الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
[ ص: 214 ] وسئل شيخ الإسلام عن مسلم بدرت منه معصية في حال صباه توجب مهاجرته ومجانبته . فقالت طائفة منهم : يستغفر الله ويصفح عنه ويتجاوز عن كل ما كان منه . وقالت طائفة أخرى : لا تجوز أخوته ولا مصاحبته . فأي الطائفتين أحق بالحق ؟
وإذا كان كذلك وتاب الرجل فإن عمل عملا صالحا سنة من الزمان ولم ينقض التوبة فإنه يقبل منه ذلك ويجالس ويكلم . وأما إذا تاب ولم تمض عليه سنة فللعلماء فيه قولان مشهوران . منهم من يقول : في الحال يجالس وتقبل شهادته . ومنهم من يقول : لا بد من مضي سنة كما فعل nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب بصبيغ بن عسل . وهذه من [ ص: 215 ] مسائل الاجتهاد . فمن رأى أن تقبل توبة هذا التائب ويجالس في الحال قبل اختباره : فقد أخذ بقول سائغ . ومن رأى أنه يؤخر مدة حتى يعمل صالحا ويظهر صدق توبته فقد أخذ بقول سائغ . وكلا القولين ليس من المنكرات .
وقال الشيخ : نهى الله عن nindex.php?page=treesubj&link=18856_28995إشاعة الفاحشة بقوله تعالى : { nindex.php?page=tafseer&surano=2834&ayano=24إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب أليم في الدنيا والآخرة } وكذلك أمر بستر الفواحش كما قال النبي صلى الله عليه وسلم { nindex.php?page=hadith&LINKID=600313من ابتلي بشيء من هذه القاذورات فليستتر بستر الله ; فإنه من يبد لنا صفحته نقم عليه الكتاب } . وقال : { nindex.php?page=hadith&LINKID=28727كل أمتي معافى إلا المجاهرين ; والمجاهرة أن يبيت الرجل على الذنب قد ستره الله فيصبح يتحدث به } فما دام الذنب مستورا فمصيبته على صاحبه خاصة فإذا أظهر ولم ينكر كان ضرره عاما فكيف إذا كان في ظهوره تحريك غيره إليه ولهذا أنكر nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد وغيره أشكال الشعر الغزلي الرقيق ; لئلا تتحرك النفوس إلى الفواحش فلهذا أمر من ابتلي بالعشق أن يعف ويكتم فيكون حينئذ ممن قال الله فيه : { nindex.php?page=tafseer&surano=1698&ayano=12إنه من يتق ويصبر فإن الله لا يضيع أجر المحسنين } والله أعلم .