ثم شرع في ذكر ثمر المبيع وهو المقصود منه ولو مشموما كما لو رد فقال : المعين كالنصف ( للبائع وللمشتري عمل به ) سواء فيما قبل التأبير وبعده [ ص: 139 ] وفاء بالشرط ، ولو شرط غير المؤبرة للمشتري كان تأكيدا كما قاله ( وثمرة النخل المبيع إن شرطت ) جميعها أو بعضها المتولي أو للبائع صح أيضا وإن قيل ينبغي أن يكون كشرط الحمل .
لأنا نقول : إنما بطل البيع بشرط استثناء البائع الحمل أو منفعته شهرا لنفسه لأن الحمل لا يفرد بالبيع والطلع يفرد به ، ولأن عدم المنفعة يؤدي لخلق المبيع عنها وهو مبطل ( وإلا ) أي إن لم يشرط لواحد منهما بأن سكت عن ذلك ( فإن لم يتأبر منها شيء فهي للمشتري وإلا ) بأن تأبر بعضها ولو طلع ذكر وإن قل ولو في غير وقته كما هو قضية إطلاقهم خلافا للماوردي وإن تبعه ابن الرفعة ( فللبائع ) جميعها ما تأبر وغيره لخبر الشيخين } أي المشتري من باع نخلا قد أبرت فثمرتها للبائع إلا أن يشترطها المبتاع دل منطوقه على أن المتأبرة للبائع وإن لم يشرط له ، ومفهومه أن غير المؤبرة للمشتري إلا أن يشترطها البائع ، ودل الاستثناء على أنها للمشتري عند اشتراطها له وإن تأبرت ، وكونها لواحد ممن ذكر صادق بأن تشترط له أو يسكت عن ذلك ، وافترقا بالتأبير [ ص: 140 ] وعدمه لأنها في حالة الاستتار كالحمل وفي حالة الظهور كالولد ، وألحق بالنخل سائر الثمار وبتأبير كلها تأبير بعضها بتبعية غير المؤبر للمؤبر لما في تتبع ذلك من العسر ، والتأبير تشقق طلع الإناث وذر طلع الذكور فيه فيجيء رطبها أجود مما لم يؤبر ، والعادة الاكتفاء بتأبير البعض والباقي يتشقق بنفسه وينبث ريح الذكور إليه ، وقد لا يؤبر شيء ويتشقق الكل والحكم فيه كالمؤبر اعتبارا بظهور المقصود ، ويستفاد صورة تشققه بنفسه من تعبيره بيتأبر خلافا لما توهمه عبارة أصله . {
على أي لون كان ( كتين وعنب إن برز ثمره ) أي ظهر ( فللبائع وإلا ) بأن لم يبرز ( فللمشتري ) إلحاقا لبروزه بتشقق الطلع ، ولا يعتبر تشقق القشر الأعلى من نحو جوز بل هو للبائع مطلقا لاستتاره بما هو من صلاحه ولأنه لا يظهر بتشقق الأعلى عنه ولو ظهر بعض التين أو العنب فيما ظهر للبائع ، وما لم يظهر فللمشتري كما في التتمة والمهذب والتهذيب وإن توقفا فيه وجزم في الأنوار بالتوقف ، وحمله بعضهم على ما يتكرر حمله منه وإلا فكالنخل ، ويرد بأن حمله في العام مرتين نادر كالنخل فليكن مثله ، وفرق الأصحاب بين طلع النخل وما ذكر بأن ثمرة النخل ثمرة عام واحد وهو لا يحمل [ ص: 141 ] فيه إلا مرة والتين ونحوه يحمل حملين مرة بعد أخرى فكانت الأولى للبائع والثانية للمشتري ، وكالتين فيما تقرر الجميز ونحوه كالقثاء والبطيخ لا يتبع بعضه بعضا لأنها بطون ، بخلاف ما مر في ثمرة النخل ونحوه فإنها تعد حملا واحدا . ( وما يخرج ثمره بلا نور ) بفتح النون أي زهر
( وما خرج في نور ثم سقط نوره ) أي كان من شأنه ذلك بدليل قوله الآتي ولم يتناثر النور ثم قوله بعد التناثر وتعبير أصله بيخرج سالم من ذلك ، وحكمة عدوله عنه خشية إيهام اتحاد هذا مع ما قبله في أن لكل نورا قد يوجد وقد لا ، وليس كذلك إذ نفي النور من ذلك نفي له عن أصلها كما تفهمه مغايرة الأسلوب ، وقد أشار الشارح لذلك بقوله وعدل عن قول المحرر يخرج المناسب للتقسيم بعده كأنه لئلا يشتبه بما قبله ( كمشمش ) بكسر ميميه وحكي فتحهما ( وتفاح ) ورمان ولوز ( فللمشتري إن لم تنعقد الثمرة ) لأنها كالمعدومة ( وكذا ) هي له أيضا ( إن انعقدت ولم يتناثر النور في الأصح ) إلحاقا لها بالطلع لأن استتارها بالنور بمنزلة استتار ثمرة النخل بكمامه .
والثاني يلحقها به بعد تشققه لاستتاره بالقشر الأبيض فتكون للبائع ( وبعد التناثر للبائع ) لظهورها وما لم يظهر من ذلك تابع لما ظهر كما في التنبيه ، وما قصد ورده وكان يخرج من كمام ثم يتفتح كالورد الأحمر فإن باعه بعد ظهوره فللبائع كالطلع المشقق أو قبله فللمشتري ، وما يخرج ظاهرا كالياسمين فإن خرج ورده فللبائع وإلا فللمشتري [ ص: 142 ] وتشقق جوز قطن يبقى أصله سنتين فأكثر كتأبير النخل فيتبع المستتر غيره إن توفرت شروط التبيعة الآتية ، لم يجز إلا بشرط القطع كالزرع سواء أخرج جوزه أم لا ، ثم إن لم يقطع حتى خرج الجوز فهو للمشتري لحدوثه في ملكه وإن بيع بعد تكامل قطنه ، فإن تشقق جوزه صح العقد لظهور المقصود ودخل القطن في البيع كما في الروضة نقلا عن وما لا يبقى أصله أكثر من سنة إن بيع قبل تكامل قطنه البغوي .
لا يقال : هو بعد تشققه كالثمرة المؤبرة كما جزم به القاضي فلا يدخل في البيع .
لأنا نقول : الشجرة مقصودة لثمار سائر الأعوام ، ولا مقصود هنا سوى الثمرة الموجودة وإن لم يتشقق جوزه لم يصح البيع لاستتار قطنه بما ليس من مصالحه .