قوله تعالى: إذ قالت امرأت عمران رب إني نذرت لك ما في بطني محررا فتقبل مني إنك أنت السميع العليم (35) فلما وضعتها قالت رب إني وضعتها أنثى والله أعلم بما وضعت وليس الذكر كالأنثى وإني سميتها مريم وإني أعيذها بك وذريتها من الشيطان الرجيم (36) فتقبلها ربها بقبول حسن وأنبتها نباتا حسنا وكفلها زكريا كلما دخل عليها زكريا المحراب وجد عندها رزقا قال يا مريم أنى لك هذا قالت هو من عند الله إن الله يرزق من يشاء بغير حساب
[قال ] : وقال البخاري : ابن عباس نذرت لك ما في بطني محررا [ ص: 205 ] : للمسجد يخدمها .
هذا من رواية ، عن عطاء بن السائب ، عن سعيد بن جبير . وقاله - أيضا -: ابن عباس ، مجاهد ، وعكرمة ، وقتادة وغيرهم . وقال والربيع بن أنس قتادة والربيع وغيرهما: كانوا يحررون الذكور من أولادهم للكنيسة يخدمها، فكانت تظن أن ما في بطنها ذكرا، فلما وضعت أنثى اعتذرت من ذلك إلى الله، وقالت: وليس الذكر كالأنثى لأن الأنثى لا تقوى على ما يقوى عليه الذكر من الخدمة، ولا تستطيع أن تلازم المسجد في حيضها، فقال الله عز وجل: فتقبلها ربها بقبول حسن - يعني: أن الله قبل نذرها، وإن كان أنثى، فإنه أعلم بما وضعت، وهذا كان في دين بني إسرائيل . وقد ذكر طائفة من المفسرين: أن هذا كان شرعا لهم، وأن شرعنا غير موافق له .
وخالفهم آخرون
: قال في "كتاب أحكام القرآن ": هذا النذر صحيح في شريعتنا، فإنه القاضي أبو يعلى صح النذر . إذا نذر الإنسان أن ينشئ ولده الصغير على عبادة الله وطاعته وأن يعلمه القرآن والفقه وعلوم الدين
وهذا الذي قاله حق، فقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: فلو "من نذر أن يطيع الله فليطعه " . لزمه الوفاء بذلك مع القدرة، [ ص: 206 ] وأما إن نذر أحد أن يخدم مسجدا لله عز وجل فلا يبعد أن يلزمه الوفاء بذلك، فإنه نذر طاعة فيلزمه أن يجرد ولده لما نذره له، ويجب على الولد طاعة أبيه إذا أمره بطاعة الله عز وجل . نذر أن يجعل ولده لله ملازما لمسجد يخدمه ويتعبد فيه،
وقد نص على أن الكافرين إذا جعلا ولدهما الصغير مسلما صار مسلما بذلك . الإمام أحمد
ولو الكعبة صح - نص عليه وقف عبده على خدمة - أيضا . أحمد
ونص في الكعبة أنه إذا أبى أن يخدم بيع واشتري بثمنه عبد يخدم مكانه . عبد موقوف على خدمة
وروى عن سعيد بن سالم القداح، ، عن أبيه، أن ابن أبي نجيح أخدم معاوية الكعبة عبيدا بعث بهم إليها، ثم اتبعت ذلك الولاة بعده . خرجه الأزرقي .