nindex.php?page=treesubj&link=28995_26107وقوله تعالى { nindex.php?page=tafseer&surano=2841&ayano=24الخبيثات للخبيثين والخبيثون للخبيثات والطيبات للطيبين والطيبون للطيبات } فأخبر تعالى أن النساء الخبيثات للرجال الخبيثين فلا تكون خبيثة لطيب فإن ذلك خلاف الحصر فلا
[ ص: 323 ] تنكح الزانية الخبيثة إلا زانيا خبيثا وأخبر أن الطيبين للطيبات فلا يكون الطيب لامرأة خبيثة فإن ذلك خلاف الحصر ; إذ قد ذكر أن جميع الخبيثات للخبيثين فلا تبقى خبيثة لطيب ولا طيب لخبيثة . وأخبر أن جميع الطيبات للطيبين فلا تبقى طيبة لخبيث فجاء الحصر من الجانبين موافقا لقوله : {
nindex.php?page=tafseer&surano=2818&ayano=24الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة والزانية لا ينكحها إلا زان أو مشرك وحرم ذلك على المؤمنين } ولهذا قال من قال من
السلف : ما بغت امرأة نبي قط فإن هذه السورة نزل صدرها بسبب أهل الإفك وما قالوه في
عائشة ولهذا لما قيل فيها ما قيل وصارت شبهة استشار النبي صلى الله عليه وسلم من استشاره في طلاقها قبل أن تنزل براءتها ; إذ لا يصلح له أن تكون امرأته غير طيبة وقد روي {
nindex.php?page=hadith&LINKID=597730أنه لا يدخل الجنة ديوث } والديوث الذي يقر السوء في أهله .
ولهذا كانت
nindex.php?page=treesubj&link=29696الغيرة على الزنا مما يحبها الله وأمر بها حتى قال النبي صلى الله عليه وسلم {
nindex.php?page=hadith&LINKID=265أتعجبون من غيرة سعد ؟ لأنا أغير منه والله أغير مني ; من أجل ذلك حرم الفواحش ما ظهر منها وما بطن } ولهذا أذن الله للقاذف إذا كان زوجها أن يلاعن : فيشهد أربع شهادات بالله إنه لمن الصادقين وجعل ذلك يدفع عنه حد القذف كما لو أقام على ذلك أربعة شهود لأنه محتاج إلى قذفها لأجل ما أمر الله به من
[ ص: 324 ] الغيرة ولأنها ظلمته بإفساد فراشه وإن كانت قد حبلت من الزنا فعليه اللعان لينفي عنه النسب الباطل لئلا يلحق به ما ليس منه .
وقد
nindex.php?page=treesubj&link=12304_12286_12287_12288مضت سنة النبي صلى الله عليه وسلم بالتفريق بين المتلاعنين سواء حصلت الفرقة بتلاعنهما أو احتاجت إلى تفريق الحاكم أو حصلت عند انقضاء لعان الزوج ; لأن أحدهما ملعون أو خبيث فاقترانهما بعد ذلك يقتضي مقارنة الخبيث الملعون للطيب وفي صحيح
مسلم عن
عمران ابن حصين {
nindex.php?page=hadith&LINKID=597731حديث المرأة التي لعنت ناقة لها فأمر النبي صلى الله عليه وسلم فأخذ ما عليها وأرسلت ; وقال : لا تصحبنا ناقة ملعونة } . وفي الصحيحين عنه أنه لما اجتاز
بديار ثمود قال : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=30143لا تدخلوا على هؤلاء المعذبين إلا أن تكونوا باكين ; فإن لم تكونوا باكين فلا تدخلوا عليهم لئلا يصيبكم ما أصابهم } فنهى عن عبور ديارهم إلا على وجه الخوف المانع من العذاب .
وهكذا السنة في مقارنة الظالمين والزناة وأهل البدع والفجور وسائر المعاصي : لا ينبغي لأحد أن يقارنهم ولا يخالطهم إلا على وجه يسلم به من عذاب الله عز وجل وأقل ذلك أن يكون منكرا لظلمهم ماقتا لهم شانئا ما هم فيه بحسب الإمكان كما في الحديث : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=26106من رأى منكم منكرا فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع [ ص: 325 ] فبقلبه وذلك أضعف الإيمان } وقال تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=5306&ayano=66وضرب الله مثلا للذين آمنوا امرأة فرعون } الآية . وكذلك ما ذكره عن
يوسف الصديق وعمله على خزائن الأرض لصاحب
مصر لقوم كفار .
وذلك أن مقارنة الفجار إنما يفعلها المؤمن في موضعين : أحدهما أن يكون مكرها عليها والثاني : أن يكون ذلك في مصلحة دينية راجحة على مفسدة المقارنة أو أن يكون في تركها مفسدة راجحة في دينه فيدفع أعظم المفسدتين باحتمال أدناهما وتحصل المصلحة الراجحة باحتمال المفسدة المرجوحة وفي الحقيقة فالمكره هو من يدفع الفساد الحاصل باحتمال أدناهما وهو الأمر الذي أكره عليه قال تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=2023&ayano=16إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان } وقال تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=2848&ayano=24ولا تكرهوا فتياتكم على البغاء } ثم قال : {
nindex.php?page=tafseer&surano=2848&ayano=24ومن يكرهن فإن الله من بعد إكراههن غفور رحيم } وقال تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=594&ayano=4إن الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم قالوا فيم كنتم قالوا كنا مستضعفين في الأرض قالوا ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها فأولئك مأواهم جهنم وساءت مصيرا } {
nindex.php?page=tafseer&surano=595&ayano=4إلا المستضعفين من الرجال والنساء والولدان لا يستطيعون حيلة ولا يهتدون سبيلا } {
nindex.php?page=tafseer&surano=596&ayano=4فأولئك عسى الله أن يعفو عنهم وكان الله عفوا غفورا } وقال : {
nindex.php?page=tafseer&surano=572&ayano=4وما لكم لا تقاتلون في سبيل الله والمستضعفين من الرجال والنساء والولدان } الآية .
[ ص: 326 ] فقد دلت هذه الآية على النهي عن
nindex.php?page=treesubj&link=28995مناكحة الزاني والمناكحة نوع خاص من المعاشرة والمزاوجة والمقارنة والمصاحبة ولهذا سمي كل منهما زوجا وصاحبا وقرينا وعشيرا للآخر والمناكحة في أصل اللغة المجامعة والمضامة فقلوبهما تجتمع إذا عقد العقد بينهما ويصير بينهما من التعاطف والتراحم ما لم يكن قبل ذلك حتى تثبت بذلك حرمة المصاهرة في غير الربيبة لمجرد ذلك والتوارث وعدة الوفاة وغير ذلك : وأوسط ذلك اجتماعهما خاليين في مكان واحد وهو المعاشرة المقررة للصداق كما قضى به الخلفاء وآخر ذلك اجتماع المباضعة وهذا وإن اجتمع بدون عقد نكاح فهو اجتماع ضعيف ; بل اجتماع القلوب أعظم من مجرد اجتماع البدنين بالسفاح .
ودل قوله : {
nindex.php?page=tafseer&surano=2841&ayano=24الطيبات للطيبين } على ذلك من جهة المعنى ومن جهة اللفظ ودل أيضا على النهي عن مقارنة الفجار ومزاوجتهم كما دل على هذا غير ذلك من النصوص : مثل قوله : {
nindex.php?page=tafseer&surano=3847&ayano=37احشروا الذين ظلموا وأزواجهم } أي : وأشباههم ونظراءهم والزوج أعم من النكاح المعروف قال تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=4363&ayano=42يهب لمن يشاء إناثا ويهب لمن يشاء الذكور } {
nindex.php?page=tafseer&surano=4364&ayano=42أو يزوجهم ذكرانا وإناثا } وقال : {
nindex.php?page=tafseer&surano=5888&ayano=81وإذا النفوس زوجت } وقال : {
nindex.php?page=tafseer&surano=4687&ayano=22من كل زوج بهيج } و {
nindex.php?page=tafseer&surano=2841&ayano=8كريم } وقال : {
nindex.php?page=tafseer&surano=4775&ayano=51ومن كل شيء خلقنا زوجين } وقال : {
nindex.php?page=tafseer&surano=1723&ayano=13جعل فيها زوجين اثنين } وقال : {
nindex.php?page=tafseer&surano=5758&ayano=78وخلقناكم أزواجا } وقال : {
nindex.php?page=tafseer&surano=1524&ayano=11احمل فيها من كل زوجين اثنين } وقال : {
nindex.php?page=tafseer&surano=5277&ayano=64إن من أزواجكم وأولادكم } .
وإن كان في الآية نص في الزوجة التي هي الصاحبة وفي الولد منها فمعنى ذلك في كل مشابه ومقارن ومشارك وفي كل فرع وتابع ف {
nindex.php?page=tafseer&surano=2157&ayano=17الحمد لله الذي لم يتخذ ولدا ولم يكن له شريك في الملك ولم يكن له ولي من الذل } و {
nindex.php?page=tafseer&surano=2881&ayano=25تبارك الذي نزل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيرا } {
nindex.php?page=tafseer&surano=2882&ayano=25الذي له ملك السماوات والأرض ولم يتخذ ولدا ولم يكن له شريك في الملك وخلق كل شيء فقدره تقديرا } .
فالمصاحبة والمصاهرة والمؤاخاة لا تجوز إلا مع أهل طاعة الله تعالى على مراد الله ويدل على ذلك الحديث الذي في السنن : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=21905لا تصاحب إلا مؤمنا ولا يأكل طعامك إلا تقي } وفيها : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=15146المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل } وفي الصحيحين من حديث
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=10082إذا زنت أمة أحدكم فليجلدها الحد ثم إن زنت فليجلدها الحد ثم إن زنت فليبعها ولو بضفير } و " الضفير " الحبل وشك الراوي هل أمر ببيعها في الثالثة أو الرابعة . وهذا أمر من النبي صلى الله عليه وسلم ببيع الأمة بعد إقامة الحد عليها مرتين أو ثلاثا ولو بأدنى مال قال الإمام
أحمد : إن لم يبعها كان تاركا لأمر النبي صلى الله عليه وسلم .
[ ص: 328 ] والإماء اللاتي يفعلن هذا تكون عامتهن للخدمة لا للتمتع فكيف بأمة التمتع ؟ وإذا وجب إخراج الأمة الزانية عن ملكه فكيف بالزوجة الزانية والعبد والمملوك نظير الأمة ويدل على ذلك كله ما رواه
مسلم في صحيحه عن
nindex.php?page=showalam&ids=8علي بن أبي طالب عن النبي صلى الله عليه وسلم {
nindex.php?page=hadith&LINKID=597732أنه لعن من أحدث حدثا أو آوى محدثا } فهذا يوجب لعنة كل من آوى محدثا سواء كان إحداثه بالزنا أو السرقة أو غير ذلك وسواء كان الإيواء بملك يمين أو نكاح أو غير ذلك لأن أقل ما في ذلك تركه إنكارا للمنكر .
nindex.php?page=treesubj&link=28995_26107وقَوْله تَعَالَى { nindex.php?page=tafseer&surano=2841&ayano=24الْخَبِيثَاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثَاتِ وَالطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَاتِ } فَأَخْبَرَ تَعَالَى أَنَّ النِّسَاءَ الْخَبِيثَاتِ لِلرِّجَالِ الْخَبِيثَيْنِ فَلَا تَكُونُ خَبِيثَةٌ لِطَيِّبٍ فَإِنَّ ذَلِكَ خِلَافَ الْحَصْرِ فَلَا
[ ص: 323 ] تَنْكِحُ الزَّانِيَةُ الْخَبِيثَةُ إلَّا زَانِيًا خَبِيثًا وَأَخْبَرَ أَنَّ الطَّيِّبِينَ لِلطَّيِّبَاتِ فَلَا يَكُونُ الطَّيِّبُ لِامْرَأَةٍ خَبِيثَةٍ فَإِنَّ ذَلِكَ خِلَافَ الْحَصْرِ ; إذْ قَدْ ذَكَرَ أَنَّ جَمِيعَ الْخَبِيثَاتِ لِلْخَبِيثَيْنِ فَلَا تَبْقَى خَبِيثَةٌ لِطَيِّبِ وَلَا طَيِّبٌ لِخَبِيثَةِ . وَأَخْبَرَ أَنَّ جَمِيعَ الطَّيِّبَاتِ لِلطَّيِّبِينَ فَلَا تَبْقَى طَيِّبَةٌ لِخَبِيثِ فَجَاءَ الْحَصْرُ مِنْ الْجَانِبَيْنِ مُوَافِقًا لِقَوْلِهِ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=2818&ayano=24الزَّانِي لَا يَنْكِحُ إلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لَا يَنْكِحُهَا إلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ } وَلِهَذَا قَالَ مَنْ قَالَ مِنْ
السَّلَفِ : مَا بَغَتْ امْرَأَةُ نَبِيٍّ قَطُّ فَإِنَّ هَذِهِ السُّورَةَ نَزَلَ صَدْرُهَا بِسَبَبِ أَهْلِ الْإِفْكِ وَمَا قَالُوهُ فِي
عَائِشَةَ وَلِهَذَا لَمَّا قِيلَ فِيهَا مَا قِيلَ وَصَارَتْ شُبْهَةٌ اسْتَشَارَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ اسْتَشَارَهُ فِي طَلَاقِهَا قَبْلَ أَنْ تَنْزِلَ بَرَاءَتَهَا ; إذْ لَا يَصْلُحُ لَهُ أَنْ تَكُونَ امْرَأَتُهُ غَيْرَ طَيِّبَةٍ وَقَدْ رُوِيَ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=597730أَنَّهُ لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ دَيُّوثٌ } وَالدَّيُّوثُ الَّذِي يُقِرُّ السُّوءَ فِي أَهْلِهِ .
وَلِهَذَا كَانَتْ
nindex.php?page=treesubj&link=29696الْغَيْرَةُ عَلَى الزِّنَا مِمَّا يُحِبُّهَا اللَّهُ وَأَمَرَ بِهَا حَتَّى قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=265أَتَعْجَبُونَ مِنْ غَيْرَةِ سَعْدٍ ؟ لَأَنَا أَغَيْرُ مِنْهُ وَاَللَّهُ أَغَيْرُ مِنِّي ; مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ حَرَّمَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ } وَلِهَذَا أَذِنَ اللَّهُ لِلْقَاذِفِ إذَا كَانَ زَوْجَهَا أَنْ يُلَاعِنَ : فَيَشْهَدُ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاَللَّهِ إنَّهُ لَمِنْ الصَّادِقِينَ وَجَعَلَ ذَلِكَ يَدْفَعُ عَنْهُ حَدَّ الْقَذْفِ كَمَا لَوْ أَقَامَ عَلَى ذَلِكَ أَرْبَعَةَ شُهُودٍ لِأَنَّهُ مُحْتَاجٌ إلَى قَذْفِهَا لِأَجْلِ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ مِنْ
[ ص: 324 ] الْغَيْرَةِ وَلِأَنَّهَا ظَلَمَتْهُ بِإِفْسَادِ فِرَاشِهِ وَإِنْ كَانَتْ قَدْ حَبِلَتْ مِنْ الزِّنَا فَعَلَيْهِ اللِّعَانُ لِيَنْفِيَ عَنْهُ النَّسَبَ الْبَاطِلَ لِئَلَّا يَلْحَقَ بِهِ مَا لَيْسَ مِنْهُ .
وَقَدْ
nindex.php?page=treesubj&link=12304_12286_12287_12288مَضَتْ سُنَّةُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالتَّفْرِيقِ بَيْنَ الْمُتَلَاعِنَيْنِ سَوَاءٌ حَصَلَتْ الْفُرْقَةُ بِتَلَاعُنِهِمَا أَوْ احْتَاجَتْ إلَى تَفْرِيقِ الْحَاكِمِ أَوْ حَصَلَتْ عِنْدَ انْقِضَاءِ لِعَانِ الزَّوْجِ ; لِأَنَّ أَحَدَهُمَا مَلْعُونٌ أَوْ خَبِيثٌ فَاقْتِرَانُهُمَا بَعْدَ ذَلِكَ يَقْتَضِي مُقَارَنَةَ الْخَبِيثِ الْمَلْعُونِ لِلطَّيِّبِ وَفِي صَحِيحِ
مُسْلِمٍ عَنْ
عِمْرَانَ ابْنِ حُصَيْنٍ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=597731حَدِيثُ الْمَرْأَةِ الَّتِي لَعَنَتْ نَاقَةً لَهَا فَأَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخَذَ مَا عَلَيْهَا وَأُرْسِلَتْ ; وَقَالَ : لَا تَصْحَبُنَا نَاقَةٌ مَلْعُونَةٌ } . وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْهُ أَنَّهُ لَمَّا اجْتَازَ
بِدِيَارِ ثَمُودٍ قَالَ : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=30143لَا تَدْخُلُوا عَلَى هَؤُلَاءِ الْمُعَذَّبِينَ إلَّا أَنْ تَكُونُوا بَاكِينَ ; فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا بَاكِينَ فَلَا تَدْخُلُوا عَلَيْهِمْ لِئَلَّا يُصِيبَكُمْ مَا أَصَابَهُمْ } فَنَهَى عَنْ عُبُورِ دِيَارِهِمْ إلَّا عَلَى وَجْهِ الْخَوْفِ الْمَانِعِ مِنْ الْعَذَابِ .
وَهَكَذَا السُّنَّةُ فِي مُقَارِنَةِ الظَّالِمِينَ وَالزُّنَاةِ وَأَهْلِ الْبِدَعِ وَالْفُجُورِ وَسَائِرِ الْمَعَاصِي : لَا يَنْبَغِي لِأَحَدِ أَنْ يُقَارِنَهُمْ وَلَا يُخَالِطَهُمْ إلَّا عَلَى وَجْهٍ يَسْلَمُ بِهِ مِنْ عَذَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَأَقَلُّ ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ مُنْكَرًا لِظُلْمِهِمْ مَاقِتًا لَهُمْ شَانِئًا مَا هُمْ فِيهِ بِحَسَبِ الْإِمْكَانِ كَمَا فِي الْحَدِيثِ : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=26106مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ [ ص: 325 ] فَبِقَلْبِهِ وَذَلِكَ أَضْعَفُ الْإِيمَانِ } وَقَالَ تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=5306&ayano=66وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ آمَنُوا امْرَأَةَ فِرْعَوْنَ } الْآيَةُ . وَكَذَلِكَ مَا ذَكَرَهُ عَنْ
يُوسُفَ الصِّدِّيقِ وَعَمَلِهِ عَلَى خَزَائِنِ الْأَرْضِ لِصَاحِبِ
مِصْرَ لِقَوْمِ كُفَّارٍ .
وَذَلِكَ أَنَّ مُقَارَنَةَ الْفُجَّارِ إنَّمَا يَفْعَلُهَا الْمُؤْمِنُ فِي مَوْضِعَيْنِ : أَحَدُهُمَا أَنْ يَكُونَ مُكْرَهًا عَلَيْهَا وَالثَّانِي : أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ فِي مَصْلَحَةٍ دِينِيَّةٍ رَاجِحَةٍ عَلَى مَفْسَدَةِ الْمُقَارَنَةِ أَوْ أَنْ يَكُونَ فِي تَرْكِهَا مَفْسَدَةٌ رَاجِحَةٌ فِي دِينِهِ فَيَدْفَعُ أَعْظَمَ الْمَفْسَدَتَيْنِ بِاحْتِمَالِ أَدْنَاهُمَا وَتَحْصُلُ الْمَصْلَحَةُ الرَّاجِحَةُ بِاحْتِمَالِ الْمَفْسَدَةِ الْمَرْجُوحَةِ وَفِي الْحَقِيقَةِ فَالْمُكْرَهُ هُوَ مَنْ يَدْفَعُ الْفَسَادَ الْحَاصِلَ بِاحْتِمَالِ أَدْنَاهُمَا وَهُوَ الْأَمْرُ الَّذِي أُكْرِهَ عَلَيْهِ قَالَ تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=2023&ayano=16إلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ } وَقَالَ تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=2848&ayano=24وَلَا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ } ثُمَّ قَالَ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=2848&ayano=24وَمَنْ يُكْرِهُّنَّ فَإِنَّ اللَّهَ مِنْ بَعْدِ إكْرَاهِهِنَّ غَفُورٌ رَحِيمٌ } وَقَالَ تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=594&ayano=4إنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنْتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا فَأُولَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيرًا } {
nindex.php?page=tafseer&surano=595&ayano=4إلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ لَا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلَا يَهْتَدُونَ سَبِيلًا } {
nindex.php?page=tafseer&surano=596&ayano=4فَأُولَئِكَ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُمْ وَكَانَ اللَّهُ عَفُوًّا غَفُورًا } وَقَالَ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=572&ayano=4وَمَا لَكُمْ لَا تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِين مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ } الْآيَةُ .
[ ص: 326 ] فَقَدْ دَلَّتْ هَذِهِ الْآيَةُ عَلَى النَّهْيِ عَنْ
nindex.php?page=treesubj&link=28995مُنَاكَحَةِ الزَّانِي وَالْمُنَاكَحَةُ نَوْعٌ خَاصٌّ مِنْ الْمُعَاشَرَةِ وَالْمُزَاوَجَةِ وَالْمُقَارَنَةِ وَالْمُصَاحَبَةِ وَلِهَذَا سُمِّيَ كُلٌّ مِنْهُمَا زَوْجًا وَصَاحِبًا وَقَرِينًا وَعَشِيرًا لِلْآخَرِ وَالْمُنَاكَحَةُ فِي أَصْلِ اللُّغَةِ الْمُجَامَعَةُ وَالْمُضَامَّةُ فَقُلُوبُهُمَا تَجْتَمِعُ إذَا عُقِدَ الْعَقْدُ بَيْنَهُمَا وَيَصِيرُ بَيْنَهُمَا مِنْ التَّعَاطُفِ وَالتَّرَاحُمِ مَا لَمْ يَكُنْ قَبْلَ ذَلِكَ حَتَّى تَثْبُتَ بِذَلِكَ حُرْمَةُ الْمُصَاهَرَةِ فِي غَيْرِ الرَّبِيبَةِ لِمُجَرَّدِ ذَلِكَ وَالتَّوَارُثُ وَعِدَّةُ الْوَفَاةِ وَغَيْرُ ذَلِكَ : وَأَوْسَطُ ذَلِكَ اجْتِمَاعُهُمَا خَالِيَيْنِ فِي مَكَانٍ وَاحِدٍ وَهُوَ الْمُعَاشَرَةُ الْمُقَرِّرَةُ لِلصَّدَاقِ كَمَا قَضَى بِهِ الْخُلَفَاءُ وَآخِرُ ذَلِكَ اجْتِمَاعُ الْمُبَاضَعَةِ وَهَذَا وَإِنْ اجْتَمَعَ بِدُونِ عَقْدِ نِكَاحٍ فَهُوَ اجْتِمَاعٌ ضَعِيفٌ ; بَلْ اجْتِمَاعُ الْقُلُوبِ أَعْظَمُ مِنْ مُجَرَّدِ اجْتِمَاعِ الْبَدَنَيْنِ بِالسِّفَاحِ .
وَدَلَّ قَوْلُهُ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=2841&ayano=24الطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ } عَلَى ذَلِكَ مِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى وَمِنْ جِهَةِ اللَّفْظِ وَدَلَّ أَيْضًا عَلَى النَّهْيِ عَنْ مُقَارَنَةِ الْفُجَّارِ وَمُزَاوَجَتِهِمْ كَمَا دَلَّ عَلَى هَذَا غَيْرُ ذَلِكَ مِنْ النُّصُوصِ : مِثْلُ قَوْلِهِ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=3847&ayano=37احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ } أَيْ : وَأَشْبَاهَهُمْ وَنُظَرَاءَهُمْ وَالزَّوْجُ أَعَمُّ مِنْ النِّكَاحِ الْمَعْرُوفِ قَالَ تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=4363&ayano=42يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إنَاثًا وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ } {
nindex.php?page=tafseer&surano=4364&ayano=42أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَانًا وَإِنَاثًا } وَقَالَ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=5888&ayano=81وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ } وَقَالَ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=4687&ayano=22مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ } و {
nindex.php?page=tafseer&surano=2841&ayano=8كَرِيمٌ } وَقَالَ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=4775&ayano=51وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ } وَقَالَ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=1723&ayano=13جَعَلَ فِيهَا زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ } وَقَالَ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=5758&ayano=78وَخَلَقْنَاكُمْ أَزْوَاجًا } وَقَالَ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=1524&ayano=11احْمِلْ فِيهَا مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ } وَقَالَ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=5277&ayano=64إنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ } .
وَإِنْ كَانَ فِي الْآيَةِ نَصَّ فِي الزَّوْجَةِ الَّتِي هِيَ الصَّاحِبَةُ وَفِي الْوَلَدِ مِنْهَا فَمَعْنَى ذَلِكَ فِي كُلِّ مُشَابِهٍ وَمُقَارِنٍ وَمُشَارِكٍ وَفِي كُلِّ فَرْعٍ وَتَابِعٍ ف {
nindex.php?page=tafseer&surano=2157&ayano=17الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ } و {
nindex.php?page=tafseer&surano=2881&ayano=25تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا } {
nindex.php?page=tafseer&surano=2882&ayano=25الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا } .
فَالْمُصَاحَبَةُ وَالْمُصَاهَرَةُ وَالْمُؤَاخَاةُ لَا تَجُوزُ إلَّا مَعَ أَهْلِ طَاعَةِ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى مُرَادِ اللَّهِ وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ الْحَدِيثُ الَّذِي فِي السُّنَنِ : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=21905لَا تُصَاحِبْ إلَّا مُؤْمِنًا وَلَا يَأْكُلْ طَعَامَك إلَّا تَقِيٌّ } وَفِيهَا : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=15146الْمَرْءُ عَلَى دِينِ خَلِيلِهِ فَلْيَنْظُرْ أَحَدُكُمْ مَنْ يخالل } وَفِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ
nindex.php?page=showalam&ids=3أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=10082إذَا زَنَتْ أَمَةُ أَحَدِكُمْ فَلْيَجْلِدْهَا الْحَدَّ ثُمَّ إنْ زَنَتْ فَلْيَجْلِدْهَا الْحَدَّ ثُمَّ إنْ زَنَتْ فَلْيَبِعْهَا وَلَوْ بِضَفِيرِ } و " الضَّفِيرُ " الْحَبْلُ وَشَكَّ الرَّاوِي هَلْ أَمَرَ بِبَيْعِهَا فِي الثَّالِثَةِ أَوْ الرَّابِعَةِ . وَهَذَا أَمْرٌ مِنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِبَيْعِ الْأُمَّةِ بَعْدَ إقَامَةِ الْحَدِّ عَلَيْهَا مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا وَلَوْ بِأَدْنَى مَالٍ قَالَ الْإِمَامُ
أَحْمَد : إنْ لَمْ يَبِعْهَا كَانَ تَارِكًا لِأَمْرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .
[ ص: 328 ] وَالْإِمَاءُ اللَّاتِي يَفْعَلْنَ هَذَا تَكُونُ عَامَّتُهُنَّ لِلْخِدْمَةِ لَا لِلتَّمَتُّعِ فَكَيْفَ بِأَمَةِ التَّمَتُّعِ ؟ وَإِذَا وَجَبَ إخْرَاجُ الْأَمَةِ الزَّانِيَةِ عَنْ مِلْكِهِ فَكَيْفَ بِالزَّوْجَةِ الزَّانِيَةِ وَالْعَبْدُ وَالْمَمْلُوكُ نَظِيرُ الْأَمَةِ وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ كُلِّهِ مَا رَوَاهُ
مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=8عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=597732أَنَّهُ لَعَنَ مَنْ أَحْدَثَ حَدَثًا أَوْ آوَى مُحْدِثًا } فَهَذَا يُوجِبُ لَعْنَةَ كُلِّ مَنْ آوَى مُحْدِثًا سَوَاءٌ كَانَ إحْدَاثُهُ بِالزِّنَا أَوْ السَّرِقَةِ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ وَسَوَاءٌ كَانَ الْإِيوَاءُ بِمِلْكِ يَمِينٍ أَوْ نِكَاحٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ لِأَنَّ أَقَلَّ مَا فِي ذَلِكَ تَرْكُهُ إنْكَارًا لِلْمُنْكَرِ .