قوله تعالى: من كان يريد الحياة الدنيا وزينتها نوف إليهم أعمالهم فيها وهم فيها لا يبخسون (15) أولئك الذين ليس لهم في الآخرة إلا النار وحبط ما صنعوا فيها وباطل ما كانوا يعملون
وخرج من حديث مسلم - رضي الله عنه -، سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: أبي هريرة "إن أول الناس يقضى يوم القيامة عليه رجل استشهد، فأتي به، فعرفه نعمه، فعرفها، قال: فما عملت فيها؟ قال: قاتلت فيك حتى استشهدت، قال: كذبت، ولكنك قاتلت، لأن يقال: جريء، فقد قيل، ثم أمر به فسحب على وجهه، حتى ألقي في النار، ورجل تعلم العلم وعلمه، وقرأ القرآن، فأتي به، فعرفه نعمه فعرفها، قال: فما عملت فيها؟ قال: تعلمت العلم وعلمته، وقرأت فيك القرآن، قال: كذبت، ولكنك تعلمت العلم، [ ص: 553 ] ليقال: عالم، وقرأت القرآن ليقال: قارئ، فقد قيل، ثم أمر به فسحب على وجهه حتى ألقي في النار، ورجل وسع الله عليه، وأعطاه من أصناف المال كله، فأتي به، فعرفه نعمه، فعرفها، قال: فما عملت فيها؟ قال: ما تركت من سبيل تحب أن ينفق فيها إلا أنفقت فيها لك، قال: كذبت، ولكنك فعلت، ليقال: هو جواد، فقد قيل، ثم أمر به . فسحب على وجهه حتى ألقي في النار" .
وفي الحديث: أن لما بلغه هذا الحديث، بكى حتى غشي عليه . فلما أفاق، قال: صدق الله ورسوله، قال الله عز وجل: معاوية من كان يريد الحياة الدنيا وزينتها نوف إليهم أعمالهم فيها وهم فيها لا يبخسون أولئك الذين ليس لهم في الآخرة إلا النار
وقد ورد الوعيد على كما خرجه تعلم العلم لغير وجه الله، الإمام أحمد وأبو داود ، من حديث وابن ماجه - رضي الله عنه -، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: أبي هريرة "من تعلم علما مما يبتغى به وجه الله، لا يتعلمه إلا ليصيب به عرضا من الدنيا، لم يجد عرف الجنة يوم القيامة" يعني: ريحها .
وخرج من حديث الترمذي ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، قال: كعب بن مالك "من طلب العلم ليماري به السفهاء، أو يجاري به العلماء، أو يصرف به وجوه الناس إليه، أدخله الله النار" .
وخرجه بمعناه من حديث ابن ماجه ، ابن عمر ، وحذيفة ، عن النبي [ ص: 554 ] - صلى الله عليه وسلم - ولفظ حديث وجابر : جابر "لا تعلموا العلم لتباهوا به العلماء، ولا لتماروا به السفهاء، ولا تخيروا به المجالس، فمن فعل ذلك، فالنار النار" .
وقال : لا تعلموا العلم لثلاث: لتماروا به السفهاء، أو لتجادلوا به الفقهاء، أو لتصرفوا له وجوه الناس إليكم، وابتغوا بقولكم وفعلكم ما عند الله، فإنه يبقى ويذهب ما سواه . ابن مسعود
وقد ورد الوعيد على عموما، كما خرج العمل لغير الله من حديث الإمام أحمد ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، قال: أبي بن كعب "بشر هذه الأمة بالسناء والرفعة والدين والتمكين في الأرض، فمن عمل منهم عمل الآخرة للدنيا، لم يكن له في الآخرة من نصيب " .