قوله تعالى: الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم الأمن وهم مهتدون
خرج البخاري : من حديث: ومسلم ، قال: ابن مسعود الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم قال أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أينا لم يظلم نفسه؟ فأنزل الله: إن الشرك لظلم عظيم لما نزلت:
معنى هذا: أن الظلم يختلف:
فيه ظلم ينقل عن الملة، كقوله تعالى: إن الشرك لظلم عظيم وقوله تعالى: والكافرون هم الظالمون فإن الظلم وضع الشيء في غير موضعه، وأعظم ذلك أن يوضع المخلوق في مقام الخالق، ويجعل [ ص: 471 ] شريكا له في الربوبية وفي الإلهية، سبحانه وتعالى عما يشركون .
وأكثر ما يرد في القرآن وعيد الظالمين، يراد به الكفار، كقوله تعالى: ولا تحسبن الله غافلا عما يعمل الظالمون وقوله: وترى الظالمين لما رأوا العذاب يقولون هل إلى مرد من سبيل ومثل هذا كثير . ويراد بالظلم ما لا ينقل عن الملة، كقوله تعالى: فمنهم ظالم لنفسه ومنهم مقتصد ومنهم سابق بالخيرات وقوله: ومن يتعد حدود الله فأولئك هم الظالمون وحديث هذا: صريح في أن المراد بقوله تعالى: ابن مسعود الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم أن الظلم هو الشرك . وجاء في بعض رواياته: زيادة: قال: "إنما هو الشرك! .
وروى ، عن حماد بن سلمة ، عن علي بن زيد يوسف بن مهران، عن ، أن ابن عباس كان إذا دخل بيته نشر المصحف فقرأ، فدخل ذات يوم فقرأ، فأتى على هذه الآية: عمر بن الخطاب الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم إلى آخر الآية، فانتعل وأخذ رداءه، ثم أتى . فقال: يا أبي بن كعب أبا المنذر ، أتيت قبل على هذه الآية: الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم وقد ترى أنا نظلم ونفعل؟ فقال: يا أمير المؤمنين ، إن هذا ليس بذلك، يقول الله تعالى: إن الشرك لظلم عظيم إنما ذلك الشرك .
وخرجه . [ ص: 472 ] وخرجه - أيضا - من طريق محمد بن نصر المروزي ، عن حماد بن زيد ، عن علي بن زيد ، أن سعيد ابن المسيب أتى على هذه الآية - فذكره . عمر ، مقدم على وحماد بن سلمة في حماد بن زيد خاصة . وروى - أيضا - بإسناده، عن علي بن زيد ، عن سفيان ، عن ابن جريج ، قال: كفر دون كفر، وظلم دون ظلم، وفسق دون فسق . يعني: أن الفسق قد يكون ناقلا عن الملة، كما قال في حق إبليس: عطاء ففسق عن أمر ربه وقال: وأما الذين فسقوا فمأواهم النار كلما أرادوا أن يخرجوا منها أعيدوا فيها وقيل لهم ذوقوا عذاب النار الذي كنتم به تكذبون وقد لا يكون الفسق ناقلا عن الملة، كقوله تعالى: ولا يضار كاتب ولا شهيد وإن تفعلوا فإنه فسوق بكم وقوله في الذين يرمون المحصنات: ولا تقبلوا لهم شهادة أبدا وأولئك هم الفاسقون وقوله: فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج وفسرت الصحابة الفسوق في الحج بالمعاصي كلها، ومنهم من خصها بما ينهى عنه في الإحرام خاصة .
وكذلك الشرك، منه ما ينقل عن الملة، واستعماله في ذلك كثير في الكتاب والسنة، ومنه ما لا ينقل، كما جاء في الحديث: وفي الحديث: "من حلف بغير الله فقد أشرك " . [ ص: 473 ] وسمى الرياء شركا . "الشرك في هذه الأمة أخفى من دبيب النمل "،
وتأول على ذلك قوله تعالى: ابن عباس وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون قال: إن أحدهم يشرك حتى يشرك بكلبه: لولا الكلب لسرقنا الليلة .
قال تعالى: فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه أحدا وقد روي أنها نزلت في الرياء في العمل .
وقيل : يشرك بالله؟ قال: لا، ولكن أشرك بذلك العمل عملا يريد به الله والناس، فذلك يرد عليه . للحسن