وقوله : ولأمنينهم ؛ أي : أجمع لهم مع الإضلال أن أوهمهم أنهم ينالون من الآخرة حظا؛ كما قال : وزين لهم الشيطان أعمالهم
ولآمرنهم فليبتكن آذان الأنعام ؛ كأنه - والله أعلم - : ولآمرنهم بتبتيك آذان الأنعام فليبتكن؛ أي : يشققن؛ يقال : " بتكت الشيء؛ أبتكه؛ بتكا " ؛ إذا قطعته؛ و " بتكة " ؛ و " بتك " ؛ مثل " قطعة " ؛ و " قطع " ؛ وهذا في البحيرة؛ كانت الجاهلية إذا ولدت الناقة خمسة أبطن فكان الخامس ذكرا؛ شقوا أذن الناقة؛ وامتنعوا من الانتفاع بها؛ ولم تطرد عن ماء؛ [ ص: 110 ] ولا مرعى؛ وإذا لقيها المعيا لم يركبها؛ فهذا تأويل " فليبتكن آذان الأنعام " ؛ سول لهم إبليس أن في تركها لا ينتفع بها قربة إلى الله؛ ولآمرنهم فليغيرن خلق الله ؛ قيل : إن معناه أن الله خلق الأنعام ليركبوها؛ ويأكلوها؛ فحرموها على أنفسهم؛ وخلق الشمس؛ والقمر؛ والأرض؛ والحجارة؛ سخرة للناس؛ ينتفعون بها؛ فعبدها المشركون؛ فغيروا خلق الله؛ أي : دين الله؛ لأن خلقهم من بطن الله فطر الخلق على الإسلام؛ آدم كالذر؛ وأشهدهم أنه ربهم؛ فآمنوا؛ فمن كفر فقد غير فطرة الله التي فطر الناس عليها؛ فأما قوله : لا تبديل لخلق الله ؛ فإن معناه : ما خلقه الله هو الصحيح؛ لا يقدر أحد أن يبدل معنى صحة الدين؛ وقال بعضهم : فليغيرن خلق الله ؛ هو الخصاء؛ لأن الذي يخصي الفحل قد غير خلق الله؛ ومعنى إن يدعون من دونه إلا إناثا ؛ أي : ما يعبدون إلا ما قد سموه باسم الإناث؛ يعنى به المشركون؛ سموا الأصنام " اللات " ؛ و " العزى " ؛ و " مناة " ؛ وما أشبهه؛ وقيل : إن معنى قوله : " إن يدعون من دونه إلا إناثا " : أي : مواتا؛ والموات كلها يخبر عنها كما يخبر عن المؤنث؛ تقول من ذلك : " هذه الأحجار تعجبني " ؛ ولا تقول : يعجبونني؛ وكذلك " الدراهم تنفعني " ؛