو مات من غير ذلك المرض غير أنه لم يبرأ
وكذا لو كان كما في الظهيرية بخلاف ما لو تحته كتابية فأسلمت فطلقها الزوج ثلاثا ، وهو لا يعلم بإسلامها إن علم الزوج بكلام المولى كان فارا ، وإلا فلا كما في الخانية لأنه [ ص: 47 ] وقت التعليق لم يقصد إبطال حقها حيث لم يعلم ، وإن صارت أهلا قبل نزول الطلاق ، ولم تكن حرة وقت التعليق لأن عتقها مضاف بخلاف ما إذا كانت حرة وقته ، ولم يعلم به لأنه أمر حكمي فلا يشترط العلم به ، ولو علق طلاقها البائن بعتقها كان فارا كما في الظهيرية ، ولو علق طلاقها بمرضه كما إذا قال المولى لأمته أنت حرة غدا ، وقال الزوج أنت طالق ثلاثا بعد غد يكون فارا لأنه جعل شرط الحنث المرض مطلقا كما في الولوالجية ، وصححه في الخانية ، وشمل كلامه ما إذا وكل بطلاقها ، وهو صحيح ثم مرض فطلق الوكيل بشرط أن يقدر على عزله أما إذا لم يستطع عزله حتى طلقها في مرضه لا ترث منه كما في الظهيرية ، وفي الولوالجية لو قال إن مرضت فأنت طالق ثلاثا ورثته لأنهم يدعون عليها الحرمان بالطلاق في الصحة ، وهي تنكر فيكون القول لها كما لو قالت طلقني ، وهو نائم ، وقالوا في اليقظة كان القول لها ، وفي الخانية لو قالت بعد موته طلقني في مرضه ثلاثا ، وكذبها الورثة في الطلاق في المرض فالقول للورثة ، ولا يعتبر قول مولاها كما إذا ادعت أنها أسلمت في حياته ، وقال الورثة أسلمت بعد موته فالقول لهم ، والقول لها في أنه مات قبل انقضاء عدتها مع اليمين فإن نكلت لا إرث لها ، ولو تزوجت قبل موته ثم قالت لم تنقض عدتي لا يقبل قولها ، ولو لم تتزوج لكنها قالت أيست ثم مات بعد مضي ثلاثة أشهر من وقت إقرارها لا ميراث لها ا هـ . كانت المرأة أمة قد عتقت ، ومات الزوج فادعت المرأة العتق في حياة الزوج ، وادعت الورثة أنه كان بعد موته
وفي المحيط وإن لم يعلم منها كفر فقالت الورثة كنت كتابية ، وأسلمت بعد موت الزوج ، وهي تقول ما زلت مسلمة فالقول قولها لأن الورثة يدعون بطلان حقها ، وهي تنكر ، ولو فالقول لهم لأنه ظهر بطلان حقها حيث كانت مسلمة للحال فهي تدعي ثبوت حقها في ماله ، والورثة ينكرونه . ا هـ . مات الزوج كافرا فقالت امرأة مسلمة أسلمت بعد موت زوجي ، وقالت الورثة بل كنت مسلمة قبل موته
وأشار بقوله في عدتها إلى أنها مدخولة فلو أبانها قبل الدخول بها فلا ميراث لها لأنه تعذر إبقاء الزوجية في غير حالة العدة كما في المحيط ، وقيد بموته لأنه لو ماتت المرأة لم يرثها الزوج بحال لأن الزوج بالطلاق رضي ببطلان حقه كذا في المحيط ، وفي جامع الفصولين طلقها في المرض فمات بعد مضي العدة فالمشكل من متاع البيت لوارث الزوج إذا صارت أجنبية بمضي العدة ، ولم يبق لها يد ، ولو مات قبل العدة فالمشكل من متاع البيت للمرأة عند لأنها ترث فلم تكن أجنبية فكأنه مات قبل الطلاق . ا هـ . . أبي حنيفة
[ ص: 46 ]