ولقد تأملت أغلب
nindex.php?page=treesubj&link=28204_28207ما أوقع الناس في الحيل فوجدته أحد شيئين : إما ذنوب جوزوا عليها بتضييق في أمورهم فلم يستطيعوا دفع هذا الضيق إلا بالحيل فلم تزدهم الحيل إلا بلاء كما جرى لأصحاب السبت من
اليهود كما قال تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=657&ayano=4فبظلم من الذين هادوا حرمنا عليهم طيبات أحلت لهم } وهذا الذنب ذنب عملي . وإما مبالغة في التشديد لما اعتقدوه من تحريم الشارع فاضطرهم هذا الاعتقاد إلى الاستحلال بالحيل . وهذا
nindex.php?page=treesubj&link=28207من خطأ الاجتهاد ; وإلا فمن اتقى الله وأخذ ما أحل
[ ص: 46 ] له وأدى ما وجب عليه ; فإن الله لا يحوجه إلى الحيل المبتدعة أبدا . فإنه سبحانه لم يجعل علينا في الدين من حرج وإنما بعث نبينا صلى الله عليه وسلم بالحنيفية السمحة . فالسبب الأول : هو الظلم . والسبب الثاني : هو عدم العلم . والظلم والجهل هما وصف للإنسان المذكور في قوله : {
nindex.php?page=tafseer&surano=3638&ayano=33وحملها الإنسان إنه كان ظلوما جهولا } .
وأصل هذا : أن الله سبحانه إنما حرم علينا المحرمات من الأعيان : كالدم والميتة ولحم الخنزير ; أو من التصرفات : كالميسر والربا وما يدخل فيهما من بيوع الغرر وغيره ; لما في ذلك من المفاسد التي نبه الله عليها ورسوله بقوله سبحانه : {
nindex.php?page=tafseer&surano=765&ayano=5إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر ويصدكم عن ذكر الله وعن الصلاة فهل أنتم منتهون } فأخبر سبحانه : أن الميسر يوقع العداوة والبغضاء سواء كان ميسرا بالمال أو باللعب ; فإن المغالبة بلا فائدة وأخذ المال بلا حق يوقع في النفوس ذلك . وكذلك روى فقيه
المدينة من
الصحابة زيد بن ثابت رضي الله عنه قال : " {
nindex.php?page=hadith&LINKID=600515كان الناس على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم يتبايعون الثمار ، فإذا جد الناس وحضر تقاضيهم قال المبتاع : إنه أصاب الثمر دمان ، أصابه مراض أصابه قشام : عاهات يحتجون بها . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم - لما كثرت عنده الخصومة في ذلك - : فأما لا فلا تبايعوا حتى يبدو [ ص: 47 ] صلاح الثمر كالمشورة لهم يشير بها لكثرة خصومتهم واختلافهم } وذكر
خارجة بن زيد : " {
nindex.php?page=hadith&LINKID=600516أن زيدا لم يكن يبيع ثمار أرضه حتى تطلع الثريا فيتبين الأحمر من الأصفر } رواه
البخاري تعليقا
وأبو داود إلى قوله : " خصومتهم " . وروى
أحمد في المسند عنه قال : " {
nindex.php?page=hadith&LINKID=600517قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة ونحن نتبايع الثمار قبل أن يبدو صلاحها ، فسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم خصومة . فقال : ما هذا ؟ فقيل له : إن هؤلاء ابتاعوا الثمار يقولون : أصابها الدمان والقشام . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم فلا تبايعوها حتى يبدو صلاحها } .
فقد أخبر أن سبب نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك : ما أفضت إليه من الخصام . وهكذا بيوع الغرر . وقد ثبت نهيه عن بيع الثمار حتى يبدو صلاحها في الصحيحين من حديث
ابن عمر وابن عباس وجابر وأنس . وفي
مسلم من حديث
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة وفي حديث
أنس تعليله ففي الصحيحين عن
أنس : " {
nindex.php?page=hadith&LINKID=58073أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الثمار حتى تزهى قيل : وما تزهى ؟ قال : حتى تحمر أو تصفر فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أرأيت إذا منع الله الثمرة بم يأخذ أحدكم مال أخيه ؟ } وفي رواية " {
nindex.php?page=hadith&LINKID=600518أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الثمر حتى يزهو فقلنا لأنس : ما زهوها . قال : تحمر [ ص: 48 ] أو تصفر أرأيت إن منع الله الثمرة بم تستحل مال أخيك ؟ } قال
أبو مسعود الدمشقي : جعل
مالك والدراوردي قول
أنس : " {
nindex.php?page=hadith&LINKID=600519أرأيت إن منع الله الثمرة } من حديث النبي صلى الله عليه وسلم أدرجاه فيه : ويرون أنه غلط .
فهذا التعليل - سواء كان من كلام النبي صلى الله عليه وسلم أو كلام
أنس - فيه بيان أن في ذلك أكلا للمال بالباطل حيث أخذه في عقد معاوضة بلا عوض مضمون .
وإذا كانت مفسدة بيع الغرر هي كونه مظنة العداوة والبغضاء وأكل الأموال بالباطل : فمعلوم أن هذه المفسدة إذا عارضتها المصلحة الراجحة قدمت عليها كما أن السباق بالخيل والسهام والإبل . لما كان فيه مصلحة شرعية جاز بالعوض . وإن لم يجز غيره بعوض . وكما أن اللهو الذي يلهو به الرجل إذا لم يكن فيه منفعة فهو باطل وإن كان فيه منفعة - وهو ما ذكره النبي صلى الله عليه وسلم بقوله " {
nindex.php?page=hadith&LINKID=108380كل لهو يلهو به الرجل فهو باطل إلا رميه بقوسه وتأديبه فرسه وملاعبته امرأته فإنهن من الحق } - صار هذا اللهو حقا .
ومعلوم أن الضرر على الناس بتحريم هذه المعاملات أشد عليهم مما قد يتخوف فيها من تباغض وأكل مال بالباطل ; لأن الغرر فيها
[ ص: 49 ] يسير كما تقدم . والحاجة إليها ماسة . والحاجة الشديدة يندفع بها يسير الغرر . والشريعة جميعها مبنية على أن المفسدة المقتضية للتحريم إذا عارضتها حاجة راجحة أبيح المحرم ; فكيف إذا كانت المفسدة منتفية ولهذا لما كانت الحاجة داعية إلى بقاء الثمر بعد البيع على الشجر إلى كمال الصلاح أباح الشرع ذلك وقاله جمهور العلماء . كما سنقرر قاعدته إن شاء الله تعالى .
ولهذا كان مذهب
أهل المدينة وفقهاء الحديث : أنها إذا تلفت بعد البيع بجائحة كانت من ضمان البائع . كما رواه
مسلم في صحيحه عن
جابر بن عبد الله قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " {
nindex.php?page=hadith&LINKID=600520لو بعت من أخيك ثمرا فأصابته جائحة ، فلا يحل لك أن تأخذ منه شيئا . بم تأخذ مال أخيك بغير حق ؟ } . وفي رواية
لمسلم عنه : " {
nindex.php?page=hadith&LINKID=69882أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بوضع الجوائح } .
والشافعي رضي الله عنه لما لم يبلغه هذا الحديث - وإنما بلغه حديث
لسفيان بن عيينة فيه اضطراب - أخذ في ذلك بقول
الكوفيين : إنها تكون من ضمان المشتري ; لأنه مبيع قد تلف بعد القبض ; لأن التخلية بين المشتري وبينه قبض . وهذا على أصل
الكوفيين أمشى ; لأن المشتري لا يملك إبقاءه على الشجر وإنما موجب العقد عندهم : القبض الناجز بكل حال . وهو طرد لقياس سنذكر أصله وضعفه مع
[ ص: 50 ] أن مصلحة بني
آدم لا تقوم على ذلك . مع أني لا أعلم عن النبي صلى الله عليه وسلم سنة صريحة بأن المبيع التالف قبل التمكن من القبض يكون من مال البائع وينفسخ العقد بتلفه إلا حديث الجوائح هذا . ولو لم يكن فيه سنة لكان الاعتبار الصحيح يوافقه وهو ما نبه عليه النبي صلى الله عليه وسلم بقوله : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=600521بم يأخذ أحدكم مال أخيه بغير حق ؟ } فإن المشتري للثمرة إنما يتمكن من جذاذها عند كمالها ونضجها لا عند العقد كما أن المستأجر إنما يتمكن من استيفاء المنفعة شيئا فشيئا . فتلف الثمرة قبل التمكن من الجذاذ كتلف العين المؤجرة قبل التمكن من استيفاء المنفعة وفي الإجارة يتلف من ضمان المؤجر بالاتفاق . فكذلك في البيع .
وأبو حنيفة يفرق بينهما بأن المستأجر لم يملك المنفعة وأن المشتري لم يملك الإبقاء . وهذا الفرق لا يقول به
الشافعي وسنذكر أصله .
فلما كان النبي صلى الله عليه وسلم قد نهى عن بيعها حتى يبدو صلاحها . وفي لفظ
لمسلم عن
ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " {
nindex.php?page=hadith&LINKID=58106لا تبايعوا الثمر حتى يبدو صلاحه وتذهب عنه الآفة } وفي لفظ
لمسلم عنه : " {
nindex.php?page=hadith&LINKID=600522نهى عن بيع النخل حتى تزهو وعن السنبل حتى يبيض ويأمن العاهة : نهى البائع والمشتري } وفي سنن
أبي داود عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة رضي الله عنه قال : " {
nindex.php?page=hadith&LINKID=69886نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع النخل حتى يحرز من كل عارض } .
[ ص: 51 ] فمعلوم أن العلة ليست كونه كان معدوما . فإنه بعد بدو صلاحه وأمنه العاهة يزيد أجزاء لم تكن موجودة وقت العقد وليس المقصود الأمن من العاهات النادرة . فإن هذا لا سبيل إليه ; إذ قد يصيبها ما ذكره الله عن أهل الجنة الذين {
nindex.php?page=tafseer&surano=5356&ayano=68أقسموا ليصرمنها مصبحين } {
nindex.php?page=tafseer&surano=5357&ayano=68ولا يستثنون } وما ذكره في " سورة يونس " في قوله : {
nindex.php?page=tafseer&surano=1398&ayano=10حتى إذا أخذت الأرض زخرفها وازينت وظن أهلها أنهم قادرون عليها أتاها أمرنا ليلا أو نهارا فجعلناها حصيدا كأن لم تغن بالأمس } وإنما المقصود ذهاب العاهة التي يتكرر وجودها وهذه إنما تصيب الزرع قبل اشتداد الحب وقبل ظهور النضج في الثمر ; إذ العاهة بعد ذلك نادرة بالنسبة إلى ما قبله ولأنه لو منع بيعه بعد هذه الغاية لم يكن له وقت يجوز بيعه إلى حين كمال الصلاح . وبيع الثمر على الشجر بعد كمال صلاحه متعذر ; لأنه لا يكمل جملة واحدة . وإيجاب قطعه على مالكه فيه ضرر مرب على ضرر الغرر .
فتبين أن
nindex.php?page=treesubj&link=4814رسول الله صلى الله عليه وسلم قدم مصلحة جواز البيع الذي يحتاج إليه على مفسدة الغرر اليسير كما تقتضيه أصول الحكمة التي بعث بها صلى الله عليه وسلم وعلمها أمته .
ومن طرد القياس الذي انعقد في نفسه غير ناظر إلى ما يعارض علته من المانع الراجح : أفسد كثيرا من أمر الدين وضاق عليه عقله ودينه .
وَلَقَدْ تَأَمَّلْت أَغْلَبَ
nindex.php?page=treesubj&link=28204_28207مَا أَوْقَعَ النَّاسَ فِي الْحِيَلِ فَوَجَدْته أَحَدَ شَيْئَيْنِ : إمَّا ذُنُوبٌ جَوَّزُوا عَلَيْهَا بِتَضْيِيقٍ فِي أُمُورِهِمْ فَلَمْ يَسْتَطِيعُوا دَفْعَ هَذَا الضِّيقِ إلَّا بِالْحِيَلِ فَلَمْ تَزِدْهُمْ الْحِيَلُ إلَّا بَلَاءً كَمَا جَرَى لِأَصْحَابِ السَّبْتِ مِنْ
الْيَهُودِ كَمَا قَالَ تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=657&ayano=4فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ } وَهَذَا الذَّنْبُ ذَنْبٌ عَمَلِيٌّ . وَإِمَّا مُبَالَغَةٌ فِي التَّشْدِيدِ لِمَا اعْتَقَدُوهُ مِنْ تَحْرِيمِ الشَّارِعِ فَاضْطَرَّهُمْ هَذَا الِاعْتِقَادُ إلَى الِاسْتِحْلَالِ بِالْحِيَلِ . وَهَذَا
nindex.php?page=treesubj&link=28207مِنْ خَطَأِ الِاجْتِهَادِ ; وَإِلَّا فَمَنْ اتَّقَى اللَّهَ وَأَخَذَ مَا أَحَلَّ
[ ص: 46 ] لَهُ وَأَدَّى مَا وَجَبَ عَلَيْهِ ; فَإِنَّ اللَّهَ لَا يحوجه إلَى الْحِيَلِ الْمُبْتَدَعَةِ أَبَدًا . فَإِنَّهُ سُبْحَانَهُ لَمْ يَجْعَلْ عَلَيْنَا فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ وَإِنَّمَا بَعَثَ نَبِيَّنَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْحَنِيفِيَّةِ السَّمْحَةِ . فَالسَّبَبُ الْأَوَّلُ : هُوَ الظُّلْمُ . وَالسَّبَبُ الثَّانِي : هُوَ عَدَمُ الْعِلْمِ . وَالظُّلْمُ وَالْجَهْلُ هُمَا وَصْفٌ لِلْإِنْسَانِ الْمَذْكُورِ فِي قَوْلِهِ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=3638&ayano=33وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا } .
وَأَصْلُ هَذَا : أَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ إنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْنَا الْمُحَرَّمَاتِ مِنْ الْأَعْيَانِ : كَالدَّمِ وَالْمَيْتَةِ وَلَحْمِ الْخِنْزِيرِ ; أَوْ مِنْ التَّصَرُّفَاتِ : كَالْمَيْسِرِ وَالرِّبَا وَمَا يَدْخُلُ فِيهِمَا مِنْ بُيُوعِ الْغَرَرِ وَغَيْرِهِ ; لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ الْمَفَاسِدِ الَّتِي نَبَّهَ اللَّهُ عَلَيْهَا وَرَسُولُهُ بِقَوْلِهِ سُبْحَانَهُ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=765&ayano=5إنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ } فَأَخْبَرَ سُبْحَانَهُ : أَنَّ الْمَيْسِرَ يُوقِعُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ سَوَاءٌ كَانَ مَيْسِرًا بِالْمَالِ أَوْ بِاللَّعِبِ ; فَإِنَّ الْمُغَالَبَةَ بِلَا فَائِدَةٍ وَأَخْذَ الْمَالِ بِلَا حَقٍّ يُوقِعُ فِي النُّفُوسِ ذَلِكَ . وَكَذَلِكَ رَوَى فَقِيهُ
الْمَدِينَةِ مِنْ
الصَّحَابَةِ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : " {
nindex.php?page=hadith&LINKID=600515كَانَ النَّاسُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَبَايَعُونَ الثِّمَارَ ، فَإِذَا جَدَّ النَّاسُ وَحَضَرَ تَقَاضِيهِمْ قَالَ الْمُبْتَاعُ : إنَّهُ أَصَابَ الثَّمَرَ دَمَانٌ ، أَصَابَهُ مِرَاضٌ أَصَابَهُ قُشَامٌ : عَاهَاتٌ يَحْتَجُّونَ بِهَا . فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمَّا كَثُرَتْ عِنْدَهُ الْخُصُومَةُ فِي ذَلِكَ - : فَأَمَّا لَا فَلَا تَبَايَعُوا حَتَّى يَبْدُوَ [ ص: 47 ] صَلَاحُ الثَّمَرِ كَالْمَشُورَةِ لَهُمْ يُشِيرُ بِهَا لِكَثْرَةِ خُصُومَتِهِمْ وَاخْتِلَافِهِمْ } وَذَكَرَ
خَارِجَةُ بْنُ زَيْدٍ : " {
nindex.php?page=hadith&LINKID=600516أَنَّ زَيْدًا لَمْ يَكُنْ يَبِيعُ ثِمَارَ أَرْضِهِ حَتَّى تَطْلُعَ الثُّرَيَّا فَيَتَبَيَّنُ الْأَحْمَرُ مِنْ الْأَصْفَرِ } رَوَاهُ
الْبُخَارِيُّ تَعْلِيقًا
وَأَبُو داود إلَى قَوْلِهِ : " خُصُومَتِهِمْ " . وَرَوَى
أَحْمَد فِي الْمُسْنَدِ عَنْهُ قَالَ : " {
nindex.php?page=hadith&LINKID=600517قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ وَنَحْنُ نَتَبَايَعُ الثِّمَارَ قَبْلَ أَنْ يَبْدُوَ صَلَاحُهَا ، فَسَمِعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خُصُومَةً . فَقَالَ : مَا هَذَا ؟ فَقِيلَ لَهُ : إنَّ هَؤُلَاءِ ابْتَاعُوا الثِّمَارَ يَقُولُونَ : أَصَابَهَا الدَّمَانُ وَالْقُشَامُ . فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَا تَبَايَعُوهَا حَتَّى يَبْدُوَ صَلَاحُهَا } .
فَقَدْ أَخْبَرَ أَنَّ سَبَبَ نَهْيِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ ذَلِكَ : مَا أَفَضْت إلَيْهِ مِنْ الْخِصَامِ . وَهَكَذَا بُيُوعُ الْغَرَرِ . وَقَدْ ثَبَتَ نَهْيُهُ عَنْ بَيْعِ الثِّمَارِ حَتَّى يَبْدُوَ صَلَاحُهَا فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ
ابْنِ عُمَرَ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَجَابِرٍ وَأَنَسٍ . وَفِي
مُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِ
nindex.php?page=showalam&ids=3أَبِي هُرَيْرَةَ وَفِي حَدِيثِ
أَنَسٍ تَعْلِيلُهُ فَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ
أَنَسٍ : " {
nindex.php?page=hadith&LINKID=58073أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ بَيْعِ الثِّمَارِ حَتَّى تُزْهَى قِيلَ : وَمَا تُزْهَى ؟ قَالَ : حَتَّى تَحْمَرَّ أَوْ تَصْفَرَّ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرَأَيْت إذَا مَنَعَ اللَّهُ الثَّمَرَةَ بِمَ يَأْخُذُ أَحَدُكُمْ مَالَ أَخِيهِ ؟ } وَفِي رِوَايَةٍ " {
nindex.php?page=hadith&LINKID=600518أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ بَيْعِ الثَّمَرِ حَتَّى يَزْهُوَ فَقُلْنَا لِأَنَسِ : مَا زَهْوُهَا . قَالَ : تَحْمَرُّ [ ص: 48 ] أَوْ تَصْفَرُّ أَرَأَيْت إنْ مَنَعَ اللَّهُ الثَّمَرَةَ بِمَ تَسْتَحِلُّ مَالَ أَخِيك ؟ } قَالَ
أَبُو مَسْعُودٍ الدِّمَشْقِيُّ : جَعَلَ
مَالِكٌ والدراوردي قَوْلَ
أَنَسٍ : " {
nindex.php?page=hadith&LINKID=600519أَرَأَيْت إنْ مَنَعَ اللَّهُ الثَّمَرَةَ } مِنْ حَدِيثِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَدْرَجَاهُ فِيهِ : وَيَرَوْنَ أَنَّهُ غَلَطٌ .
فَهَذَا التَّعْلِيلُ - سَوَاءٌ كَانَ مِنْ كَلَامِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْ كَلَامِ
أَنَسٍ - فِيهِ بَيَانُ أَنَّ فِي ذَلِكَ أَكْلًا لِلْمَالِ بِالْبَاطِلِ حَيْثُ أَخَذَهُ فِي عَقْدِ مُعَاوَضَةٍ بِلَا عِوَضٍ مَضْمُونٍ .
وَإِذَا كَانَتْ مَفْسَدَةُ بَيْعِ الْغَرَرِ هِيَ كَوْنُهُ مَظِنَّةَ الْعَدَاوَةِ وَالْبَغْضَاءِ وَأَكْلِ الْأَمْوَالِ بِالْبَاطِلِ : فَمَعْلُومٌ أَنَّ هَذِهِ الْمَفْسَدَةَ إذَا عَارَضَتْهَا الْمَصْلَحَةُ الرَّاجِحَةُ قُدِّمَتْ عَلَيْهَا كَمَا أَنَّ السِّبَاقَ بِالْخَيْلِ وَالسِّهَامِ وَالْإِبِلِ . لَمَّا كَانَ فِيهِ مَصْلَحَةٌ شَرْعِيَّةٌ جَازَ بِالْعِوَضِ . وَإِنْ لَمْ يَجُزْ غَيْرُهُ بِعِوَضِ . وَكَمَا أَنَّ اللَّهْوَ الَّذِي يَلْهُو بِهِ الرَّجُلُ إذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ مَنْفَعَةٌ فَهُوَ بَاطِلٌ وَإِنْ كَانَ فِيهِ مَنْفَعَةٌ - وَهُوَ مَا ذَكَرَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَوْلِهِ " {
nindex.php?page=hadith&LINKID=108380كُلُّ لَهْوٍ يَلْهُو بِهِ الرَّجُلُ فَهُوَ بَاطِلٌ إلَّا رَمْيَهُ بِقَوْسِهِ وَتَأْدِيبَهُ فَرَسَهُ وَمُلَاعَبَتَهُ امْرَأَتَهُ فَإِنَّهُنَّ مِنْ الْحَقِّ } - صَارَ هَذَا اللَّهْوُ حَقًّا .
وَمَعْلُومٌ أَنَّ الضَّرَرَ عَلَى النَّاسِ بِتَحْرِيمِ هَذِهِ الْمُعَامَلَاتِ أَشَدُّ عَلَيْهِمْ مِمَّا قَدْ يَتَخَوَّفُ فِيهَا مِنْ تَبَاغُضٍ وَأَكْلِ مَالٍ بِالْبَاطِلِ ; لِأَنَّ الْغَرَرَ فِيهَا
[ ص: 49 ] يَسِيرٌ كَمَا تَقَدَّمَ . وَالْحَاجَةُ إلَيْهَا مَاسَّةٌ . وَالْحَاجَةُ الشَّدِيدَةُ يَنْدَفِعُ بِهَا يَسِيرُ الْغَرَرِ . وَالشَّرِيعَةُ جَمِيعُهَا مَبْنِيَّةٌ عَلَى أَنَّ الْمَفْسَدَةَ الْمُقْتَضِيَةَ لِلتَّحْرِيمِ إذَا عَارَضَتْهَا حَاجَةٌ رَاجِحَةٌ أُبِيحَ الْمُحَرَّمُ ; فَكَيْفَ إذَا كَانَتْ الْمَفْسَدَةُ مُنْتَفِيَةً وَلِهَذَا لَمَّا كَانَتْ الْحَاجَةُ دَاعِيَةً إلَى بَقَاءِ الثَّمَرِ بَعْدَ الْبَيْعِ عَلَى الشَّجَرِ إلَى كَمَالِ الصَّلَاحِ أَبَاحَ الشَّرْعُ ذَلِكَ وَقَالَهُ جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ . كَمَا سَنُقَرِّرُ قَاعِدَتَهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى .
وَلِهَذَا كَانَ مَذْهَبُ
أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَفُقَهَاءِ الْحَدِيثِ : أَنَّهَا إذَا تَلِفَتْ بَعْدَ الْبَيْعِ بِجَائِحَةٍ كَانَتْ مِنْ ضَمَانِ الْبَائِعِ . كَمَا رَوَاهُ
مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ عَنْ
جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " {
nindex.php?page=hadith&LINKID=600520لَوْ بِعْت مِنْ أَخِيك ثَمَرًا فَأَصَابَتْهُ جَائِحَةٌ ، فَلَا يَحِلُّ لَك أَنْ تَأْخُذَ مِنْهُ شَيْئًا . بِمَ تَأْخُذُ مَالَ أَخِيك بِغَيْرِ حَقٍّ ؟ } . وَفِي رِوَايَةٍ
لِمُسْلِمِ عَنْهُ : " {
nindex.php?page=hadith&LINKID=69882أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِوَضْعِ الْجَوَائِحِ } .
وَالشَّافِعِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لَمَّا لَمْ يَبْلُغْهُ هَذَا الْحَدِيثُ - وَإِنَّمَا بَلَغَهُ حَدِيثٌ
لِسُفْيَانَ بْنِ عيينة فِيهِ اضْطِرَابٌ - أَخَذَ فِي ذَلِكَ بِقَوْلِ
الْكُوفِيِّينَ : إنَّهَا تَكُونُ مِنْ ضَمَانِ الْمُشْتَرِي ; لِأَنَّهُ مَبِيعٌ قَدْ تَلِفَ بَعْدَ الْقَبْضِ ; لِأَنَّ التَّخْلِيَةَ بَيْنَ الْمُشْتَرِي وَبَيْنَهُ قَبْضٌ . وَهَذَا عَلَى أَصْلِ
الْكُوفِيِّينَ أَمْشَى ; لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ لَا يَمْلِكُ إبْقَاءَهُ عَلَى الشَّجَرِ وَإِنَّمَا مُوجِبُ الْعَقْدِ عِنْدَهُمْ : الْقَبْضُ النَّاجِزُ بِكُلِّ حَالٍ . وَهُوَ طَرْدٌ لِقِيَاسٍ سَنَذْكُرُ أَصْلَهُ وَضَعْفَهُ مَعَ
[ ص: 50 ] أَنَّ مَصْلَحَةَ بَنِي
آدَمَ لَا تَقُومُ عَلَى ذَلِكَ . مَعَ أَنِّي لَا أَعْلَمُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُنَّةً صَرِيحَةً بِأَنَّ الْمَبِيعَ التَّالِفَ قَبْلَ التَّمَكُّنِ مِنْ الْقَبْضِ يَكُونُ مِنْ مَالِ الْبَائِعِ وَيَنْفَسِخُ الْعَقْدُ بِتَلَفِهِ إلَّا حَدِيثَ الْجَوَائِحِ هَذَا . وَلَوْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ سُنَّةٌ لَكَانَ الِاعْتِبَارُ الصَّحِيحُ يُوَافِقُهُ وَهُوَ مَا نَبَّهَ عَلَيْهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَوْلِهِ : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=600521بِمَ يَأْخُذُ أَحَدُكُمْ مَالَ أَخِيهِ بِغَيْرِ حَقٍّ ؟ } فَإِنَّ الْمُشْتَرِيَ لِلثَّمَرَةِ إنَّمَا يَتَمَكَّنُ مِنْ جِذَاذِهَا عِنْدَ كَمَالِهَا وَنُضْجِهَا لَا عِنْدَ الْعَقْدِ كَمَا أَنَّ الْمُسْتَأْجِرَ إنَّمَا يَتَمَكَّنُ مِنْ اسْتِيفَاءِ الْمَنْفَعَةِ شَيْئًا فَشَيْئًا . فَتَلَفُ الثَّمَرَةِ قَبْلَ التَّمَكُّنِ مِنْ الْجِذَاذِ كَتَلَفِ الْعَيْنِ الْمُؤَجَّرَةِ قَبْلَ التَّمَكُّنِ مِنْ اسْتِيفَاءِ الْمَنْفَعَةِ وَفِي الْإِجَارَةِ يَتْلَفُ مِنْ ضَمَانِ الْمُؤَجِّرِ بِالِاتِّفَاقِ . فَكَذَلِكَ فِي الْبَيْعِ .
وَأَبُو حَنِيفَةَ يُفَرِّقُ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ الْمُسْتَأْجِرَ لَمْ يَمْلِكْ الْمَنْفَعَةَ وَأَنَّ الْمُشْتَرِيَ لَمْ يَمْلِكْ الْإِبْقَاءَ . وَهَذَا الْفَرْقُ لَا يَقُولُ بِهِ
الشَّافِعِيُّ وَسَنَذْكُرُ أَصْلَهُ .
فَلَمَّا كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ نَهَى عَنْ بَيْعِهَا حَتَّى يَبْدُوَ صَلَاحُهَا . وَفِي لَفْظٍ
لِمُسْلِمِ عَنْ
ابْنِ عُمَرَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " {
nindex.php?page=hadith&LINKID=58106لَا تَبَايَعُوا الثَّمَرَ حَتَّى يَبْدُوَ صَلَاحُهُ وَتَذْهَبَ عَنْهُ الْآفَةُ } وَفِي لَفْظٍ
لِمُسْلِمِ عَنْهُ : " {
nindex.php?page=hadith&LINKID=600522نَهَى عَنْ بَيْعِ النَّخْلِ حَتَّى تَزْهُوَ وَعَنْ السُّنْبُلِ حَتَّى يَبْيَضَّ وَيَأْمَنَ الْعَاهَةَ : نَهَى الْبَائِعَ وَالْمُشْتَرِيَ } وَفِي سُنَنِ
أَبِي داود عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=3أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : " {
nindex.php?page=hadith&LINKID=69886نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ بَيْعِ النَّخْلِ حَتَّى يُحْرَزَ مِنْ كُلِّ عَارِضٍ } .
[ ص: 51 ] فَمَعْلُومٌ أَنَّ الْعِلَّةَ لَيْسَتْ كَوْنَهُ كَانَ مَعْدُومًا . فَإِنَّهُ بَعْدَ بُدُوِّ صَلَاحِهِ وَأَمْنِهِ الْعَاهَةَ يَزِيدُ أَجْزَاءً لَمْ تَكُنْ مَوْجُودَةً وَقْتَ الْعَقْدِ وَلَيْسَ الْمَقْصُودُ الْأَمْنَ مِنْ الْعَاهَاتِ النَّادِرَةِ . فَإِنَّ هَذَا لَا سَبِيلَ إلَيْهِ ; إذْ قَدْ يُصِيبُهَا مَا ذَكَرَهُ اللَّهُ عَنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ الَّذِينَ {
nindex.php?page=tafseer&surano=5356&ayano=68أَقْسَمُوا لَيَصْرِمُنَّهَا مُصْبِحِينَ } {
nindex.php?page=tafseer&surano=5357&ayano=68وَلَا يَسْتَثْنُونَ } وَمَا ذَكَرَهُ فِي " سُورَةِ يُونُسَ " فِي قَوْلِهِ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=1398&ayano=10حَتَّى إذَا أَخَذَتِ الْأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلًا أَوْ نَهَارًا فَجَعَلْنَاهَا حَصِيدًا كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ } وَإِنَّمَا الْمَقْصُودُ ذَهَابُ الْعَاهَةِ الَّتِي يَتَكَرَّرُ وُجُودُهَا وَهَذِهِ إنَّمَا تُصِيبُ الزَّرْعَ قَبْلَ اشْتِدَادِ الْحَبِّ وَقَبْلَ ظُهُورِ النُّضْجِ فِي الثَّمَرِ ; إذْ الْعَاهَةُ بَعْدَ ذَلِكَ نَادِرَةٌ بِالنِّسْبَةِ إلَى مَا قَبْلَهُ وَلِأَنَّهُ لَوْ مَنَعَ بَيْعَهُ بَعْدَ هَذِهِ الْغَايَةِ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَقْتٌ يَجُوزُ بَيْعُهُ إلَى حِينِ كَمَالِ الصَّلَاحِ . وَبَيْعُ الثَّمَرِ عَلَى الشَّجَرِ بَعْدَ كَمَالِ صَلَاحِهِ مُتَعَذَّرٌ ; لِأَنَّهُ لَا يَكْمُلُ جُمْلَةً وَاحِدَةً . وَإِيجَابُ قَطْعِهِ عَلَى مَالِكِهِ فِيهِ ضَرَرٌ مُرْبٍ عَلَى ضَرَرِ الْغَرَرِ .
فَتَبَيَّنَ أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=4814رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدَّمَ مَصْلَحَةَ جَوَازِ الْبَيْعِ الَّذِي يَحْتَاجُ إلَيْهِ عَلَى مَفْسَدَةِ الْغَرَرِ الْيَسِيرِ كَمَا تَقْتَضِيهِ أُصُولُ الْحِكْمَةِ الَّتِي بُعِثَ بِهَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَلَّمَهَا أُمَّتَهُ .
وَمَنْ طَرَدَ الْقِيَاسَ الَّذِي انْعَقَدَ فِي نَفْسِهِ غَيْرَ نَاظِرٍ إلَى مَا يُعَارِضُ عِلَّتَهُ مِنْ الْمَانِعِ الرَّاجِحِ : أَفْسَدَ كَثِيرًا مِنْ أَمْرِ الدِّينِ وَضَاقَ عَلَيْهِ عَقْلُهُ وَدِينُهُ .