أتوني فلم أدر ما بيتوا ... وكانوا أتوني لأمر نكر
أي : فلست حفيظا عليهم تعلم ما يغيب عنك من شأنهم؛ وهذا ونظائره في كتاب الله من أبين آيات النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ لأنهم ما كانوا يخفون عنه أمرا إلا أظهره الله عليه. وقوله - جل وعز - : والله يكتب ما يبيتون ؛ فيه وجهان؛ يجوز أن يكون - والله أعلم - ينزله إليك في كتابه؛ وجائز أن يكون " يكتب ما يبيتون " ؛ يحفظه عليهم؛ ليجازوا به؛ وقوله : فأعرض عنهم وتوكل على الله ؛ أي : لا تسم هؤلاء بأعيانهم؛ لما أحب الله من ستر أمر المنافقين إلى أن يستقيم أمر الإسلام؛ فأما قوله : بيت طائفة منهم ؛ فذكر؛ ولم يقل : " بيتت " ؛ فلأن [ ص: 82 ] كل تأنيث غير حقيقي فتعبيره بلفظ التذكير جائز؛ تقول : " قالت طائفة من أهل الكتاب " ؛ و " قال طائفة من المسلمين " ؛ لأن " طائفة " ؛ و " فريقا " ؛ في معنى واحد؛ فكذلك قوله - عز وجل - : فمن جاءه موعظة من ربه ؛ وقوله : يا أيها الناس قد جاءتكم موعظة من ربكم ؛ يعني الوعظ؛ إذا قلت : " فمن جاءه موعظة " ؛ وقرأ القراء : " بيت طائفة " ؛ على إسكان التاء؛ وإدغامها في الطاء؛ وروي عن أن ذلك إذا كان في فعل فهو قبيح؛ ولا فرق في الإدغام ههنا في فعل كان؛ أو في اسم؛ لو قلت : " بيت طائفة " ؛ و " هذا بيت طائفة " ؛ وأنت تريد " بيت طائفة " ؛ كان واحدا؛ وإنما جاز الإدغام لأن التاء والطاء من مخرج واحد. الكسائي