الوقف والابتداء
لمعرفة أهمية كبرى في كيفية أداء القرآن حفاظا على سلامة معاني الآيات . وبعدا عن اللبس والوقوع في الخطأ . وهذا يحتاج إلى دراية بعلوم العربية ، وعلم القراءات ، وتفسير القرآن ، حتى لا يفسد المعنى . ولهذا أمثلته : الوقف والابتداء
فيجب الوقف مثلا على قوله تعالى : ولم يجعل له عوجا ، ثم يبتدئ : قيما لينذر بأسا شديدا من لدنه ، لئلا يتوهم أن قوله : " قيما " صفة لقوله " عوجا " إذ العوج لا يكون قيما .
وعلى ما آخره هاء سكت في مثل قوله تعالى : يا ليتني لم أوت كتابيه ولم أدر ما حسابيه ، وقوله : ما أغنى عني ماليه هلك عني [ ص: 176 ] سلطانيه ، فإنك في غير القرآن تثبت هذه الهاء إذا وقفت ، وتحذفها إذا وصلت ، وهي مكتوبة في المصحف بـ " الهاء " ، فلا يوصل ، لأنه يلزم في حكم العربية إسقاط " الهاء " في الوصل . فإثباتها إذا وصلت مخالفة للعربية ، وحذفها مخالفة للمصحف ، وفي الوقف عليها اتباع للمصحف والعربية معا . وجواز الوصل بـ " الهاء " إنما يكون على نية الوقف .
ويجب الوقف مثلا على قوله : ولا يحزنك قولهم ، ثم يبتدئ : إن العزة لله جميعا ، كي يستقيم المعنى ، لأنه إذا وصل أوهم هذا أن القول الذي يحزنه هو قولهم : " إن العزة لله جميعا " وليس كذلك .
ولا شك أن معرفة الوقف والابتداء لها فائدتها في فهم المعاني وتدبر الأحكام ، عن قال : " لقد عشنا برهة من دهرنا وإن أحدنا ليؤتى الإيمان قبل القرآن ، ولقد رأينا اليوم رجالا يؤتى أحدهم القرآن قبل الإيمان ، فيقرأ ما بين فاتحته إلى خاتمته ، ما يدري ما آمره ولا زاجره ، ولا ما ينبغي أن يوقف عنده ، وكل حرف منه ينادي : أنا رسول الله إليك لتعمل بي . وتتعظ بمواعظي “ . ابن عمر
أقسام الوقف
اختلف العلماء في : أقسام الوقف
فقيل : ينقسم الوقف إلى ثمانية أضرب : تام ، وشبيه به ، وناقص ، وشبيه به ، وحسن ، وشبيه به ، وقبيح ، وشبيه به .
وقيل : ينقسم إلى ثلاثة : تام ، وجائز ، وقبيح .
وقيل : ينقسم إلى قسمين : تام ، وقبيح .
والمشهور أنه ينقسم إلى أربعة أقسام : تام مختار ، وكاف جائز ، وحسن مفهوم ، وقبيح متروك .
1- فالتام : هو الذي لا يتعلق بشيء مما بعده ، وأكثر ما يوجد عند رءوس [ ص: 177 ] الآي ، كقوله تعالى : وأولئك هم المفلحون ، ثم يبتدئ : إن الذين كفروا ، وقد يوجد قبل انقضاء الفاصلة ، كقوله تعالى : وجعلوا أعزة أهلها أذلة ، حيث انتهى بهذا كلام بلقيس ، ثم قال تعالى : وكذلك يفعلون ، وهو رأس الآية .
2- والكافي الجائز : هو الذي يكون اللفظ فيه منقطعا ، ويكون المعنى متصلا . ومن أمثلته : كل رأس آية بعدها لام كي : كقوله تعالى : إن هو إلا ذكر وقرآن مبين لينذر من كان حيا ويحق القول على الكافرين . .
3- والحسن : هو الذي يحسن الوقف عليه ولا يحسن الابتداء بما بعده لتعلقه به في اللفظ والمعنى كقوله تعالى : الحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم .
4- والقبيح : هو الذي لا يفهم منه المراد ، كالوقوف على قوله تعالى: لقد كفر الذين قالوا ، والابتداء بقوله : إن الله هو المسيح ابن مريم ; لأن المعنى على الابتداء يكون كفرا ، ونظيره قوله تعالى : لقد كفر الذين قالوا إن الله ثالث ثلاثة ، فلا يقف على " قالوا " وهكذا . . "