( ولو ) أي بعد قبضه له ( أو أعتقه ) وإن كان المعتق وعتيقه كافرين لأنهم جعلوا التوقع البعيد نوعا من اليأس فقول ( هلك المبيع ) بآفة [ ص: 40 ] أو جناية كأن مات أو تلف الثوب أو أكل الطعام ( عند المشتري ) الإسنوي لا أرش له لعدم يأسه من رده لاحتمال أن يحارب ثم يسترق فيعود لملكه مردود بأنه نادر لا ينظر إليه ويلزمه مثله فيما لو وقف لاحتمال أنه يستبدل عند من يراه وبأنه لو فرض صحة ما قاله كان يتعين عليه فرضه في معتق كافر إذ عتيق المسلم لا يسترق ولو اشتراه بشرط عتقه وأعتقه أو كان ممن يعتق عليه أو وقفه أو استولدها وثبت ذلك فهو كإعتاقه على أصح الوجهين ، وكذا لو جعل الشاة أضحية .
قال السبكي ولا يكفي إخبار المشتري به مع تكذيب البائع له ، وفيه نظر بالنسبة لنحو العتق والوقف لمؤاخذته به وإن كذب ( ثم علم [ ص: 41 ] العيب ) الذي ينقص القيمة بخلاف الخصاء ( رجع بالأرش ) لليأس من الرد .
ومحل ذلك في غير الربوي المبيع بجنسه أما هو كحلي الذهب بيع بوزنه ذهبا فبان معيبا بعد تلفه فلا أرش له لنقص الثمن فيصير الباقي منه مقابلا بأكثر منه وذلك ربا ، بل يفسخ العقد ويسترد الثمن ويغرم بدل التالف على الأصح ولو فللمشتري الأرش ، فإن زال النكاح ففي الرد وأخذ الأرش وجهان أوجههما أن له الرد ولا أرش ، ولو اطلع على عيبه وهو صيد وقد أحرم بائعه جاز له الرد فيما يظهر لأن البائع منسوب إلى تقصير في الجملة وإن قال عرف عيب الرقيق وقد زوجه لغير البائع ولم يرضه مزوجا الإسنوي إن فيه نظرا ( وهو ) أي الأرش ، سمي بذلك لتعلقه بالأرش وهو الخصومة ( جزء من ثمنه ) أي المبيع فيستحقه المشتري من عينه ولو كان معينا عما في الذمة أو خرج عن ملك البائع ثم عاد [ ص: 42 ] ( نسبته إليه ) أي إلى الثمن ( نسبة ) أي مثل نسبة ( ما نقص ) هـ ( العيب من القيمة ) متعلق بنقص ( لو كان ) المبيع ( سليما ) إليها فلو كانت قيمته من غير عيب مائة وبه ثمانين فنسبة النقص إليها خمس فيكون الأرش خمس الثمن فلو كان عشرين رجع منه بأربعة ، وإنما رجع بجزء من الثمن لا بالتفاوت بين القيمتين لئلا يجمع بين الثمن والمثمن ولأن المبيع مضمون على البائع به فيكون جزؤه مضمونا عليه بجزء من الثمن كالحر يضمن بالدية وبعضه ببعضها ، فإن كان قبضه رد جزأه وإلا سقط عن المشتري لكن بعد طلبه على الأصح ، وأفهم كلامه أن هذا في أرش وجب للمشتري على البائع .
أما عكسه كما لو وجد البائع بعد الفسخ بالمبيع عيبا حدث عند المشتري قبله فإن الأرش ينسب إلى القيمة لا إلى الثمن ، صرح به الرافعي في الكلام على شراء ما مأكوله في جوفه ، والمعنى فيه أن العقد قد انفسخ وصار المقبوض في يده كالمستام لكن جزم في الفلس بما يخالفه ، وقال في الذخائر : إنه الصواب ( والأصح اعتبار أقل قيمه ) أي المبيع المتقوم جمع قيمة ومن ثم ضبطه بخطه بفتح الياء ومثله الثمن المتقوم ( من يوم ) أي وقت ( البيع إلى ) وقت ( القبض ) لأن قيمتهما إن كانت وقت البيع أقل فالزيادة في المبيع حدثت في ملك المشتري وفي الثمن حدثت في ملك البائع فلا تدخل في التقويم ، أو كانت وقت القبض أو بين الوقتين أقل ، فالنقص في المبيع [ ص: 43 ] من ضمان البائع وفي الثمن من ضمان المشتري فلا يدخل في التقويم ، وما صرح به من اعتبار ما بين الوقتين هو المعتمد وإن نازع فيه الإسنوي إذ لا يلزم من عدم التخيير الذي في ثبوته رفع العقد عدم الضمان الذي ليس في ثبوته ذلك .
والطريق الثاني في المسألة ثلاثة أقوال أصحها هذا ، والثاني أن الاعتبار بيوم العقد لأن الثمن قد قابل المبيع يومئذ والثالث بيوم القبض لأنه وقت دخول المبيع في ضمانه .
واعلم أنا إذا اعتبرنا قيم المبيع أو الثمن فإما أن تتحد قيمتاه سليما وقيمتاه معيبا ، أو يتحدا سليما ويختلفا معيبا وقيمته وقت العقد أقل أو أكثر ، أو يتحدا معيبا لا سليما وهي وقت العقد أقل أو أكثر ، أو يختلفا سليما ومعيبا وهي وقت العقد سليما ومعيبا أقل أو أكثر ، أو سليما أقل ومعيبا أكثر وبالعكس ، فهي تسعة أقسام أمثلتها على الترتيب في المبيع اشترى قنا بألف وقيمته وقت العقد والقبض سليما مائة ومعيبا تسعون فالنقص عشر قيمته سليما فله عشر الثمن مائة ، أو قيمتاه سليما مائة وقيمته معيبا وقت العقد ثمانون والقبض تسعون وعكسه فالتفاوت بين قيمته سليما وأقل قيمته معيبا عشرون وهي خمس قيمته سليما فله خمس الثمن ، أو قيمتاه معيبا ثمانون وسليما وقت العقد تسعون ووقت القبض مائة أو عكسه فالتفاوت بين قيمته معيبا وأقل قيمته سليما عشرة وهي تسع أقل قيمته سليما فله تسع الثمن .
لا يقال : صرح الإمام بأن اعتبار الأقل في الأقسام كلها إنما هو لإضرار البائع لما مر من التعليل ، وحينئذ فالقياس أنا نعتبر ما بين الثمانين والمائة وهو الخمس لأنه الأضر بالبائع . لأن نقول : ليس القياس ذلك لأن المعتبر نسبة ما نقص من العيب من القيمة إليها والذي نقصه العيب من القيمة هو ما بين الثمانين والتسعين ، وأما ما بين التسعين والمائة فإنما هو لتفاوت الرغبة بين اليومين فتعين اعتبار ما نقصه العيب من التسعين إليها وهو التسع كما تقرر فتأمله ، أو قيمته وقت العقد سليما مائة ومعيبا ثمانون ووقت القبض سليما مائة وعشرون ومعيبا تسعون أو بالعكس ، أو قيمته وقت العقد سليما مائة ومعيبا تسعون ووقت [ ص: 44 ] القبض سليما مائة وعشرون ومعيبا ثمانون أو بالعكس فالتفاوت بين أقل قيمتيه سليما وأقل قيمتيه معيبا عشرون وهي خمس أقل قيمتيه سليما فله خمس الثمن .
وخص البارزي بحثا اعتبار الأقل فيما إذا اتحدتا سليما لا معيبا وهي وقت القبض أكثر بما إذا كان ذلك لكثرة الرغبات في المعيب لقلة ثمنه لا لنقص العيب وإلا اعتبر أكثر القيمتين لأن زوال العيب يسقط الرد .
ورد بأن الزائد من العيب يسقط أثره مطلقا كما لو زال العيب كله ، فكما يقوم المعيب يوم القبض ناقص العيب فكذا يوم العقد فلم يعتبر الأكثر أصلا على أن تقييده بما إذا اتحدت قيمتاه سليما غير صحيح وإن سلم ما ذكره .