[ ص: 192 ] باب الصداق وقال شيخ الإسلام رحمه الله السنة : تخفيف وألا يزيد على نساء النبي صلى الله عليه وسلم وبناته : فقد روت الصداق عائشة - رضي الله عنها - عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : { } وعن إن أعظم النساء بركة أيسرهن مئونة ابن عباس { } وعن عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : خيرهن أيسرهن صداقا الحسن البصري قال : رسول الله صلى الله عليه وسلم { ألزموا النساء الرجال ولا تغالوا في المهور } . وخطب الناس فقال : ألا لا تغالوا في مهور النساء ; فإنها لو كانت مكرمة في الدنيا أو تقوى عند الله : كان أولاكم النبي صلى الله عليه وسلم ما أصدق امرأة من نسائه ولا أصدقت امرأة من بناته أكثر من اثنتي عشرة أوقية . قال عمر بن الخطاب الترمذي : حديث صحيح . ويكره للرجل أن يصدق المرأة صداقا يضر به إن نقده ويعجز عن وفائه إن كان دينا .
قال : { أبو هريرة الأنصار . فقال : على كم تزوجتها ؟ قال : على أربع أواق . فقال النبي صلى الله عليه وسلم على أربع أواق فكأنما تنحتون الفضة من عرض هذا الجبل ما عندنا ما نعطيك ; ولكن عسى أن نبعثك في بعث تصيب منه قال : فبعث بعثا إلى بني عبس فبعث ذلك الرجل فيهم } . رواه جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : [ ص: 193 ] إني تزوجت امرأة من مسلم في صحيحه . " والأوقية " عندهم أربعون درهما وهي مجموع الصداق ليس فيه مقدم ومؤخر .
وعن أبي عمرو الأسلمي : { } رواه الإمام أنه ذكر أنه تزوج امرأة فأتى النبي صلى الله عليه وسلم يستعينه في صداقها فقال : كم أصدقت ؟ قال : فقلت ; مائتي درهم . فقال : لو كنتم تغرفون الدراهم من أوديتكم ما زدتم أحمد في مسنده . وإذا أصدقها دينا كثيرا في ذمته وهو ينوي ألا يعطيها إياه كان ذلك حراما عليه فإنه قد روى قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم { أبو هريرة فهو زان ومن ادان دينا ينوي ألا يقضيه فهو سارق تزوج امرأة بصداق ينوي ألا يؤديه إليها } . وما يفعله بعض أهل الجفاء والخيلاء والرياء من من وهم لا يقصدون أخذه من الزوج وهو ينوي ألا يعطيهم إياه : فهذا منكر قبيح مخالف للسنة خارج عن الشريعة . تكثير المهر للرياء والفخر
[ ص: 194 ] وإن قصد الزوج أن يؤديه وهو في الغالب لا يطيقه فقد حمل نفسه وشغل ذمته وتعرض لنقص حسناته وارتهانه بالدين ; وأهل المرأة قد آذوا صهرهم وضروه . والمستحب في " الصداق " مع القدرة واليسار : أن يكون جميع عاجله وآجله لا يزيد على مهر أزواج النبي صلى الله عليه وسلم ولا بناته وكان ما بين أربعمائة إلى خمسمائة . بالدراهم الخالصة نحوا من تسعة عشر دينارا . فهذه سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم من فعل ذلك فقد استن بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم في الصداق { رضي الله عنه كان : صداقنا إذ كان فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم عشر أواق وطبق بيديه . وذلك أربعمائة درهم أبو هريرة } رواه الإمام قال أحمد في مسنده وهذا لفظ أبي داود في سننه . { : قلت أبو سلمة لعائشة : كم كان صداق رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قالت : كان صداقه لأزواجه ثنتي عشرة أوقية ونشا . قالت أتدري ما النش ؟ قلت : لا قالت : نصف أوقية : فذلك خمسمائة درهم } . رواه وقال مسلم في صحيحه وقد تقدم عن عمر أن صداق بنات رسول الله صلى الله عليه وسلم كان نحوا من ذلك فمن دعته نفسه إلى أن يزيد صداق ابنته على صداق بنات رسول الله صلى الله عليه وسلم اللواتي هن خير خلق الله في كل فضيلة وهن أفضل نساء العالمين في كل صفة : فهو جاهل أحمق . وكذلك صداق أمهات المؤمنين . وهذا مع القدرة واليسار فأما الفقير ونحوه فلا ينبغي له أن يصدق المرأة إلا ما يقدر على وفائه من غير مشقة . [ ص: 195 ] والأولى فإن قدم البعض وأخر البعض : فهو جائز . تعجيل الصداق كله للمرأة قبل الدخول إذا أمكن
وقد كان السلف الصالح الطيب يرخصون الصداق . { في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم على وزن نواة من ذهب عبد الرحمن بن عوف } . قالوا : وزنها ثلاثة دراهم وثلث . وزوج فتزوج سعيد بن المسيب بنته على درهمين وهي من أفضل أيم من قريش بعد أن خطبها الخليفة لابنه فأبى أن يزوجها به . والذي نقل عن بعض السلف من تكثير صداق النساء فإنما كان ذلك لأن المال اتسع عليهم وكانوا يعجلون الصداق كله قبل الدخول ; لم يكونوا يؤخرون منه شيئا . ومن كان له يسار ووجد فأحب أن يعطي امرأته صداقا كثيرا فلا بأس بذلك كما قال تعالى : { وآتيتم إحداهن قنطارا فلا تأخذوا منه شيئا } . أما من يشغل ذمته بصداق لا يريد أن يؤديه أو يعجز عن وفائه : فهذا مكروه . كما تقدم وكذلك من جعل في ذمته صداقا كثيرا من غير وفاء له : فهذا ليس بمسنون . والله أعلم .