قوله : ( ) يعني عند ومن واحدة أو ما بين واحدة إلى ثنتين واحدة وإلى ثلاث ثنتان فتدخل الغاية الأولى دون الثانية وقالا بدخولهما فيقع في الأولى ثنتان ، وفي الثانية ثلاث استحسانا بالتعارف إلا أنهما أطلقا فيه أبي حنيفة يقول إنما تدخل الغايتان عرفا فيما مرجعه الإباحة كخذ من مالي من عشرة إلى مائة وبع عبدي بمال من مائة إلى ألف وكل من الملح إلى الحلو فله أخذ المائة ، والبيع بألف وأكل الحلواء ، وأما ما أصله الحظر حتى لا يباح إلا لدفع الحاجة فلا ، والطلاق منه فكان قرينة على عدم إرادة الكل غير أن الغاية الأولى لا بد من وجودها ليرتب عليها الطلقة الثانية في صورة إيقاعها وهي صورة من واحدة إلى ثلاث إذ لا ثانية بلا أولى ووجود الطلاق عين وقوعه بخلاف الغاية الثانية وهي ثلاث في هذه الصورة فإنه يصح وقوع الثانية بلا ثالثة أما صورة من واحدة إلى ثنتين فلا حاجة إلى إدخالها لأنها إنما دخلت ضرورة إيقاع الثانية وهو منتف وإيقاع الواحدة ليس باعتبار إدخالها غاية بل بما ذكرنا من انتفاء العرف فيه فلا تدخل فيلغو قوله : من واحدة إلى ثنتين ويقع بطالق واحدة ولا يرد أنت طالق ثانية حيث لا يقع إلا واحدة لأن ثانية لغو فيقع بأنت طالق ، وقد ظهر بهذا التقرير أن الاختلاف إنما نشأ من اعتبار إثبات العرف وعدمه مع الاتفاق على اعتبار العرف فلا يرد دخول المرافق لأن العرف لما أدخل ما بعد إلى تارة وأخرجه أخرى كان الاحتياط الدخول فإن قيل ما بين هذا وهذا يستدعي وجود الأمرين ووجودهما وقوعهما فيقع الثلاث الجواب إن ذلك في المحسوسات وأما ما نحن فيه من الأمور المعنوية فإنما يقتضي الأول واحتمال وجود الثاني عرفا ففيما بين الستين إلى السبعين يصدق إذا لم يبلغ السبعين كذا في فتح القدير ، وفي جامع الفصولين لو باع بالخيار إلى غد دخل الغد في الخيار ولو وأبو حنيفة لا يحنث ما لم تغرب الشمس من اليوم الخامس وكذا لا يكلمه إلى عشرة أيام دخل العاشر وكذا في إن تزوجت إلى عشر سنين دخلت العاشرة وأما في الإجارة ففي بعض الكتب لو أجر إلى خمس سنين دخلت الخامسة ، وفي عامة الكتب لا تدخل ا هـ . حلف ليقضين دينه إلى خمسة أيام
وتمام تقريره في شرحنا المسمى بتعليق الأنوار على أصول المنار ولو نوى في الثانية واحدة دين ديانة لا قضاء لأنه يحتمله وهو خلاف الظاهر وأشار بقوله إلى ثنتين إلى أنه لو قال : من واحدة إلى واحدة تقع واحدة بالأولى اتفاقا وقيل لا يقع شيء عند لأنه لا يقول بدخول الغايتين ، والأصح الوقوع عنده بطالق ويلغو ما بعده كذا في المعراج وقيد بقوله إلى ثلاث لأنه لو قال ما بين واحدة وثلاث بحرف العطف دون الغاية وقعت واحدة عند الكل إلا إن كان فيه العرف الكائن في الغاية ولو قال من [ ص: 285 ] واحدة إلى عشرة وقعت ثنتان عند زفر وقيل ثلاث بالإجماع لأن اللفظ معتبر في الطلاق حتى لو أبي حنيفة وقعن بخمسمائة ورجحه في القنية بأنه أحسن من حيث المعنى ، وفيها لو قالت طلقني ستا بألف فطلقها ثلاثا تقع ثلاث قال قال أنت طالق من ثلاث إلى واحدة بديع رحمه الله تعالى وينبغي أن يكون هذا بالاتفاق ثم ظهر لي أنه على قولهما وهو منصوص عليه في بعض الكتب أنه يقع عنده ثنتان وعندهما ثلاث ا هـ . .
[ ص: 284 ]