( قوله : ) يعني على سبيل الندب كما صرح به في أصله الوافي والمراد بالرجاء غلبة الظن أي يغلب على ظنه أنه يجد الماء في آخر الوقت ، وهذا إذا [ ص: 163 ] كان بينه وبين موضع يرجوه ميل أو أكثر ، فإن كان أقل منه لا يجزئه التيمم ، وإن خاف فوت وقت الصلاة ، فإن كان لا يرجوه لا يؤخر الصلاة عن أول الوقت ; لأن فائدة الانتظار احتمال وجد أن الماء فيؤديها بأكمل الطهارتين ، وإذا لم يكن له رجاء وطمع فلا فائدة في الانتظار وأداء الصلاة في أول الوقت أفضل إلا إذا تضمن التأخير فضيلة لا تحصل بدونه كتكبير الجماعة ولا يتأتى هذا في حق من في المفازة فكان التعجيل أولى ; ولهذا كان أولى للنساء أن يصلين في أول الوقت ; لأنهن لا يخرجن إلى الجماعة كذا في مبسوطي وراجي الماء يؤخر الصلاة شمس الأئمة وفخر الإسلام كذا في معراج الدراية وكذا في كثير من شروح الهداية وتعقبهم في غاية البيان بأن هذا سهو وقع من الشارحين وليس مذهب أصحابنا كذلك ، فإن كلام أئمتنا صريح في استحباب تأخير بعض الصلوات من غير اشتراط جماعة وما ذكروه في التيمم مفهوم والصريح مقدم على المفهوم .
وأجاب عنه في السراج الوهاج بأن الصريح محمول على ما إذا تضمن ذلك فضيلة كتكثير الجماعة ; لأنه إذا لم يتضمن ذلك لم يكن للتأخير فائدة وما لا فائدة فيه لم يكن مستحبا وهل يؤخر عند الرجاء إلى وقت الاستحباب أو إلى وقت الجواز أقوال ثالثها إن كان على ثقة فإلى آخر وقت الجواز ، وإن كان على طمع فإلى آخر وقت الاستحباب وأصحها الأول كذا في السراج الوهاج والحق ما في غاية البيان ، فإن ذكر في الأصل أن تأخير الصلاة أحب إلي ولم يفصل بين الرجاء وغيره والذي في مبسوط محمدا شمس الأئمة إنما هو إذا كان لا يرجو فلا يؤخر الصلاة عن وقتها المعهود أي عن وقت الاستحباب ، وهو أول النصف الأخير من الوقت في الصلاة التي يستحب تأخيرها
أما إذا كان يرجو فالمستحب تأخيرها عن هذا الوقت المستحب ، وهذا هو مراد من قال بعدم استحباب التأخير إذا كان لا يرجو ، وليس المراد بالتعجيل الفعل في أول وقت الجواز حتى يلزم أن يكون أفضل ويدل على ما قلناه ما ذكره الإسبيجابي في شرح مختصر بقوله ، وإن لم يكن على طمع من وجود الماء ، فإنه يتيمم ويصلي في وقت مستحب ولم يقل يصلي في أول الوقت وقال الطحاوي في مناقبه : والأوجه أن يحمل استحباب التأخير مع الرجاء إلى آخر النصف الثاني وعدم استحبابه إلى هذا عند عدم الرجاء بل الأفضل عند عدم الرجاء الأداء في أول النصف الثاني بدليل قولهم المستحب أن يسفر بالفجر في وقت يؤدي الصلاة بالقراءة المسنونة ثم لو بدا له في الصلاة الأولى ريب يؤدي الثانية بالطهارة والتلاوة المسنونة أيضا وذلك لا يتأتى إلا في أول النصف الثاني ا هـ . الكردري
وفي الخلاصة وغيرها المسافر إذا كان على تيقن من وجود الماء أو غالب ظنه على ذلك في آخر الوقت فتيمم في أول الوقت وصلى إن كان بينه وبين الماء مقدار ميل جاز ، وإن كان أقل ولكن يخاف الفوت لا يتيمم ا هـ .
فحاصله أن [ ص: 164 ] البعد مجوز للتيمم مطلقا وفي معراج الدراية معزيا إلى المجتبى ويتخالج في قلبي فيما إذا كان يعلم أنه إن أن يصلي في أول الوقت مراعاة لحق الوقت وتجنبا عن الخلاف ا هـ . أخر الصلاة إلى آخر الوقت بقرب من الماء بمسافة أقل من ميل لكن لا يتمكن من الصلاة بالوضوء في الوقت الأولى
وذكر في المناقب أن هذه المسألة أول واقعة خالف أستاذه أبو حنيفة حمادا فصلى حماد بالتيمم في أول الوقت ووجد الماء في آخر الوقت وصلاها ، وكان ذلك غرة اجتهاده فقبلها الله تعالى منه وصوبه فيه ، وكانت هذه الصلاة صلاة المغرب ، وكان خروجهما لأجل تشييع الأعمش . أبو حنيفة
[ ص: 163 ]