[فصل]
في استحباب طلب القراءة الطيبة من حسن الصوت
اعلم أن جماعات من السلف كانوا يطلبون من أصحاب القراءة بالأصوات الحسنة أن يقرؤوا وهم يستمعون، وهذا متفق على استحبابه، وهو عادة الأخيار والمتعبدين، وعباد الله الصالحين.
وهي سنة ثابتة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقد صح عن - رضي الله عنه - قال: قال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: عبد الله بن مسعود فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدا قال: حسبك الآن، فالتفت إليه فإذا عيناه تذرفان رواه اقرأ علي القرآن! فقلت يا رسول الله: أقرأ عليك وعليك أنزل؟! قال: إني أحب أن أسمعه من غيري، فقرأت عليه سورة النساء، حتى إذا جئت إلى هذه الآية: البخاري . ومسلم
وروى وغيره بأسانيدهم عن الدارمي - رضي الله [ ص: 114 ] عنه - أنه كان يقول عمر بن الخطاب : ذكرنا ربنا، فيقرأ عنده القرآن . لأبي موسى الأشعري
والآثار في هذا كثيرة معروفة.
وقد مات جماعات من الصالحين بسبب قراءة من سألوه القراءة، والله أعلم.
وقد استحب العلماء أن يستفتح مجلس حديث النبي - صلى الله عليه وسلم - ويختم بقراءة قارئ حسن الصوت ما تيسر من القرآن.
ثم إنه ينبغي للقارئ في هذه المواطن أن يقرأ ما يليق بالمجلس ويناسبه، وأن تكون قراءته في آيات الرجاء والخوف والمواعظ والتزهيد في الدنيا والترغيب في الآخرة، والتأهب لها، وقصر الأمل، ومكارم الأخلاق.