أولم يروا أن الله الذي خلق السماوات والأرض ولم يعي بخلقهن [33]
ليس من التعب وإنما يقال في التعب : أعيا يعيي وعيي بالأمر [يعي وعي به] إذا لم يتجه له ( بقادر ) هذه قراءة أبي جعفر وشيبة ونافع وابن كثير وأبي عمرو والأعمش وحمزة . وقرأ والكسائي وابن [ ص: 174 ] عبد الرحمن الأعرج أبي إسحاق وعاصم الجحدري ( يقدر) وقد زعم بعض النحويين أن القراءة بيقدر أولى؛ لأن الباء إنما تدخل في النفي وهذا إيجاب وتعجب من أبي عمرو كيف جاز عليهما مثل هذا حتى غلطا فيه مع محلهما من العربية قال والكسائي : وفي هذا طعن على من تقوم الحجة بقراءته ومع ذلك فقد أجمعت الأئمة على أن قرءوا ( أبو جعفر أوليس الذي خلق السماوات والأرض بقادر ) ولا نعلم بينهما فرقا ولا تجتمع الجماعة على ما لا يجوز . وقد تكلم النحويون في الآية التي أشكلت على قائل هذا فقال : إنما دخلت الباء من أجل "لم" وهذا قول صحيح وسمعت الكسائي علي بن سليمان يشرحه شرحا بينا ، قال : الباء تدخل في النفي فتقول : ما زيد بقائم ، فإذا دخل الاستفهام على النفي لم يغيره عما كان عليه فتقول : أما زيد بقائم ، فكذا "بقادر" لأن قبله حرف نفي وهو "لم" وقال : الباء تدخل في النفي ولا تدخل في الإيجاب تقول : ظننت زيدا منطلقا ، ولا يجوز ظننت زيدا بمنطلق ، فإن جئت بالنفي قلت : ما ظننت زيدا بمنطلق ، فكذا قوله جل وعز : ( أبو إسحاق أولم يروا أن الله الذي خلق السماوات والأرض ولم يعي بخلقهن بقادر ) والمعنى أو ليس الذي خلق السماوات والأرض بقادر في رويتهم وفي علمهم . قال : فإن قال قائل : لم صارت الباء في النفي ولا تكون في الإيجاب؟ فالجواب عند البصريين أنها دخلت توكيدا للنفي؛ لأنه قد يجوز ألا يسمع المخاطب "ما" أو يتوهم الغلط فإذا [ ص: 175 ] جئت بالباء علم أنه نفي . وأما قول الكوفيين الباء في النفي حذاء اللام في الإيجاب . أبو جعفر