[ ص: 94 ] فصل ) في الرجوع عن الوصية ( له ) إجماعا وكالهبة قبل القبض بل أولى ، ومن ثم لم يرجع في تبرع نجزه في مرض موته لغير فرعه وإن اعتبر من الثلث ; لأنه عقد تام ( وعن بعضها ) ككلها ، ولا تقبل بينة الوارث به إلا إن تعرضت لصدوره بعد الوصية ، ولا يكفي عنه قوله رجع عن جميع وصاياه ، الرجوع عن الوصية ( بقوله نقضت الوصية أو أبطلتها أو رجعت فيها أو فسختها ) أو رددتها أو أزلتها أو رفعتها وكلها صرائح كهو حرام على الموصى له ( أو ) بقوله ( هذا ) إشارة إلى الموصى به ( لوارثي ) أو ميراث عني وإن لم يقل بعد موتي ; لأنه لا يكون كذلك إلا وقد أبطل الوصية فيه فصار كقوله رددتها ، ويفرق بينه وبين ما لو أوصى بشيء لزيد ثم به لعمرو ، ومثله ما لو أوصى بحامل لزيد ويحملها لعمرو أو عكس ، وقلنا بأن الوصية بها تستتبع الحمل فإنه يشرك بينهما لاحتمال نسيانه للأولى بأن الثاني هنا لما ساوى الأول في كونه موصى له وطارئا استحقاقه لم يكن ضمه إليه صريحا في رفعه فأثر فيه احتمال النسيان وشركنا لعدم المرجح ، بخلاف الوارث فإنه مغاير له واستحقاقه أصلي فكان ضمه إليه رافعا لقوته وفرق أيضا بأن عمرا لقب ولا مفهوم له ووارثي مفهومه صحيح : أي لا لغيره فيه ، وينتقض بما لو أوصى لزيد بشيء ثم أوصى به لعتيقه أو قريبه غير الوارث فإن صريح كلامهم التشريك بينهما هنا مع أن الثاني له مفهوم صحيح فالأقعد ما تقدم من الفرق ولا أثر لقوله هو من تركتي ، وعلم مما مر من أن التعليل بانتفاء المرجح أنه لو قال بما أوصيت به لعمرو أو أوصى بشيء للفقراء ثم أوصى ببيعه وصرف ثمنه للمساكين أو أوصى به لزيد ثم بعتقه أو عكسه كان رجوعا لوجود مرجح الثانية من النص على الأولى الرافع لاحتمال النسيان المقتضي للتشريك ومن ثم لو كان ذاكرا للأولى [ ص: 95 ] اختص بها الثاني على ما بحثه بعضهم ومن كون الثانية مغايرة للأولى فيتعذر التشريك ، لكن قد ينازع في البحث المذكور تعليلهم التشريك باحتمال إرادته دون الرجوع ، إلا أن يقال : هذا الاحتمال لا أثر له لإتيانه في هذا لوارثي فالأوجه ما سبق ، وإنكارها بعد أن سئل عنها على ما مر في جحد الوكالة كما قاله ويحصل الرجوع الرافعي وجزم به في الأنوار ( وبيع ) وإن حصل بعده فسخ ولو بخيار المجلس ( وإعتاق ) وتعليقه وإيلاد وكتابة ( وإصداق ) لما وصى به وكل تصرف ناجز لازم إجماعا لدلالته على الإعراض ( وكذا هبة أو رهن ) له مع قبض لزوال الملك في الهبة وتعريضه للبيع في الرهن ( وكذا دونه في الأصح ) لدلالتهما على الإعراض وإن لم يوجد قبول بل وإن فسدا من وجه آخر على الأوجه ، والثاني لا لبقاء ملكه ( وبوصية بهذه التصرفات ) البيع وما بعده لإشعارها بالإعراض ( وكذا توكيل في بيعه وعرضه ) يصح رفعه ، وكذا جره فيفيد أن توكيله في العرض رجوع ( عليه في الأصح ) ; لأنه توسل إلى أمر يحصل به الرجوع بخلاف وطء وإن أنزل ، ولا نظر لإفضائه لما به الرجوع لبعده والثاني لا ; لأنه قد لا يوجد ولو هلك جميع ما له لم تبطل الوصية ; لأن الثلث مطلقا لا يختص بما عنده حال الوصية بل العبرة بما يملكه عند الموت زاد أو نقص ( وخلط حنطة معينة ) وصى بها بمثلها أو أجود أو أردأ بحيث لا يمكن التمييز منه أو من مأذونه ( رجوع ) لتعذر التسليم بما أحدثه في العين ، بخلاف ما إذا أمكن التمييز أو اختلطت بنفسها أو كان الخلط من غيره بغير إذنه فيما يظهر لما يأتي من الفرق بين الهدم ونحو الطحن . واعلم أنهم أطلقوا الغير هنا وهو مناف لقولهم في الغصب لو صدر خلط ولو من الغاصب لمغصوب مثلي أو متقوم بما لا يتميز من جنسه أو غيره أجود أو أردأ أو مماثلا كان إهلاكا فيملكه الغاصب ، بخلاف خلط متماثلين بغير تعد فإنه يصيرهما مشتركين ا هـ . [ ص: 96 ] وحينئذ فما هنا مفروض في خلط لا يقتضي ملك المخلوط للخالط ، وفرع الشيخ على عدم الرجوع أن الزيادة الحاصلة بالجودة غير متميزة فتدخل في الوصية ، ويوجه بأن الخلط حيث لم يملك به الخالط يصير المختلطان مشتركين كما علم من كلامهم المذكور ، وحينئذ فيصير الموصى له شريكا للمالك المخالط بالأجزاء سواء الوارث وغيره فيقتسمانه سواء استويا في الجودة أم لا