[ ص: 159 ] وإنما المقصود هنا التنبيه على وأن ما بعث الله به نبيه الفرق بين الأقوال الثابتة بالكتاب والسنة وما فيها من العدل والحكمة والرحمة ; وبين الأقوال المرجوحة محمدا صلى الله عليه وسلم من الكتاب والحكمة يجمع مصالح العباد في المعاش والمعاد على أكمل وجه ; فإنه صلى الله عليه وسلم خاتم النبيين ولا نبي بعده وقد جمع الله في شريعته ما فرقه شرائع من قبله من الكمال ; إذ ليس بعده نبي فكمل به الأمر كما كمل به الدين .
فكتابه أفضل الكتب وشرعه أفضل الشرائع ومنهاجه أفضل المناهج وأمته خير الأمم وقد عصمها الله على لسانه فلا تجتمع على ضلالة ; ولكن يكون عند بعضها من العلم والفهم ما ليس عند بعض والعلماء ورثة الأنبياء وقد قال تعالى : { وداود وسليمان إذ يحكمان في الحرث إذ نفشت فيه غنم القوم وكنا لحكمهم شاهدين } { ففهمناها سليمان وكلا آتينا حكما وعلما } فهذان نبيان كريمان حكما في قصة فخص الله أحدهما بالفهم ; ولم يعب الآخر ; بل أثنى عليهما جميعا بالحكم والعلم . وهذا حكم العلماء المجتهدين ورثة الأنبياء وخلفاء الرسل العاملين بالكتاب .
وهذه القضية التي قضى فيها داود وسليمان لعلماء المسلمين فيها وما يشبهها أيضا قولان . منهم من يقضي بقضاء داود . ومنهم من يقضي بقضاء سليمان وهذا هو الصواب وكثير من العلماء أو أكثرهم لا يقول به ; بل قد لا يعرفه . وقد بسطنا هذا في غير هذا الجواب . والله أعلم بالصواب .
[ ص: 160 ]