وإلا فاعلموا أنا وأنتم ... بغاة ما بقينا في شقاق
المعنى : " وإلا فاعلموا أنا بغاة ما بقينا في شقاق؛ وأنتم أيضا كذلك " ؛ وزعم أن قوما من سيبويه العرب يغلطون فيقولون : " إنهم أجمعون ذاهبون " ؛ و " إنك وزيد ذاهبان " ؛ فجعل هذا غلطا؛ وجعله كقول الشاعر : [ ص: 194 ] سيبويه
بدا لي أني لست مدرك ما مضى ... ولا سابق شيئا إذا كان جائيا
فأما " من آمن بالله " ؛ وقد ذكر " الذين آمنوا " ؛ فإنما يعني " الذين آمنوا " ؛ ههنا : المنافقين الذين أظهروا الإيمان بألسنتهم؛ ودل على أن المعنى هنا ما تقدم من قوله : لا يحزنك الذين يسارعون في الكفر من الذين قالوا آمنا بأفواههم ولم تؤمن قلوبهم ؛ ومعنى " الصابئ " : الخارج عن جملة الأديان؛ لأنهم لا يدينون بالكتب؛ والعرب تقول : " قد صبأ ناب البعير " ؛ و " صبأ سن الصبي " ؛ إذا خرج؛ فأما قولهم : " ضبأت " ؛ بالضاد المعجمة؛ فمعناه : اختبأت في الأرض؛ ومنه اشتق اسم " ضابئ " ؛ وقال الكسائي؛ " الصابئون نسق على ما في " هادوا " ؛ كأنه قال : " هادوا هم والصابئون " ؛ وهذا القول خطأ من جهتين؛ إحداهما أن الصابئ يشارك اليهودي في اليهودية؛ وإن ذكر أن " هادوا " ؛ في معنى تابوا فهذا خطأ في هذا الموضع أيضا؛ لأن معنى " الذين آمنوا " ؛ ههنا؛ إنما هو إيمان بأفواههم؛ لأنه يعنى به المنافقون؛ ألا ترى أنه قال : من آمن بالله؛ فلو كانوا مؤمنين لم يحتج أن يقال : " إن آمنوا فلهم أجرهم " ؛