وإن لم يكن لهما الإجبار في بعض الصور الآتية ، فالمراد به من شأنه الإجبار ومثله الحاكم عند عدمه : أي أصلا ، أو بأن لم يمكن الرجوع إليه ، والمجبر بالنصب مفعول مقدم ( تزويج ) بالرفع فاعل مؤخر ( مجنونة ) أطبق جنونها ( بالغة ) محتاجة للوطء نظير ما يأتي ، أو للمهر أو للنفقة ولو ثيبا ، وحذف الحاجة اكتفاء بالبلوغ لأنه مظنتها غالبا ( ومجنون ) أطبق جنونه بالغ ( ظهرت حاجته ) بظهور أمارات توقانه بدورانه حول النساء أو بتوقع الشفاء بقول عدل طبيب أو باحتياجه لمن يخدمه ولم يوجد من يقوم بذلك من نحو محرم ومؤن النكاح أخف من ثمن سرية ومؤنتها ، ولا نظر إلى أن الزوجة لا يلزمها خدمته وإن وعدت فقد لا تفي اكتفاء بداعية طبعها ومسامحتها [ ص: 247 ] له غالبا بل أكثرهن بعد تركه رعونة وحمقا وذلك للحاجة ، وقول ( ويلزم المجبر ) أي الأب والجد الشارح والحكمة في المخالفة بينهما أن تزويجها يفيدها المهر والنفقة وتزويجه يغرمه إياهما بناء على حسب ما فهمه ، وليس كذلك بل وجود الحاجة كاف فيهما إذ المناط في كل الحاجة لا غير كما يصرح به كلام الروضة وأصلها فإنهما قيدا فيهما بالحاجة بظهور أمارات التوقان ، لكن يلزم من ظهوره فيه ظهورها بخلافه فيها للحياء الذي جبلن عليه ، فمن ثم ذكر الظهور فيه دونها ، وقد عبر الشيخ في منهجه بما يفيد التسوية بينهما ، واعتذر عن المصنف بأن البلوغ مظنة الحاجة إلى النكاح ، ولهذا لم يقيد المجنون بالبلوغ لدلالة الحاجة عليه ، وقيل إن ذلك من الاحتباك الذي هو من أنواع البديع ، وهو أن يحذف من الأول ما أثبت آخرا وعكسه ، فحذف ظهور الحاجة في المجنونة وأثبت البلوغ فيها ، وحذف في المجنون البلوغ وذكر فيه الحاجة كما في قوله تعالى { فئة تقاتل في سبيل الله } أي مؤمنة { وأخرى كافرة } أي تقاتل في سبيل الشيطان ، ولا يخالف ما تقرر قول المصنف الآتي ، إن ظهرت مصلحة ، ولا تشترط الحاجة لأن ذلك في جواز التزويج له وهذا في لزومه ، أما إذا تقطع جنونهما لم يزوجا حتى يفيقا ويأذنا وتستمر إفاقتهما إلى تمام العقد ، وعلم مما مر أن هذا في غير البكر بالنسبة للمجبر ( لا صغيرة وصغير ) فلا يلزم تزويجهما ولو مجنونين كما يأتي ، وإن ظهرت الغبطة في ذلك لعدم الحاجة حالا مع ما في النكاح من الأخطار ، أو المؤن ، وبه فارق وجوب بيع ماله عند الغبطة ( ويلزم المجبر ) بالنصب وهو الأب والجد ( وغيره إن تعين ) كأخ واحد ، أو عم ويزوج المجنونة أب وجد دعت إلى كفء تحصينا لها وحصول الغرض بتزويج السلطان لا نظر إليه لأن فيه مشقة وهتكا ، على أن تعدد الأولياء لا يمنع التعيين على من شاءت منهم كما قال ( فإن [ ص: 248 ] لم يتعين كإخوة ) أشقاء ، أو لأب ( فسألت بعضهم ) أن يزوجها ( لزمه الإجابة في الأصح ) لئلا يؤدي إلى التواكل كشاهدين معهما غيرهما طلب منهما الأداء ، فإن امتنع الكل زوج السلطان بالعضل . ( إجابة ) بالغة ( ملتمسة التزويج )
والثاني المنع لإمكانه بغيره .