ولو جاز وإن تعذر معه إعادة الأول أو لم يعرض صاحبه ، كما لو انتقل الواقف [ ص: 396 ] أو القاعد في الشارع لا للمعاملة فإنه يبطل حقه بمجرد انتقاله ، وإنما اعتبر الإعراض في الجالس فيه للمعاملة ; لأنها لا تدوم ، بل الانتقال عنها ثم العود إليها ضروري ، فاعتبر الإعراض بخلاف ما هنا فاعتبر الانهدام ، وأيضا فالارتفاق بالقعود للمعاملة اختصاص بالأرض التي من شأنها أن تملك بالإحياء قصدا فقوي الحق فيها فثبت استحقاقه ما دام مقبلا عليه ، والاختصاص بالهواء اختصاص بما لا يقبل الملك إلا تبعا ، ولا شيء يقتضي التبعية فضعف الحق فيه فلذلك زال بزواله ، فاندفع ما انهدم جناحه فسبقه جاره إلى بناء جناح بمحاذاته للإسنوي تبعا للرافعي من الاعتراضات هنا .
نعم واستمر الشارع لم يزل حق الأول بانهدام جناحه لسبق حقه بالإحياء ، لو بنى دارا بموات وأخرج لها جناحا ، ثم بنى آخر دارا تحاذيه ما لم يضر بالمار عليه ومقابله ما لم يبطل انتفاعه به . وله إخراج جناح تحت جناح جاره وفوقه
أو وقفه المالك ولا يحتاج في غير ملكه إلى لفظ ، والطريق ما جعل عند إحياء البلد أو قبله طريقا ويجوز إحياؤها كما رجحه وبنيات الطريق التي تعرفها الخواص ويسلكونها لا تصير طريقا بذلك القمولي ; لأن أكثر الموات لا يخلو عن ذلك ، وحيث وجد طريقا عمل فيه بالظاهر من غير نظر إلى أصله ، وتقدير الطريق إلى خيرة من أراد أن يسلبه من ملكه ، والأفضل توسيعه وعند الإحياء إلى ما اتفق عليه المحيون ، فإن تنازعوا جعل سبعة أذرع كما رجحه المصنف لخبر [ ص: 397 ] الصحيحين بذلك واعترضه جمع بأن المذهب اعتبار قدر الحاجة والخبر محمول عليه ولا يغير عما هو عليه ، ولو زاد على السبعة على قدر الحاجة فلا يجوز الاستيلاء على شيء منه وإن قل ، بحيث لا يضر بالمارة ( ويحرم الصلح على إشراع الجناح ) أو نحوه من ساباط بعوض وإن كان ويجوز إحياء ما حوله من الموات الإمام ; لأن الهواء لا يفرد بعقد ، وإنما يتبع القرار كالحمل مع الأم ، ولأنه إن ضر امتنع فعله وإلا استحقه مخرجه وما يستحقه الإنسان في الطريق لا يجوز أخذ عوض عنه كالمرور .