الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
[ ص: 191 - 193 ] ( nindex.php?page=treesubj&link=10869_10871_10888_10890_24380وينعقد بلفظين يعبر بأحدهما عن الماضي وبالآخر عن المستقبل ، مثل أن يقول زوجني فيقول زوجتك ) لأن هذا توكيل بالنكاح والواحد يتولى طرفي النكاح على ما نبينه إن شاء الله تعالى
( قوله يعبر بهما عن الماضي ) مثل أنكحتك وزوجتك فيقول قبلت أو فعلت أو رضيت . وفي الانعقاد بصرت لي وصرت لك خلاف ، وظاهر الخلاصة اختياره إذا اتصل به القبول .
nindex.php?page=treesubj&link=10867_10886_10888_10869_10940ولو قالت عرستك نفسي فقبل ينعقد . ثم بين أن الانعقاد به باعتبار أنه جعل إنشاء شرعا فصار هو علة لمعناه فيثبت المعنى عقيبه . والمراد بقوله جعلت للإنشاء شرعا تقرير الشرع ما كان في اللغة ، وذلك لأن العقد قد كان ينشأ بها قبل الشرع فقرره الشرع وإنما اختيرت للإنشاء لأنها أدل على الوجود والتحقق حيث أفادت دخول المعنى في الوجود قبل الإخبار فأفيد بها [ ص: 191 ] ما يلزم وجوده وجود اللفظ ، ثم لما علمنا أن الملاحظ من جهة الشرع في ثبوت الانعقاد ولزوم حكمه جانب الرضا كما نص عليه في قوله تعالى { nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=29إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم } عدينا ثبوت الانعقاد ولزوم حكم العقد إلى كل لفظ يفيد ذلك بلا احتمال مساو للطرف الآخر فقلنا : لو قال بالمضارع ذي الهمزة nindex.php?page=treesubj&link=10941_10940أتزوجك فقالت زوجت نفسي انعقد ، وفي المبدوء بالتاء نحو nindex.php?page=treesubj&link=10941_10940تزوجني بنتك ؟ فقال فعلت عند عدم قصد الاستيعاد لأنه يتحقق فيه هذا الاحتمال ، بخلاف الأول لأنه لا يستخبر نفسه عن الوعد .
وإذا كان كذلك والنكاح مما لا تجري فيه المساومة كان للتحقيق في الحال فانعقد به لا باعتبار وضعه للإنشاء بل باعتبار استعماله في غرض تحقيقه واستفادة الرضا منه حتى قلنا : لو صرح بالاستفهام اعتبر فهم الحال . في شرح nindex.php?page=showalam&ids=14695الطحاوي : لو nindex.php?page=treesubj&link=10940_10941قال هل أعطيتنيها فقال أعطيت ، إن كان المجلس للوعد فوعد وإن كان للعقد فنكاح ، فيحمل قول السرخسي بالفارسية ميدهي ليس بشيء على ما إذا لم يكن قصد التحقيق ظاهرا ، ولو قال باسم الفاعل فكذلك .
عن nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة : nindex.php?page=treesubj&link=10872_10941إذا قال جئتك خاطبا بنتك أو لتزوجني ابنتك فقال الأب زوجتك فالنكاح لازم ، وليس للخاطب أن لا يقبل لعدم جريان المساومة فيه كما قلنا ، والانعقاد بقوله أنا متزوجك ينبغي أن يكون كالمضارع المبدوء بالهمزة سواء ، وقلنا ينعقد بلفظين وضع أحدهما للمستقبل : يعني الأمر ، فلو nindex.php?page=treesubj&link=10871_10941قال زوجني بنتك فقال زوجتك انعقد ، ومنه كوني امرأتي ينعقد إذا قبلت .
وفي النوازل : nindex.php?page=treesubj&link=10871_10941_24380قال زوجي نفسك مني فقالت بالسمع والطاعة صح النكاح ، غير أن المصنف جعل الصحة باعتبار أنه توكيل بالنكاح والواحد يتولى طرفي النكاح فيكون تمام العقد على هذا قائما بالمجيب ، وصرح غيره بأنها نفسها إيجاب فيكون قائما بهما . في فتاوى قاضي خان قال : ولفظة الأمر في النكاح إيجاب ، وكذا في الطلاق nindex.php?page=treesubj&link=11699_11597إذا قالت طلقني على ألف فطلق كان تاما ، وكذا في الخلع ; وكذا nindex.php?page=treesubj&link=16604لو قال لغيره اكفل لي بنفس فلان هذا أو بما عليه فقال كفلت تمت الكفالة ، وكذا nindex.php?page=treesubj&link=7249لو قال هب لي هذا العبد فقال وهبت في مسائل أخر ذكرها ، وهذا أحسن لأن الإيجاب ليس إلا اللفظ المفيد قصد تحقق المعنى أولا وهو صادق على لفظة الأمر فليكن إيجابا . ويستغني عما أورد على تقرير الكتاب من أنه لو كان توكيلا لما اقتصر على المجلس . وجوابه بأنه في ضمن الأمر بالفعل فيكون قبوله تحصيل الفعل في المجلس ، والظاهر أنه لا بد من اعتباره توكيلا وإلا بقي طلب الفرق بين النكاح والبيع حيث لا يتم بقوله بعنيه بكذا فيقول بعت بلا جواب ، إذ جوابه ما ذكره المصنف في البيع بأنه توكيل والواحد يتولى طرفي العقد في النكاح فصح دون البيع ، وحينئذ فتمام العقد قائم بالمجيب فلا يصح قوله ينعقد بلفظين يعبر بأحدهما عن المستقبل ، فلذا قيل المثال الصحيح nindex.php?page=treesubj&link=4482_24380_10898_10941أتزوجك بألف فتقول قبلت على إرادة الحال ، وعرف من هذا أن شرط القبول في النكاح المجلس كالبيع لا الفور خلافا nindex.php?page=showalam&ids=13790للشافعي رحمه الله .
وقد يوهم ما ذكر في المنية nindex.php?page=treesubj&link=10900قال : زوجتك بنتي بألف فسكت الخاطب فقال الصهر ادفع المهر فقال نعم فهو قبول ، وقيل لا أن فيه خلافا وإن كان المختار الصحة ، وقد يكون منشؤه من جهة أنه كان متصفا بكونه خاطبا ، فحيث سكت ولم يجب على الفور كان ظاهرا في رجوعه فيحكم به أولا ، فقوله نعم بعده لا يفيد بمفرده لأن الفور شرط مطلقا ، والله سبحانه أعلم .
وصورة اختلاف المجلس أن يوجب أحدهما فيقوم الآخر قبل القبول أو يكون قد اشتغل بعمل آخر [ ص: 192 ] يوجب اختلاف المجلس ، ثم قيل لا ينعقد لأن الانعقاد هو ارتباط أحد الكلامين بالآخر وباختلاف المجلس يتفرقان حقيقة وحكما ، فلو nindex.php?page=treesubj&link=10898_10899عقدا وهما يمشيان أو يسيران على الدابة لا يجوز ، وإن كانا في سفينة سائرة جاز ، وستعرف الفرق في البيع إن شاء الله تعالى .
[ فروع ]
تزوج باسمها الذي تعرف به ، حتى لو كان لها اسمان اسم في صغرها وآخر في كبرها تزوج بالأخير لأنها صارت معروفة به ، nindex.php?page=treesubj&link=10906ولو كانت له بنتان كبرى اسمها عائشة وصغرى اسمها فاطمة فقال زوجتك بنتي فاطمة وهو يريد عائشة فقبل انعقد على فاطمة ، ولو قال زوجتك بنتي فاطمة الكبرى قالوا يجب أن لا ينعقد على إحداهما nindex.php?page=treesubj&link=10906ولو قال زوجت بنتي فلانة من ابنك فقبل وليس لهما إلا ابن واحد وبنت صح ، وإن كان لهما ابنتان أو ابنان لا ، إلا أن يسميا البنت والابن .
nindex.php?page=treesubj&link=10906ولو زوج غائبة وكيل فإن كان الشهود يعرفونها فذكر مجرد اسمها جاز ، وإن لم يعرفوها فلا بد من ذكر اسمها واسم أبيها وجدها ، أما nindex.php?page=treesubj&link=10906لو كانت حاضرة متنقبة فقال تزوجت هذه وقبلت جاز لأنها صارت معروفة بالإشارة .
وأما الغائبة فلا تعرف إلا بالاسم والنسب . وقيل : يشترط في الحاضرة كشف النقاب . وسنذكر وجه عدمه في الوكالة بالنكاح إن شاء الله تعالى .
وكذا الحال في nindex.php?page=treesubj&link=10906تسمية الزوج الغائب . وفي التجنيس : nindex.php?page=treesubj&link=10906له ابنة اسمها فاطمة فقال وقت العقد زوجتك بنتي عائشة ولم تقع الإشارة إلى شخصها لا يصح . فإنه إذا لم يشر إليها يقع العقد على المسمى وليس له ابنة بذلك الاسم .
وفي النوازل : قال أبو بكر : nindex.php?page=treesubj&link=10865_10961خنثى مشكل زوج من خنثى مشكل برضا الولي فلما كبرا إذا الزوج امرأة والزوجة رجل جاز نكاحهما عندي لأن قوله زوجتك يستوي من الجانبين . nindex.php?page=treesubj&link=10865_10961وفي صغيرين قال أبو أحدهما زوجت بنتي هذه من ابنك هذا وقبل الآخر ثم ظهر أن الجارية غلام والغلام جارية جاز لذلك أيضا . وقال العتابي : لا يجوز .
وفي المنية : زوجت وتزوجت يصلح من الجانبين . وفي التجنيس : nindex.php?page=treesubj&link=10874رجل قال لامرأة بحضرة الشهود راجعتك فقالت المرأة رضيت يكون نكاحا . فإنه نص في الجامع الكبير أنه nindex.php?page=treesubj&link=10874لو قال للمطلقة طلاقا بائنا أو ثلاثا إن راجعتك فعبدي حر تنصرف الرجعة إلى النكاح لأن الرجعة قد يراد بها النكاح فينظر إلى المحل والمحل هنا لا يقبل الرجعة المعروفة فانصرفت إلى النكاح ، وسيأتي الكلام في الرجعة بلفظ النكاح في كتاب الطلاق إن شاء الله تعالى .
ثم قال : وذكر في الأجناس nindex.php?page=treesubj&link=10874لو طلق امرأة بائنا ثم قال راجعتك على كذا وكذا فرضيت المرأة بذلك بحضرة الشهود فإن هذا نكاح جائز . وإن لم يذكر مالا فليس بنكاح إلا أن يجتمعا أنه أراد بذلك نكاحا فكان نكاحا . فتبين بهذا أن ما ذكر في الكتاب محمول على ما إذا ذكر المال أو أقر أن الزوج أراد به النكاح ا هـ .
وذكر في فتاوى قاضي خان عن بعضهم تفصيلا بين المبانة والأجنبية . ففي المبانة تكون نكاحا وفي الأجنبية لا وسكت عليه وهو الأحسن .
فإن nindex.php?page=treesubj&link=10874التزوج بلفظ الرجعة في نكاح المطلقة لا يستلزم صحته في غيرها .
nindex.php?page=treesubj&link=10940_27100رجل وامرأة أقرا بالنكاح بحضرة الشهود فقال هي امرأتي وأنا زوجها ، وقالت هو زوجي وأنا امرأته وقال الآخر نعم لا ينعقد النكاح بينهما . لأن الإقرار إظهار لما هو ثابت فهو فرع سبق الثبوت ، ولهذا لو أقر لإنسان بمال كذبا لا يصير ملكا له ، وكذا لو قالا أجزناه أو رضيناه بحضرة الشهود [ ص: 193 ] لا ينعقد بخلاف جعلناه .
ولو قال الشهود جعلتما هذا نكاحا فقالا نعم انعقد لأنه ينعقد بلفظ الجعل ، حتى nindex.php?page=treesubj&link=10909_10940لو قالت جعلت نفسي زوجة لك فقبل ثم قال أعطيتك ألفا على أن تكوني امرأتي فقبلت ثم قال زوج بنتك فلانة مني بكذا فقال ادفعها واذهب بها حيث شئت لا ينعقد . في التجنيس كأنه لأنه كالمضاف إلى ما بعد الدفع ولا ينعقد بالمضاف . nindex.php?page=treesubj&link=10909لو قال زوجتكها غدا فقبل لا يصح ، فعدم صحة المعلق أولى . وفي فتاوى قاضي خان قال الشيخ أبو بكر محمد بن الفضل : يكون ذلك نكاحا ولم يذكر خلاف قوله .
ويجوز nindex.php?page=treesubj&link=10911النكاح المعلق إذا كان على أمر مضى لأنه معلوم للحال . وعليه فرع ما nindex.php?page=treesubj&link=10911لو قال خطبت بنتك فلانة لابني فلان فقال زوجتها من فلان قبل هذا فلم يصدقه الخاطب فقال إن لم أكن زوجتها من فلان قبل فقد زوجتها من ابنك وقبل أبو الابن بحضرة الشهود ولم يكن زوجها من أحد صح النكاح ، لأن التعليق بكائن للحال تحقيق وتنجيز ، وإذا أضاف النكاح إلى نصفها مثلا فيه روايتان ، والأصح عدم الصحة ، كذا في فتاوى قاضي خان .