[ ص: 216 ] وقال رحمه الله وأما فحكم المسلم يتنوع كما تنوع الحكم في حق رسول الله صلى الله عليه وسلم في حق تارك الصلاة ونحوه من المظهرين لبدعة أو فجور مكة وفي المدينة . فليس حكم القادر على تعزيرهم بالهجرة حكم العاجز ولا هجرة من لا يحتاج إلى مجالستهم كهجرة المحتاج . والأصل أن نوعان : هجرة ترك وهجرة تعزير . أما الأولى فقد دل عليها قوله تعالى : { هجرة الفجار واهجرهم هجرا جميلا } وقوله : { وقد نزل عليكم في الكتاب أن إذا سمعتم آيات الله يكفر بها ويستهزأ بها فلا تقعدوا معهم حتى يخوضوا في حديث غيره } .
ومن هذا الباب هجرة المسلم من دار الحرب .
فالمقصود بهذا أن يهجر المسلم السيئات ويهجر قرناء السوء الذين تضره صحبتهم إلا لحاجة أو مصلحة راجحة . وأما " هجر التعزير " فمثل { هجر النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه الثلاثة الذين خلفوا } وهجر عمر والمسلمين لصبيغ فهذا من نوع العقوبات . فإذا كان يحصل [ ص: 217 ] بهذا الهجر حصول معروف أو اندفاع منكر فهي مشروعة . وإن كان يحصل بها من الفساد ما يزيد على فساد الذنب فليست مشروعة . والله أعلم .