وأجاز النحويون جميعا الجزم بإذا وأن تجعل بمنزلة حروف المجازاة لأنها لا تقع إلا على فعل وهي تحتاج إلى جواب وهكذا حروف المجازاة ، وأنشد : الفراء
واستغن ما أغناك ربك بالغنى وإذا تصبك خصاصة فتجمل
وأنشد الآخر :
نارا إذا ما خبت نيرانهم تقد
والاختيار عند الخليل وسيبويه أن لا يجزم بإذا لأن ما بعدها موقت [ ص: 433 ] فخالفت حروف المجازاة في هذا ، كما قال : والفراء
وإذا تكون شديدة أدعى لها وإذا يحاس الحيس يدعى جندب
( وإن يقولوا تسمع لقولهم ) لأن منطقهم كمنطق أهل الإيمان ( كأنهم خشب مسندة ) أي لا يفهمون ولا عندهم فقه ولا علم ، فهم كالخشب ، وهذه قراءة أبي جعفر وشيبة ونافع وعاصم ، وقرأ وحمزة أبو عمرو والأعمش ( خشب) بإسكان الشين وإليه يميل والكسائي ، وزعم أنه لا يعرف فعلة تجمع على فعل بضم الفاء والعين . قال أبو عبيد : وهذا غلط وطعن على ما روته الجماعة وليس يخلو ذلك من إحدى جهتين إما أن يكون خشب جمع خشبة كقولهم : ثمرة وثمر فيكون غير ما قال من جمع فعلة على فعل ، أو يكون كما قال حذاق النحويين خشبة وخشاب مثل جفنة وجفان وخشاب وخشب مثل حمار وحمر أيضا فقد سمع أكمة وأكم وأكم وأجمة وأجم ، فأما خشب فقد يجوز أن يكون الأصل فيه خشبا حذفت الضمة لثقلها ، ويجوز وهو أجود أن يكون مثل أسد وأسد في المذكر . قال أبو جعفر ومثل خشبة وخشب بدنة وبدن ومثل مذكرة وثن ووثن قال : وهي قراءة ، وأحسب من تأول على سيبويه ، وهي قراءة يعني "كأنهم خشب" لأن قوله : وهي قراءة تضعيف لها ولكنه يريد فيما يقال : ( إن تدعون من دونه إلا [ ص: 434 ] وثنا) فهذه قراءة شاذة تروى عن سيبويه ( ابن عباس يحسبون كل صيحة عليهم ) أي لجبنهم وقلة يقينهم وأنهم يبطنون الكفر كلما نزل الوحي فزعوا أن يكونوا قد فضحوا ( هم العدو ) لأن ألسنتهم معكم وقلوبهم مع الكفار فهم عين لهم وعدو بمعنى أعداء ( فاحذرهم قاتلهم الله ) أي عاقبهم فأهلكهم فصاروا بمنزلة من قتل . ( أنى يؤفكون ) أي من أين يصرفون عن الحق بعد ظهور البراهين .