( أن ) الثانية في موضع رفع بالمنع ، والأولى في موضع نصب به . وهذه آية مشكلة . حدثنا علي بن الحسين ، عن الحسن بن محمد قال : حدثنا علي بن عبد الله قال : حدثنا جرير ، عن ، عن الأعمش جعفر بن إياس ، عن ، سعيد بن جبير قال : سأل النبي - صلى الله عليه وسلم - أهل ابن عباس مكة أن يجعل لهم الصفا ذهبا ، أو ينحي عنهم الجبال فيزرعوا . فقيل له : إن شئت أن تستأني بهم لعلنا أن نجتبي منهم ، وإن شئت أن نؤتيهم الذي سألوا فإن كفروا أهلكوا كما أهلكت قبلهم [ ص: 430 ] الأمم . قال : لا ، بل أستأني بهم . فأنزل الله تعالى : وما منعنا أن نرسل بالآيات إلا أن كذب بها الأولون وآتينا ثمود الناقة مبصرة . قال عن : التقدير في العربية : وما منعنا أن نرسل بالآيات التي اقترحوها إلا أن كذب بمثلها الأولون فأهلكوا واستؤصلوا ، فجعل الله - جل وعز - ما فيه من الصلاح لهم ، فإن قال قائل : فقد أعطي الأولون مثل هذا ولم يؤمنوا ، فما الفرق ؟ فالجواب أن الفرق بينهم علم الله - جل وعز - بأن من هؤلاء من يؤمن ومن هؤلاء ومن أولادهم من يؤمن ، وأن أولئك لا يؤمنون ولا يولد لهم من يؤمن . ( أبو جعفر وآتينا ثمود الناقة ) مفعولان ، ولم ينصرف ثمود لأنه جعله اسما للقبيلة ، ويجوز صرفه بجعله اسما للحي ، ( مبصرة ) على الحال ، وهو عند أكثر النحويين البصريين على النسب ، وقال بعضهم : مبصرة بمعنى مبصرة أي مبينة ، مثل مكرم ومكرم . وقال : مبصرة أي مضيئة ، مثل : " والنهار مبصرا " . قال الفراء : ومن قال : ( مبصرة ) أراد مثل قول الفراء عنترة :
والكفر مخبثة لنفس المنعم
قال : فإذا وضعت مفعلة مكان فاعل كفت من الجمع والتأنيث . قال : من قرأ " مبصرة " فالمعنى : مبينة . ( أبو إسحاق فظلموا بها ) التقدير : فظلموا بعقرها وكفرهم بخالقها . ( وما نرسل بالآيات إلا تخويفا ) قيل : يعني به الآيات التي تتلى .