وقوله : لتجدن أشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود والذين أشركوا ؛ وذلك أن اليهود ظاهروا المشركين على المؤمنين؛ والمؤمنون يؤمنون بموسى؛ والتوراة التي أتى بها؛ وكان ينبغي أن يكونوا إلى من وافقهم في الإيمان بنبيهم وكتابهم أقرب؛ فظاهروا المشركين حسدا للنبي - صلى الله عليه وسلم -؛ وقوله : " لتجدن " ؛ هذه اللام لام القسم؛ والنون دخلت تفصل بين الحال والاستقبال؛ هذا مذهب الخليل؛ ؛ ومن يوثق بعلمه؛ وقوله : " عداوة " ؛ منصوب على التمييز. وسيبويه
ولتجدن أقربهم مودة للذين آمنوا الذين قالوا إنا نصارى ؛ في هذه غير وجه؛ جاء في التفسير أن نيفا وثلاثين من الحبش من [ ص: 200 ] النصارى جاؤوا وجماعة معهم؛ فأسلموا لما تلا عليهم النبي - صلى الله عليه وسلم - القرآن؛ وجائز أن يكون يعنى به النصارى؛ لأنهم كانوا أقل مظاهرة للمشركين من اليهود ؛ ويكون قوله : وإذا سمعوا ما أنـزل إلى الرسول ؛ على معنى ذلك؛ بأن منهم قسيسين ورهبانا ؛ ومنهم قوم إذا سمعوا ما أنزل إلى الرسول؛ يعني به ههنا مؤمنيهم؛ و " القس " ؛ و " القسيس " ؛ من رؤساء النصارى؛ فأما " القس " ؛ في اللغة؛ فهي النميمة؛ ونشر الحديث؛ يقال : " قس فلان الحديث قسا " ؛ ومعنى فاكتبنا مع الشاهدين ؛ أي : مع من شهد من أنبيائك - عليهم السلام - ومؤمني عبادك؛ بأنك لا إله غيرك.