عاليهم ثياب سندس [21].
مبتدأ وخبره، والأصل عاليهم، حذفت الضمة لثقلها، وهذه قراءة بينة، وهي قراءة أبي جعفر ونافع ويحيى بن وثاب والأعمش ، وقرأ وحمزة أبو عبد الرحمن والحسن وأبو عمرو والكسائي وابن كثير : [ ص: 104 ] ( وعاصم عاليهم ) بالنصب على أنه ظرف، ومثله بقوله: زيد داخل الدار. الفراء
قال : أما عاليهم فبين أنه منصوب على الظرف، وفي معناه قولان: أحدهما أن الخضرة تعلو ثياب أهل الجنة، والقول الآخر أن هذه النبات الخضر فوق حجالهم لا عليهم، وأما: زيد داخل الدار فلا يجوز عند جماعة من النحويين كما لا يقال: زيد الدار، ولكن لو قلت: زيد خارج الدار جاز. أبو جعفر
وروى عبد الوارث ، عن حميد ، عن أنه قرأ: (عليهم ثياب سندس) قال مجاهد : وهذا لا يحتاج إلى تفسير. أبو جعفر
وفي قراءة : (عاليتهم ثياب سندس) على تأنيث الجماعة. ابن مسعود
وقرأ الحسن : (ثياب سندس خضر وإستبرق). ونافع
وقرأ الأعمش : (ثياب سندس خضر وإستبرق) بخفضهما. وحمزة
وقرأ أبو عمرو : (ثياب سندس خضر وإستبرق) برفع (خضر) وخفض (إستبرق). وأبو جعفر
وقرأ ابن كثير ( ثياب سندس خضر وإستبرق). وعاصم
وقرأ ابن محيصن ( واستبرق ) بوصل الألف وبغير تنوين.
قال : القراءة الأولى حسنة، متصل الرفع بعضه ببعض، فخضر نعت للثياب وإستبرق معطوف عليها وانصرف؛ لأنه نكرة، وقطعت الألف؛ لأنه اسم، ولو سميت رجلا باستكبر لقلت: جاءني استكبر، هذا قول أبو جعفر الخليل . وسيبويه
والقراءة الثانية على أن من قرأ بها نعت سندسا بخضر، [ ص: 105 ] وفي ذلك بعد؛ لأنه إنما يقال: هذا سندس أخضر، كما يقال: هذا حرير أخضر، إلا أن ذلك جائز؛ لأنه جنس، والجنس يؤدي عن الجميع، كقولك: سندس وسندسات واحد، وعطف و( إستبرق ) على سندس أي: (وثياب إستبرق).
والقراءة الثالثة حسنة أيضا، جعله ( خضر ) نعتا للثياب، وهو الوجه البين الحسن ، وخفض ( إستبرق ) نسقا على ( سندس ) أيضا.
والقراءة الرابعة خفض فيها ( خضر ) على أنها نعت لـ( سندس ) كما مر ورفع ( وإستبرق ) لأنه عطف على ( ثياب ).
وقراءة ابن محيصن عند كل من ذكر القراءات ممن علمناه من أهل العربية لحن؛ لأنه منع ( إستبرق ) من الصرف وهو نكرة، ولا يخلو منعه إياه من إحدى وجهين، إما أن يكون منعه من الصرف؛ لأنه أعجمي، وإما أن يكون ذلك؛ لأنه على وزن الفعل، والعجمي وما كان على وزن الفعل ينصرفان في النكرة، وأيضا فإنه وصل الألف وذلك خطأ عند الخليل لما ذكرنا، ونصب (استبرق) وإن كان هذا يتهيأ أن يحتال في نصبه، فهذا ما فيه مما قد ذكر بعضه. وسيبويه
قال : ولو احتيل فيه فقيل: هو فعل ماض، أي وبرق هذا الجمع لكان ذلك عندي شيئا يجوز، وإن كنت لا أعلم أحدا ذكره ( أبو جعفر وحلوا أساور من فضة ) وقد طعن في هذا بعض الملحدين، إما لجهله باللغة، وإما لقصده الكفر اجتراء على الله عز وجل، وأخذ شيء [ ص: 106 ] من حطام الدنيا، وذلك أن الجنة لا بيع فيها ولا شراء، ولا معنى لطعنه لقلة قيمة الفضة، ولأن هذا لا يحسن للرجال، فجهل معنى التفسير لأن في التفسير أن هذا يكون لأزواجهن، ولو كان لهم ما دفع حسنه، وقد طعن في الإستبرق ولم يدر معناه، أو دراه وتعمد الكفر، والإستبرق عند العرب ما كان متينا وغلظ في نفسه لا غلظ خيوطه.
قال : فقد ذكرنا أن هذا الإستبرق يكون فوق حجالهم ( أبو جعفر وسقاهم ربهم شرابا طهورا ) أي طاهرا من الأقذار والأدناس والأوساخ.