الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                        معلومات الكتاب

                                                                                        البحر الرائق شرح كنز الدقائق

                                                                                        ابن نجيم - زين الدين بن إبراهيم بن محمد

                                                                                        صفحة جزء
                                                                                        ( قوله والمجوسية والوثنية ) أي وحرم تزوجهما على المسلم ، أما المجوسية فلقوله عليه السلام { سنوا بهم سنة أهل الكتاب غير ناكحي نسائهم ولا آكلي ذبائحهم } أي اسلكوا بهم طريقتهم يعني عاملوهم معاملتهم في إعطاء الأمان بأخذ الجزية منهم كذا في المغرب ، وأما الوثنية فلقوله تعالى { ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن } والمراد بالمجوس عبدة النار وذكر [ ص: 110 ] الكتابية بعدها دليل على أن المجوس لا كتاب لهم ، وقد نقل في المبسوط عن علي رضي الله عنه إباحة نكاح المجوسية بناء على أن لهم كتابا إلا أن ملكهم واقع أخته ولم ينكر عليه فرفع كتابهم فنسوه ، وليس هذا الكلام بشيء ; لأن المنع من نكاحهم لكونهم عبدة النار فهم داخلون في المشركين فكونهم كان لهم كتاب أولا لا أثر له وعليه إجماع الأئمة الأربعة كالإجماع على حرمة الوثنية وهي المشركة .

                                                                                        وفي غاية البيان هي التي تعبد الوثن أي الصنم والنص عام يدخل تحته سائر المشركات وفي فتح القدير ويدخل في عبدة الأوثان عبدة الشمس والنجوم والصور التي استحسنوها والمعطلة والزنادقة والباطنية والإباحية وفي شرح الوجيز وكل مذهب يكفر به معتقده فهو يحرم نكاحها ; لأن اسم المشرك يتناولهم جميعا ا هـ .

                                                                                        وينبغي أن من اعتقد مذهبا يكفر به ، إن كان قبل تقدم الاعتقاد الصحيح فهو مشرك ، وإن طرأ عليه فهو مرتد كما لا يخفى وقال الرستغفني لا تجوز المناكحة بين أهل السنة والاعتزال وقال الفضل لا يجوز بين من قال أنا مؤمن إن شاء الله تعالى ; لأنه كافر ومقتضاه منع مناكحة الشافعية واختلف فيها هكذا ، قيل : يجوز ، وقيل : يتزوج بنتهم ولا يزوجهم بنته وعلله في البزازية بقوله تنزيلا لهم منزلة أهل الكتاب ، وقد قدمنا في باب الوتر والنوافل إيضاح هذه المسألة وأن القول بتكفير من قال أنا مؤمن إن شاء الله غلط ويجب حمل كلامهم على من يقول ذلك شاكا في إيمانه والشافعية لا يقولون به ، فتجوز المناكحة بين الحنفية والشافعية بلا شبهة .

                                                                                        وأما المعتزلة فمقتضى الوجه حل مناكحتهم ; لأن الحق عدم تكفير أهل القبلة كما قدمنا نقله عن الأئمة في باب الإمامة وأفاد بحرمة نكاحهما حرمة وطئهما أيضا بملك اليمين خلافا لسعيد بن المسيب وجماعة ، لو ورد الإطلاق في سبايا العرب كأوطاس وغيرها وهن مشركات وعامة العلماء منعوا من ذلك للآية ، فأما أن يراد بالنكاح الوطء أو كل منه ومن العقد بناء على أنه مشترك في سياق النفي أو خاص في الضم وهو ظاهر في الأمرين ويمكن كون سبايا أوطاس أسلمن ، وقيدنا بالمسلم لما في الخانية : وتحل المجوسية والوثنية لكل كافر إلا المرتد ا هـ .

                                                                                        يعني يجوز تزوج اليهودي نصرانية أو مجوسية وعكسه جائز ; لأنهم أهل ملة واحدة من حيث الكفر وإن اختلفت نحلهم .

                                                                                        التالي السابق


                                                                                        الخدمات العلمية