[ ص: 153 ] فصل ولفظ ( . يراد به أمران متفق عليهما بين المسلمين : - أحدهما هو أصل الإيمان والإسلام وهو التوسل بالإيمان به وبطاعته . والثاني دعاؤه وشفاعته وهذا أيضا نافع يتوسل به من دعا له وشفع فيه باتفاق المسلمين . ومن أنكر التوسل به بأحد هذين المعنيين فهو كافر مرتد يستتاب فإن تاب وإلا قتل مرتدا . ولكن التوسل بالإيمان به وبطاعته هو أصل الدين وهذا معلوم بالاضطرار من دين الإسلام للخاصة والعامة فمن أنكر هذا المعنى فكفره ظاهر للخاصة والعامة . وأما دعاؤه وشفاعته وانتفاع المسلمين بذلك فمن أنكره فهو أيضا كافر لكن هذا أخفى من الأول فمن أنكره عن جهل عرف ذلك ; فإن أصر على إنكاره فهو مرتد . أما دعاؤه وشفاعته في الدنيا فلم ينكره أحد من أهل القبلة . وأما التوسل قد يراد به ثلاثة أمور فمذهب أهل السنة والجماعة - وهم الصحابة والتابعون لهم بإحسان وسائر أئمة المسلمين الأربعة وغيرهم - أن له شفاعات يوم القيامة خاصة وعامة وأنه يشفع فيمن يأذن الله له أن يشفع فيه من أمته من أهل الكبائر . ولا ينتفع بشفاعته إلا أهل التوحيد المؤمنون ; دون أهل [ ص: 154 ] الشرك ولو كان المشرك محبا له معظما له لم تنقذه شفاعته من النار وإنما ينجيه من النار التوحيد والإيمان به ولهذا لما كان الشفاعة يوم القيامة أبو طالب وغيره يحبونه ولم يقروا بالتوحيد الذي جاء به لم يمكن أن يخرجوا من النار بشفاعته ولا بغيرها . وفي صحيح البخاري عن { أنه قال : قلت يا رسول الله أي الناس أسعد بشفاعتك يوم القيامة فقال أسعد الناس بشفاعتي يوم القيامة من قال لا إله إلا الله خالصا من قلبه أبي هريرة } . وعنه في صحيح مسلم قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم { } وفي السنن عن لكل نبي دعوة مستجابة فتعجل كل نبي دعوته وإني اختبأت دعوتي شفاعة يوم القيامة فهي نائلة إن شاء الله تعالى من مات من أمتي لا يشرك بالله شيئا عوف بن مالك قال : { } وفي لفظ قال { قال رسول الله أتاني آت من عند ربي فخيرني بين أن يدخل نصف أمتي الجنة وبين الشفاعة فاخترت الشفاعة وهي لمن مات لا يشرك بالله شيئا } . وهذا الأصل وهو التوحيد هو أصل الدين الذي لا يقبل الله من الأولين والآخرين دينا غيره وبه أرسل الله الرسل وأنزل الكتب كما قال تعالى : { ومن لقي الله لا يشرك به شيئا فهو في شفاعتي واسأل من أرسلنا من قبلك من رسلنا أجعلنا من دون الرحمن آلهة يعبدون } وقال تعالى : { وما أرسلنا من قبلك من رسول إلا نوحي إليه أنه لا إله إلا أنا فاعبدون } وقال تعالى : { ولقد بعثنا في كل أمة رسولا أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت فمنهم من هدى الله ومنهم من حقت عليه الضلالة } وقد ذكر الله عز وجل عن كل من الرسل أنه افتتح دعوته بأن قال لقومه : { اعبدوا الله ما لكم من إله غيره } [ ص: 155 ] وفي المسند عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : { } . بعثت بالسيف بين يدي الساعة حتى يعبد الله وحده لا شريك له وجعل رزقي تحت ظل رمحي وجعل الذل والصغار على من خالف أمري . ومن تشبه بقوم فهو منهم