nindex.php?page=treesubj&link=28768فالشفاعة : مقصودها قبول المشفوع إليه - وهي الشفاعة التامة . فهذه هي التي لا تكون إلا بإذنه . وأما إذا شفع شفيع فلم تقبل
[ ص: 387 ] شفاعته : كانت كعدمها وكان على صاحبها التوبة والاستغفار منها .
كما قال
نوح {
nindex.php?page=tafseer&surano=1531&ayano=11رب إني أعوذ بك أن أسألك ما ليس لي به علم وإلا تغفر لي وترحمني أكن من الخاسرين } وكما نهى الله النبي صلى الله عليه وسلم عن الصلاة على المنافقين . وقال له {
nindex.php?page=tafseer&surano=1328&ayano=9ولا تصل على أحد منهم مات أبدا ولا تقم على قبره إنهم كفروا بالله ورسوله وماتوا وهم فاسقون } وقال له {
nindex.php?page=tafseer&surano=5257&ayano=63سواء عليهم أستغفرت لهم أم لم تستغفر لهم لن يغفر الله لهم }
. ولهذا قال على لسان المشركين {
nindex.php?page=tafseer&surano=3058&ayano=26فما لنا من شافعين } {
nindex.php?page=tafseer&surano=3059&ayano=26ولا صديق حميم } .
nindex.php?page=treesubj&link=28768فالشفاعة المطلوبة : هي شفاعة المطاع الذي تقبل شفاعته . وهذه ليست لأحد عند الله إلا بإذنه قدرا وشرعا . فلا بد أن يأذن فيها . ولا بد أن يجعل العبد شافعا . فهو الخالق لفعله والمبيح له كما في الداعي : هو الذي أمره بالدعاء وهو الذي يجعل الداعي داعيا فالأمر كله لله خلقا وأمرا . كما قال {
nindex.php?page=tafseer&surano=1015&ayano=7ألا له الخلق والأمر }
. وقد روي في حديث - ذكره
ابن أبي حاتم وغيره - أنه قال {
فمن يثق به فليدعه } أي فلم يبق لغيره لا خلق ولا أمر . ولما كان المراد بالشفاعة المثبتة : هي الشفاعة المطلقة وهي المقصود بالشفاعة وهي المقبولة بخلاف المردودة . فإن أحدا لا يريدها لا
[ ص: 388 ] الشافع ولا المشفوع له ولا المشفوع إليه . ولو علم الشافع والمشفوع له أنها ترد : لم يفعلوها . والشفاعة المقبولة : هي النافعة . بين ذلك في مثل قوله {
nindex.php?page=tafseer&surano=3663&ayano=34ولا تنفع الشفاعة عنده إلا لمن أذن له } وقوله {
nindex.php?page=tafseer&surano=2477&ayano=20يومئذ لا تنفع الشفاعة إلا من أذن له الرحمن ورضي له قولا } فنفى الشفاعة المطلقة وبين أن الشفاعة لا تنفع عنده إلا لمن أذن له . وهو الإذن الشرعي بمعنى : أباح له ذلك . وأجازه . كما قال تعالى {
nindex.php?page=tafseer&surano=2656&ayano=22أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا } وقوله {
nindex.php?page=tafseer&surano=3619&ayano=33لا تدخلوا بيوت النبي إلا أن يؤذن لكم } وقوله {
nindex.php?page=tafseer&surano=2873&ayano=24ليستأذنكم الذين ملكت أيمانكم } ونحو ذلك .
وقوله {
nindex.php?page=tafseer&surano=3663&ayano=34إلا لمن أذن له } هو إذن للمشفوع له . فلا يأذن في شفاعة مطلقة لأحد . بل إنما يأذن في أن يشفعوا لمن أذن لهم في الشفاعة فيه . قال تعالى {
nindex.php?page=tafseer&surano=2476&ayano=20يومئذ يتبعون الداعي لا عوج له وخشعت الأصوات للرحمن فلا تسمع إلا همسا } {
nindex.php?page=tafseer&surano=2477&ayano=20يومئذ لا تنفع الشفاعة إلا من أذن له الرحمن ورضي له قولا } وفيه قولان : قيل : إلا شفاعة من أذن له الرحمن .
وقيل : لا تنفع الشفاعة إلا لمن أذن له الرحمن . فهو الذي تنفعه الشفاعة . وهذا هو الذي يذكره طائفة من المفسرين . لا يذكرون غيره
[ ص: 389 ] لأنه لم يقل " لا تنفع إلا من أذن له " ولا قال " لا تنفع الشفاعة إلا فيمن أذن له " بل قال {
nindex.php?page=tafseer&surano=2477&ayano=20لا تنفع الشفاعة إلا من أذن له } فهي لا تنفع ولا ينتفع بها ولا تكون نافعة إلا للمأذون لهم . كما قال تعالى في الآية الأخرى {
nindex.php?page=tafseer&surano=3663&ayano=34ولا تنفع الشفاعة عنده إلا لمن أذن له } . ولا يقال : لا تنفع إلا لشفيع مأذون له .
بل لو أريد هذا لقيل : لا تنفع الشفاعة عنده إلا من أذن له . وإنما قال {
nindex.php?page=tafseer&surano=3663&ayano=34إلا لمن أذن له } وهو المشفوع له الذي تنفعه الشفاعة . وقوله {
nindex.php?page=tafseer&surano=3663&ayano=34حتى إذا فزع عن قلوبهم } لم يعد إلى " الشفعاء " بل عاد إلى المذكورين في قوله {
nindex.php?page=tafseer&surano=3662&ayano=34وما لهم فيهما من شرك وما له منهم من ظهير } ثم قال {
nindex.php?page=tafseer&surano=3663&ayano=34ولا تنفع الشفاعة عنده } ثم بين أن هذا منتف {
nindex.php?page=tafseer&surano=3663&ayano=34حتى إذا فزع عن قلوبهم قالوا ماذا قال ربكم قالوا الحق } فلا يعلمون ماذا قال حتى يفزع عن قلوبهم فكيف يشفعون بلا إذنه ؟ . وهو سبحانه
nindex.php?page=treesubj&link=28768إذا أذن للمشفوع له فقد أذن للشافع . فهذا الإذن هو الإذن المطلق بخلاف ما إذا أذن للشافع فقط . فإنه لا يلزم أن يكون قد أذن للمشفوع له . إذ قد يأذن له إذنا خاصا .
[ ص: 390 ] وهكذا قال غير واحد من المفسرين . قالوا : وهذا يدل على أن
nindex.php?page=treesubj&link=28768الشفاعة لا تنفع إلا المؤمنين . وكذلك قال
السلف في هذه الآية . قال
قتادة في قوله {
nindex.php?page=tafseer&surano=2477&ayano=20إلا من أذن له الرحمن ورضي له قولا } قال : كان
nindex.php?page=treesubj&link=28988_28768أهل العلم يقولون : إن المقام المحمود الذي قال الله تعالى { nindex.php?page=tafseer&surano=2125&ayano=17عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا } هو شفاعته يوم القيامة .
وقوله {
nindex.php?page=tafseer&surano=2477&ayano=20إلا من أذن له الرحمن ورضي له قولا } إن الله يشفع المؤمنين بعضهم في بعض . قال
البغوي {
nindex.php?page=tafseer&surano=2477&ayano=20إلا من أذن له الرحمن } أذن الله له أن يشفع له {
nindex.php?page=tafseer&surano=2477&ayano=20ورضي له قولا } أي ورضي قوله . قال
ابن عباس : يعني قال " لا إله إلا الله " قال
البغوي : فهذا يدل على أنه لا يشفع لغير المؤمن .
وقد ذكروا القولين في قوله تعالى {
nindex.php?page=tafseer&surano=3663&ayano=34ولا تنفع الشفاعة عنده إلا لمن أذن له } وقدم طائفة هناك : أن المستثنى هو الشافع دون المشفوع له بخلاف ما قدموه هنا . منهم
البغوي . فإنه لم يذكر هنا في الاستثناء إلا المشفوع له .
[ ص: 391 ] وقال هناك : {
nindex.php?page=tafseer&surano=3663&ayano=34ولا تنفع الشفاعة عنده إلا لمن أذن له } في الشفاعة قاله تكذيبا لهم حيث قالوا {
nindex.php?page=tafseer&surano=1392&ayano=10هؤلاء شفعاؤنا عند الله } قال : ويجوز أن يكون المعنى : إلا لمن أذن له أن يشفع له .
وكذلك ذكروا القولين في قوله {
nindex.php?page=tafseer&surano=4454&ayano=43ولا يملك الذين يدعون من دونه الشفاعة إلا من شهد بالحق } وسنتكلم على هذه الآية إن شاء الله تعالى ونبين أن الاستثناء فيها يعم الطائفتين وأنه منقطع . ومعنى هاتين الآيتين مثل معنى تلك الآية . وهو يعم النوعين . وذلك : أنه سبحانه قال {
nindex.php?page=tafseer&surano=2477&ayano=20يومئذ لا تنفع الشفاعة إلا من أذن له الرحمن ورضي له قولا } و " الشفاعة " مصدر شفع شفاعة .
والمصدر يضاف إلى الفاعل تارة وإلى محل الفعل تارة . ويماثله الذي يسمى لفظه " المفعول به " تارة كما يقال : أعجبني دق الثوب ودق القصار .
وذلك مثل لفظ " العلم " يضاف تارة إلى العلم وتارة إلى المعلوم . فالأول كقوله {
nindex.php?page=tafseer&surano=264&ayano=2ولا يحيطون بشيء من علمه } وقوله {
nindex.php?page=tafseer&surano=663&ayano=4أنزله بعلمه } وقوله {
nindex.php?page=tafseer&surano=1498&ayano=11أنما أنزل بعلم الله } ونحو ذلك . والثاني : كقوله {
nindex.php?page=tafseer&surano=3534&ayano=31إن الله عنده علم الساعة } فالساعة هنا : معلومة لا عالمة . وقوله حين قال
فرعون {
nindex.php?page=tafseer&surano=2419&ayano=20فما بال القرون الأولى }
[ ص: 392 ] قال
موسى {
nindex.php?page=tafseer&surano=2420&ayano=20علمها عند ربي في كتاب لا يضل ربي ولا ينسى } ومثل هذا كثير .
فالشفاعة مصدر لا بد لها من شافع ومشفوع له . والشفاعة : تعم شفاعة كل شافع وكل شفاعة لمشفوع له . فإذا قال {
nindex.php?page=tafseer&surano=2477&ayano=20يومئذ لا تنفع الشفاعة } نفى النوعين : شفاعة الشفعاء والشفاعة للمذنبين . فقوله {
nindex.php?page=tafseer&surano=2477&ayano=20إلا من أذن له الرحمن } يتناول النوعين : من أذن له الرحمن ورضي له قولا من الشفعاء . ومن أذن له الرحمن ورضي له قولا من المشفوع له . وهي تنفع المشفوع له فتخلصه من العذاب . وتنفع الشافع فتقبل منه ويكرم بقبولها ويثاب عليه . والشفاعة يومئذ لا تنفع لا شافعا ولا مشفوعا له {
nindex.php?page=tafseer&surano=5788&ayano=78إلا من أذن له الرحمن وقال صوابا } فهذا الصنف المأذون لهم المرضي قولهم : هم الذين يحصل لهم نفع الشفاعة .
وهذا موافق لسائر الآيات . فإنه تارة يشترط في الشفاعة إذنه . كقوله {
nindex.php?page=tafseer&surano=264&ayano=2من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه } . وتارة يشترط فيهما الشهادة بالحق .
كقوله {
nindex.php?page=tafseer&surano=4454&ayano=43ولا يملك الذين يدعون من دونه الشفاعة } ثم قال {
nindex.php?page=tafseer&surano=4454&ayano=43إلا من شهد بالحق وهم يعلمون } . وهنا اشترط الأمرين : أن يأذن له الرحمن وأن يقول صوابا والمستثنى يتناول مصدر الفاعل والمفعول كما تقول : لا ينفع الزرع إلا في وقته . فهو يتناول زرع الحارث وزرع الأرض لكن هنا قال {
nindex.php?page=tafseer&surano=2477&ayano=20إلا من أذن له الرحمن } والاستثناء مفرغ . فإنه لم يتقدم قبل هذا من يستثنى منه هذا . وإنما قال {
nindex.php?page=tafseer&surano=2477&ayano=20لا تنفع الشفاعة إلا من أذن له الرحمن } فإذا لم يكن في الكلام حذف كان المعنى : لا تنفع الشفاعة إلا هذا النوع فإنهم تنفعهم الشفاعة . ويكون المعنى : أنها تنفع الشافع والمشفوع له . وإن جعل فيه حذف - تقديره : لا تنفع الشفاعة إلا شفاعة من أذن له الرحمن - كان المصدر مضافا إلى النوعين كل واحد بحسبه يضاف إلى بعضهم لكونه شافعا وإلى بعضهم لكونه مشفوعا له ويكون هذا كقوله {
nindex.php?page=tafseer&surano=186&ayano=2ولكن البر من آمن بالله } أي من يؤمن . و {
nindex.php?page=tafseer&surano=180&ayano=2مثل الذين كفروا كمثل الذي ينعق } أي مثل داعي الذين كفروا كمثل الناعق أو مثل الذين كفروا كمثل منعوق به أي الذي ينعق به . والمعنى في ذلك كله ظاهر معلوم . فلهذا كان من أفصح الكلام : إيجازه دون الإطناب فيه .
[ ص: 394 ] وقوله {
nindex.php?page=tafseer&surano=2477&ayano=20يومئذ لا تنفع الشفاعة } إذا كان من هذا الباب لم يحتج : أن الشافع تنفعه الشفاعة . وإن لم يكرمه كان الشافع ممن تنفعه الشفاعة . وفي الآية الأخرى {
nindex.php?page=tafseer&surano=3663&ayano=34ولا تنفع الشفاعة عنده إلا لمن أذن له } من هؤلاء وهؤلاء . لكن قد يقال : التقدير : لا تنفع الشفاعة عنده إلا لمن أذن له أن يشفع فيه فيؤذن لغيره أن يشفع فيه . فيكون الإذن للطائفتين والنفع للمشفوع له كأحد الوجهين أو ولا تنفع إلا لمن أذن له من هؤلاء وهؤلاء .
فكما أن الإذن للطائفتين فالنفع أيضا للطائفتين . فالشافع ينتفع بالشفاعة . وقد يكون انتفاعه بها أعظم من انتفاع المشفوع له .
ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح {
nindex.php?page=hadith&LINKID=597597اشفعوا تؤجروا . ويقضي الله على لسان نبيه ما شاء } . ولهذا كان من أعظم ما يكرم به الله عبده
محمدا صلى الله عليه وسلم هو الشفاعة التي يختص بها . وهي المقام المحمود الذي يحمده به الأولون والآخرون . وعلى هذا لا تحتاج الآية إلى حذف بل يكون معناها :
[ ص: 395 ] يومئذ لا تنفع الشفاعة لا شافعا ولا مشفوعا {
nindex.php?page=tafseer&surano=5788&ayano=78إلا من أذن له الرحمن وقال صوابا } . ولذلك جاء في الصحيح : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال {
nindex.php?page=hadith&LINKID=597598يا بني عبد مناف لا أملك لكم من الله من شيء . يا صفية عمة رسول الله صلى الله عليه وسلم لا أملك لك من الله من شيء . يا عباس عم رسول الله لا أملك لك من الله من شيء }
. وفي الصحيح أيضا {
nindex.php?page=hadith&LINKID=29825لا ألفين أحدكم يأتي يوم القيامة على رقبته بعير له رغاء أو شاة لها يعار أو رقاع تخفق .
فيقول : أغثني أغثني . فأقول : قد أبلغتك . لا أملك لك من الله من شيء } . فيعلم من هذا : أن قوله {
nindex.php?page=tafseer&surano=4454&ayano=43ولا يملك الذين يدعون من دونه الشفاعة } و {
nindex.php?page=tafseer&surano=5787&ayano=78لا يملكون منه خطابا } على مقتضاه . وأن قوله في الآية {
nindex.php?page=tafseer&surano=5787&ayano=78لا يملكون منه } كقوله صلى الله عليه وسلم {
nindex.php?page=hadith&LINKID=597599لا أملك لكم من الله من شيء } وهو كقول
إبراهيم لأبيه {
nindex.php?page=tafseer&surano=5214&ayano=60وما أملك لك من الله من شيء } . وهذه الآية تشبه قوله تعالى {
nindex.php?page=tafseer&surano=5787&ayano=78رب السماوات والأرض وما بينهما الرحمن لا يملكون منه خطابا } {
nindex.php?page=tafseer&surano=5788&ayano=78يوم يقوم الروح والملائكة صفا لا يتكلمون إلا من أذن له الرحمن وقال صوابا } فإن هذا مثل قوله {
nindex.php?page=tafseer&surano=2477&ayano=20يومئذ لا تنفع الشفاعة إلا من أذن له الرحمن ورضي له قولا } ففي الموضعين : اشترط إذنه . فهناك ذكر " القول الصواب " وهنا ذكر " أن يرضى قوله " ومن قال الصواب رضي الله قوله . فإن الله إنما يرضى بالصواب .
وقد ذكروا في تلك الآية قولين : أحدهما : أنه الشفاعة أيضا كما قال
ابن السائب : لا يملكون شفاعة إلا بإذنه . والثاني : لا يقدر الخلق على أن يكلموا الرب إلا بإذنه . قال
مقاتل : كذلك قال
مجاهد {
nindex.php?page=tafseer&surano=5787&ayano=78لا يملكون منه خطابا } قال : كلاما .
هذا من تفسيره الثابت عنه . وهو من أعلم - أو
nindex.php?page=treesubj&link=29571أعلم - التابعين بالتفسير . قال
الثوري : إذا جاءك التفسير عن
مجاهد فحسبك به . وقال : عرضت المصحف على
ابن عباس : أقفه عند كل آية وأسأله عنها . وعليه اعتمد
الشافعي وأحمد والبخاري في صحيحه . وهذا يتناول " الشفاعة " أيضا .
[ ص: 397 ]
وفي قوله {
nindex.php?page=tafseer&surano=5787&ayano=78لا يملكون منه خطابا } لم يذكر استثناء . فإن أحدا لا يملك من الله خطابا مطلقا . إذ المخلوق لا يملك شيئا يشارك فيه الخالق كما قد ذكرناه في قوله {
nindex.php?page=tafseer&surano=4454&ayano=43ولا يملك الذين يدعون من دونه الشفاعة } أن هذا عام مطلق . فإن أحدا - ممن يدعي من دونه - لا يملك الشفاعة بحال . ولكن الله إذا أذن لهم شفعوا من غير أن يكون ذلك مملوكا لهم .
وكذلك قوله {
nindex.php?page=tafseer&surano=5787&ayano=78لا يملكون منه خطابا } هذا قول
السلف وجمهور المفسرين . وقال بعضهم : هؤلاء هم الكفار . لا يملكون مخاطبة الله في ذلك اليوم . قال
Multitarajem.php?tid=13365,13366ابن عطية : قوله {
nindex.php?page=tafseer&surano=3662&ayano=13لا يملكون } الضمير للكفار . أي لا يملكون - من إفضاله وإكماله - أن يخاطبوه بمعذرة ولا غيرها .
وهذا مبتدع . وهو خطأ محض . والصحيح : قول الجمهور
والسلف : أن هذا عام كما قال في آية أخرى {
nindex.php?page=tafseer&surano=2476&ayano=20وخشعت الأصوات للرحمن فلا تسمع إلا همسا } وفي حديث التجلي الذي في الصحيح - لما ذكر مرورهم على الصراط - قال صلى الله عليه وسلم {
nindex.php?page=hadith&LINKID=11770ولا يتكلم أحد إلا الرسل ودعوى الرسل : اللهم سلم سلم } فهذا في وقت المرور على الصراط . وهو بعد الحساب والميزان . فكيف بما قبل ذلك ؟ .
nindex.php?page=treesubj&link=28768فَالشَّفَاعَةُ : مَقْصُودُهَا قَبُولُ الْمَشْفُوعِ إلَيْهِ - وَهِيَ الشَّفَاعَةُ التَّامَّةُ . فَهَذِهِ هِيَ الَّتِي لَا تَكُونُ إلَّا بِإِذْنِهِ . وَأَمَّا إذَا شَفَعَ شَفِيعٌ فَلَمْ تُقْبَلْ
[ ص: 387 ] شَفَاعَتُهُ : كَانَتْ كَعَدَمِهَا وَكَانَ عَلَى صَاحِبِهَا التَّوْبَةُ وَالِاسْتِغْفَارُ مِنْهَا .
كَمَا قَالَ
نُوحٌ {
nindex.php?page=tafseer&surano=1531&ayano=11رَبِّ إنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَسْأَلَكَ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ وَإِلَّا تَغْفِرْ لِي وَتَرْحَمْنِي أَكُنْ مِنَ الْخَاسِرِينَ } وَكَمَا نَهَى اللَّهُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الصَّلَاةِ عَلَى الْمُنَافِقِينَ . وَقَالَ لَهُ {
nindex.php?page=tafseer&surano=1328&ayano=9وَلَا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا وَلَا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ إنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَمَاتُوا وَهُمْ فَاسِقُونَ } وَقَالَ لَهُ {
nindex.php?page=tafseer&surano=5257&ayano=63سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ أَمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ لَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ }
. وَلِهَذَا قَالَ عَلَى لِسَانِ الْمُشْرِكِينَ {
nindex.php?page=tafseer&surano=3058&ayano=26فَمَا لَنَا مِنْ شَافِعِينَ } {
nindex.php?page=tafseer&surano=3059&ayano=26وَلَا صَدِيقٍ حَمِيمٍ } .
nindex.php?page=treesubj&link=28768فَالشَّفَاعَةُ الْمَطْلُوبَةُ : هِيَ شَفَاعَةُ الْمُطَاعِ الَّذِي تُقْبَلُ شَفَاعَتُهُ . وَهَذِهِ لَيْسَتْ لِأَحَدِ عِنْدَ اللَّهِ إلَّا بِإِذْنِهِ قَدَرًا وَشَرْعًا . فَلَا بُدَّ أَنْ يَأْذَنَ فِيهَا . وَلَا بُدَّ أَنْ يَجْعَلَ الْعَبْدَ شَافِعًا . فَهُوَ الْخَالِقُ لِفِعْلِهِ وَالْمُبِيحُ لَهُ كَمَا فِي الدَّاعِي : هُوَ الَّذِي أَمَرَهُ بِالدُّعَاءِ وَهُوَ الَّذِي يَجْعَلُ الدَّاعِيَ دَاعِيًا فَالْأَمْرُ كُلُّهُ لِلَّهِ خَلْقًا وَأَمْرًا . كَمَا قَالَ {
nindex.php?page=tafseer&surano=1015&ayano=7أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ }
. وَقَدْ رُوِيَ فِي حَدِيثٍ - ذَكَرَهُ
ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَغَيْرُهُ - أَنَّهُ قَالَ {
فَمَنْ يَثِقُ بِهِ فَلْيَدَعْهُ } أَيْ فَلَمْ يَبْقَ لِغَيْرِهِ لَا خَلْقٌ وَلَا أَمْرٌ . وَلَمَّا كَانَ الْمُرَادُ بِالشَّفَاعَةِ الْمُثْبَتَةِ : هِيَ الشَّفَاعَةُ الْمُطْلَقَةُ وَهِيَ الْمَقْصُودُ بِالشَّفَاعَةِ وَهِيَ الْمَقْبُولَةُ بِخِلَافِ الْمَرْدُودَةِ . فَإِنَّ أَحَدًا لَا يُرِيدُهَا لَا
[ ص: 388 ] الشَّافِعُ وَلَا الْمَشْفُوعُ لَهُ وَلَا الْمَشْفُوعُ إلَيْهِ . وَلَوْ عَلِمَ الشَّافِعُ وَالْمَشْفُوعُ لَهُ أَنَّهَا تُرَدُّ : لَمْ يَفْعَلُوهَا . وَالشَّفَاعَةُ الْمَقْبُولَةُ : هِيَ النَّافِعَةُ . بَيْنَ ذَلِكَ فِي مِثْلِ قَوْلِهِ {
nindex.php?page=tafseer&surano=3663&ayano=34وَلَا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ عِنْدَهُ إلَّا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ } وَقَوْلِهِ {
nindex.php?page=tafseer&surano=2477&ayano=20يَوْمَئِذٍ لَا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ إلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَرَضِيَ لَهُ قَوْلًا } فَنَفَى الشَّفَاعَةَ الْمُطْلَقَةَ وَبَيَّنَ أَنَّ الشَّفَاعَةَ لَا تَنْفَعُ عِنْدَهُ إلَّا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ . وَهُوَ الْإِذْنُ الشَّرْعِيُّ بِمَعْنَى : أَبَاحَ لَهُ ذَلِكَ . وَأَجَازَهُ . كَمَا قَالَ تَعَالَى {
nindex.php?page=tafseer&surano=2656&ayano=22أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا } وَقَوْلِهِ {
nindex.php?page=tafseer&surano=3619&ayano=33لَا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إلَّا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ } وَقَوْلِهِ {
nindex.php?page=tafseer&surano=2873&ayano=24لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ } وَنَحْوِ ذَلِكَ .
وَقَوْلُهُ {
nindex.php?page=tafseer&surano=3663&ayano=34إلَّا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ } هُوَ إذْنٌ لِلْمَشْفُوعِ لَهُ . فَلَا يَأْذَنُ فِي شَفَاعَةٍ مُطْلَقَةٍ لِأَحَدِ . بَلْ إنَّمَا يَأْذَنُ فِي أَنْ يَشْفَعُوا لِمَنْ أَذِنَ لَهُمْ فِي الشَّفَاعَةِ فِيهِ . قَالَ تَعَالَى {
nindex.php?page=tafseer&surano=2476&ayano=20يَوْمَئِذٍ يَتَّبِعُونَ الدَّاعِيَ لَا عِوَجَ لَهُ وَخَشَعَتِ الْأَصْوَاتُ لِلرَّحْمَنِ فَلَا تَسْمَعُ إلَّا هَمْسًا } {
nindex.php?page=tafseer&surano=2477&ayano=20يَوْمَئِذٍ لَا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ إلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَرَضِيَ لَهُ قَوْلًا } وَفِيهِ قَوْلَانِ : قِيلَ : إلَّا شَفَاعَةَ مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ .
وَقِيلَ : لَا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ إلَّا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ . فَهُوَ الَّذِي تَنْفَعُهُ الشَّفَاعَةُ . وَهَذَا هُوَ الَّذِي يَذْكُرُهُ طَائِفَةٌ مِنْ الْمُفَسِّرِينَ . لَا يَذْكُرُونَ غَيْرَهُ
[ ص: 389 ] لِأَنَّهُ لَمْ يَقُلْ " لَا تَنْفَعُ إلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ " وَلَا قَالَ " لَا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ إلَّا فِيمَنْ أَذِنَ لَهُ " بَلْ قَالَ {
nindex.php?page=tafseer&surano=2477&ayano=20لَا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ إلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ } فَهِيَ لَا تَنْفَعُ وَلَا يَنْتَفِعُ بِهَا وَلَا تَكُونُ نَافِعَةً إلَّا لِلْمَأْذُونِ لَهُمْ . كَمَا قَالَ تَعَالَى فِي الْآيَةِ الْأُخْرَى {
nindex.php?page=tafseer&surano=3663&ayano=34وَلَا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ عِنْدَهُ إلَّا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ } . وَلَا يُقَالُ : لَا تَنْفَعُ إلَّا لِشَفِيعِ مَأْذُونٍ لَهُ .
بَلْ لَوْ أُرِيدَ هَذَا لَقِيلَ : لَا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ عِنْدَهُ إلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ . وَإِنَّمَا قَالَ {
nindex.php?page=tafseer&surano=3663&ayano=34إلَّا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ } وَهُوَ الْمَشْفُوعُ لَهُ الَّذِي تَنْفَعُهُ الشَّفَاعَةُ . وَقَوْلُهُ {
nindex.php?page=tafseer&surano=3663&ayano=34حَتَّى إذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ } لَمْ يَعُدْ إلَى " الشُّفَعَاءِ " بَلْ عَادَ إلَى الْمَذْكُورِينَ فِي قَوْلِهِ {
nindex.php?page=tafseer&surano=3662&ayano=34وَمَا لَهُمْ فِيهِمَا مِنْ شِرْكٍ وَمَا لَهُ مِنْهُمْ مِنْ ظَهِيرٍ } ثُمَّ قَالَ {
nindex.php?page=tafseer&surano=3663&ayano=34وَلَا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ عِنْدَهُ } ثُمَّ بَيَّنَ أَنَّ هَذَا مُنْتَفٍ {
nindex.php?page=tafseer&surano=3663&ayano=34حَتَّى إذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ قَالُوا مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ قَالُوا الْحَقَّ } فَلَا يَعْلَمُونَ مَاذَا قَالَ حَتَّى يُفَزَّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ فَكَيْفَ يَشْفَعُونَ بِلَا إذْنِهِ ؟ . وَهُوَ سُبْحَانَهُ
nindex.php?page=treesubj&link=28768إذَا أَذِنَ لِلْمَشْفُوعِ لَهُ فَقَدْ أَذِنَ لِلشَّافِعِ . فَهَذَا الْإِذْنُ هُوَ الْإِذْنُ الْمُطْلَقُ بِخِلَافِ مَا إذَا أَذِنَ لِلشَّافِعِ فَقَطْ . فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ قَدْ أَذِنَ لِلْمَشْفُوعِ لَهُ . إذْ قَدْ يَأْذَنُ لَهُ إذْنًا خَاصًّا .
[ ص: 390 ] وَهَكَذَا قَالَ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ الْمُفَسِّرِينَ . قَالُوا : وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=28768الشَّفَاعَةَ لَا تَنْفَعُ إلَّا الْمُؤْمِنِينَ . وَكَذَلِكَ قَالَ
السَّلَفُ فِي هَذِهِ الْآيَةِ . قَالَ
قتادة فِي قَوْلِهِ {
nindex.php?page=tafseer&surano=2477&ayano=20إلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَرَضِيَ لَهُ قَوْلًا } قَالَ : كَانَ
nindex.php?page=treesubj&link=28988_28768أَهْلُ الْعِلْمِ يَقُولُونَ : إنَّ الْمَقَامَ الْمَحْمُودَ الَّذِي قَالَ اللَّهُ تَعَالَى { nindex.php?page=tafseer&surano=2125&ayano=17عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا } هُوَ شَفَاعَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ .
وَقَوْلُهُ {
nindex.php?page=tafseer&surano=2477&ayano=20إلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَرَضِيَ لَهُ قَوْلًا } إنَّ اللَّهَ يُشَفِّعُ الْمُؤْمِنِينَ بَعْضُهُمْ فِي بَعْضٍ . قَالَ
البغوي {
nindex.php?page=tafseer&surano=2477&ayano=20إلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ } أَذِنَ اللَّهُ لَهُ أَنْ يَشْفَعَ لَهُ {
nindex.php?page=tafseer&surano=2477&ayano=20وَرَضِيَ لَهُ قَوْلًا } أَيْ وَرَضِيَ قَوْلَهُ . قَالَ
ابْنُ عَبَّاسٍ : يَعْنِي قَالَ " لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ " قَالَ
البغوي : فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَا يَشْفَعُ لِغَيْرِ الْمُؤْمِنِ .
وَقَدْ ذَكَرُوا الْقَوْلَيْنِ فِي قَوْله تَعَالَى {
nindex.php?page=tafseer&surano=3663&ayano=34وَلَا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ عِنْدَهُ إلَّا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ } وَقَدَّمَ طَائِفَةٌ هُنَاكَ : أَنَّ الْمُسْتَثْنَى هُوَ الشَّافِعُ دُونَ الْمَشْفُوعِ لَهُ بِخِلَافِ مَا قَدَّمُوهُ هُنَا . مِنْهُمْ
البغوي . فَإِنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ هُنَا فِي الِاسْتِثْنَاءِ إلَّا الْمَشْفُوعَ لَهُ .
[ ص: 391 ] وَقَالَ هُنَاكَ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=3663&ayano=34وَلَا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ عِنْدَهُ إلَّا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ } فِي الشَّفَاعَةِ قَالَهُ تَكْذِيبًا لَهُمْ حَيْثُ قَالُوا {
nindex.php?page=tafseer&surano=1392&ayano=10هَؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ } قَالَ : وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْمَعْنَى : إلَّا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ أَنْ يَشْفَعَ لَهُ .
وَكَذَلِكَ ذَكَرُوا الْقَوْلَيْنِ فِي قَوْلِهِ {
nindex.php?page=tafseer&surano=4454&ayano=43وَلَا يَمْلِكُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ الشَّفَاعَةَ إلَّا مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ } وَسَنَتَكَلَّمُ عَلَى هَذِهِ الْآيَةِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَنُبَيِّنُ أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ فِيهَا يَعُمُّ الطَّائِفَتَيْنِ وَأَنَّهُ مُنْقَطِعٌ . وَمَعْنَى هَاتَيْنِ الْآيَتَيْنِ مِثْلُ مَعْنَى تِلْكَ الْآيَةِ . وَهُوَ يَعُمُّ النَّوْعَيْنِ . وَذَلِكَ : أَنَّهُ سُبْحَانَهُ قَالَ {
nindex.php?page=tafseer&surano=2477&ayano=20يَوْمَئِذٍ لَا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ إلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَرَضِيَ لَهُ قَوْلًا } و " الشَّفَاعَةُ " مَصْدَرُ شَفَعَ شَفَاعَةً .
وَالْمَصْدَرُ يُضَافُ إلَى الْفَاعِلِ تَارَةً وَإِلَى مَحَلِّ الْفِعْلِ تَارَةً . وَيُمَاثِلُهُ الَّذِي يُسَمَّى لَفْظُهُ " الْمَفْعُولَ بِهِ " تَارَةً كَمَا يُقَالُ : أَعْجَبَنِي دَقُّ الثَّوْبِ وَدَقُّ الْقَصَّارِ .
وَذَلِكَ مِثْلُ لَفْظِ " الْعِلْمِ " يُضَافُ تَارَةً إلَى الْعِلْمِ وَتَارَةً إلَى الْمَعْلُومِ . فَالْأَوَّلُ كَقَوْلِهِ {
nindex.php?page=tafseer&surano=264&ayano=2وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ } وَقَوْلِهِ {
nindex.php?page=tafseer&surano=663&ayano=4أَنْزَلَهُ بِعِلْمِهِ } وَقَوْلِهِ {
nindex.php?page=tafseer&surano=1498&ayano=11أَنَّمَا أُنْزِلَ بِعِلْمِ اللَّهِ } وَنَحْوِ ذَلِكَ . وَالثَّانِي : كَقَوْلِهِ {
nindex.php?page=tafseer&surano=3534&ayano=31إنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ } فَالسَّاعَةُ هُنَا : مَعْلُومَةٌ لَا عَالِمَةً . وَقَوْلِهِ حِينَ قَالَ
فِرْعَوْنُ {
nindex.php?page=tafseer&surano=2419&ayano=20فَمَا بَالُ الْقُرُونِ الْأُولَى }
[ ص: 392 ] قَالَ
مُوسَى {
nindex.php?page=tafseer&surano=2420&ayano=20عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي فِي كِتَابٍ لَا يَضِلُّ رَبِّي وَلَا يَنْسَى } وَمَثَلِ هَذَا كَثِيرٌ .
فَالشَّفَاعَةُ مَصْدَرٌ لَا بُدَّ لَهَا مِنْ شَافِعٍ وَمَشْفُوعٍ لَهُ . وَالشَّفَاعَةُ : تَعُمُّ شَفَاعَةَ كُلِّ شَافِعٍ وَكُلُّ شَفَاعَةٍ لِمَشْفُوعِ لَهُ . فَإِذَا قَالَ {
nindex.php?page=tafseer&surano=2477&ayano=20يَوْمَئِذٍ لَا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ } نَفَى النَّوْعَيْنِ : شَفَاعَةَ الشُّفَعَاءِ وَالشَّفَاعَةَ لِلْمُذْنِبِينَ . فَقَوْلُهُ {
nindex.php?page=tafseer&surano=2477&ayano=20إلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ } يَتَنَاوَلُ النَّوْعَيْنِ : مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَرَضِيَ لَهُ قَوْلًا مِنْ الشُّفَعَاءِ . وَمَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَرَضِيَ لَهُ قَوْلًا مِنْ الْمَشْفُوعِ لَهُ . وَهِيَ تَنْفَعُ الْمَشْفُوعَ لَهُ فَتُخَلِّصُهُ مِنْ الْعَذَابِ . وَتَنْفَعُ الشَّافِعَ فَتُقْبَلُ مِنْهُ وَيُكْرَمُ بِقَبُولِهَا وَيُثَابُ عَلَيْهِ . وَالشَّفَاعَةُ يَوْمَئِذٍ لَا تَنْفَعُ لَا شَافِعًا وَلَا مَشْفُوعًا لَهُ {
nindex.php?page=tafseer&surano=5788&ayano=78إلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَقَالَ صَوَابًا } فَهَذَا الصِّنْفُ الْمَأْذُونُ لَهُمْ الْمَرْضِيُّ قَوْلَهُمْ : هُمْ الَّذِينَ يَحْصُلُ لَهُمْ نَفْعُ الشَّفَاعَةِ .
وَهَذَا مُوَافِقٌ لِسَائِرِ الْآيَاتِ . فَإِنَّهُ تَارَةً يَشْتَرِطُ فِي الشَّفَاعَةِ إذْنَهُ . كَقَوْلِهِ {
nindex.php?page=tafseer&surano=264&ayano=2مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إلَّا بِإِذْنِهِ } . وَتَارَةً يَشْتَرِطُ فِيهِمَا الشَّهَادَةَ بِالْحَقِّ .
كَقَوْلِهِ {
nindex.php?page=tafseer&surano=4454&ayano=43وَلَا يَمْلِكُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ الشَّفَاعَةَ } ثُمَّ قَالَ {
nindex.php?page=tafseer&surano=4454&ayano=43إلَّا مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ } . وَهُنَا اشْتَرَطَ الْأَمْرَيْنِ : أَنْ يَأْذَنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَأَنْ يَقُولَ صَوَابًا وَالْمُسْتَثْنَى يَتَنَاوَلُ مَصْدَرَ الْفَاعِلِ وَالْمَفْعُولِ كَمَا تَقُولُ : لَا يَنْفَعُ الزَّرْعُ إلَّا فِي وَقْتِهِ . فَهُوَ يَتَنَاوَلُ زَرْعَ الْحَارِثِ وَزَرْعَ الْأَرْضِ لَكِنْ هُنَا قَالَ {
nindex.php?page=tafseer&surano=2477&ayano=20إلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ } وَالِاسْتِثْنَاءُ مُفَرَّغٌ . فَإِنَّهُ لَمْ يَتَقَدَّمْ قَبْلَ هَذَا مَنْ يُسْتَثْنَى مِنْهُ هَذَا . وَإِنَّمَا قَالَ {
nindex.php?page=tafseer&surano=2477&ayano=20لَا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ إلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ } فَإِذَا لَمْ يَكُنْ فِي الْكَلَامِ حَذْفٌ كَانَ الْمَعْنَى : لَا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ إلَّا هَذَا النَّوْعُ فَإِنَّهُمْ تَنْفَعُهُمْ الشَّفَاعَةُ . وَيَكُونُ الْمَعْنَى : أَنَّهَا تَنْفَعُ الشَّافِعَ وَالْمَشْفُوعَ لَهُ . وَإِنْ جُعِلَ فِيهِ حَذْفٌ - تَقْدِيرُهُ : لَا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ إلَّا شَفَاعَةَ مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ - كَانَ الْمَصْدَرُ مُضَافًا إلَى النَّوْعَيْنِ كُلُّ وَاحِدٍ بِحَسَبِهِ يُضَافُ إلَى بَعْضِهِمْ لِكَوْنِهِ شَافِعًا وَإِلَى بَعْضِهِمْ لِكَوْنِهِ مَشْفُوعًا لَهُ وَيَكُونُ هَذَا كَقَوْلِهِ {
nindex.php?page=tafseer&surano=186&ayano=2وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ } أَيْ مَنْ يُؤْمِنُ . و {
nindex.php?page=tafseer&surano=180&ayano=2مَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ } أَيْ مِثْلُ دَاعِي الَّذِينَ كَفَرُوا كَمَثَلِ النَّاعِقِ أَوْ مَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا كَمَثَلِ مَنْعُوقٍ بِهِ أَيْ الَّذِي ينعق بِهِ . وَالْمَعْنَى فِي ذَلِكَ كُلِّهِ ظَاهِرٌ مَعْلُومٌ . فَلِهَذَا كَانَ مِنْ أَفْصَحِ الْكَلَامِ : إيجَازُهُ دُونَ الْإِطْنَابِ فِيهِ .
[ ص: 394 ] وَقَوْلُهُ {
nindex.php?page=tafseer&surano=2477&ayano=20يَوْمَئِذٍ لَا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ } إذَا كَانَ مِنْ هَذَا الْبَابِ لَمْ يُحْتَجَّ : أَنَّ الشَّافِعَ تَنْفَعُهُ الشَّفَاعَةُ . وَإِنْ لَمْ يُكْرِمْهُ كَانَ الشَّافِعُ مِمَّنْ تَنْفَعُهُ الشَّفَاعَةُ . وَفِي الْآيَةِ الْأُخْرَى {
nindex.php?page=tafseer&surano=3663&ayano=34وَلَا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ عِنْدَهُ إلَّا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ } مِنْ هَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاءِ . لَكِنْ قَدْ يُقَالُ : التَّقْدِيرُ : لَا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ عِنْدَهُ إلَّا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ أَنْ يَشْفَعَ فِيهِ فَيُؤْذَنُ لِغَيْرِهِ أَنْ يَشْفَعَ فِيهِ . فَيَكُونُ الْإِذْنُ لِلطَّائِفَتَيْنِ وَالنَّفْعُ لِلْمَشْفُوعِ لَهُ كَأَحَدِ الْوَجْهَيْنِ أَوْ وَلَا تَنْفَعُ إلَّا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ مِنْ هَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاءِ .
فَكَمَا أَنَّ الْإِذْنَ لِلطَّائِفَتَيْنِ فَالنَّفْعُ أَيْضًا لِلطَّائِفَتَيْنِ . فَالشَّافِعُ يَنْتَفِعُ بِالشَّفَاعَةِ . وَقَدْ يَكُونُ انْتِفَاعُهُ بِهَا أَعْظَمَ مِنْ انْتِفَاعِ الْمَشْفُوعِ لَهُ .
وَلِهَذَا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=597597اشْفَعُوا تُؤْجَرُوا . وَيَقْضِي اللَّهُ عَلَى لِسَان نَبِيِّهِ مَا شَاءَ } . وَلِهَذَا كَانَ مِنْ أَعْظَمِ مَا يُكْرِمُ بِهِ اللَّهُ عَبْدَهُ
مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُوَ الشَّفَاعَةُ الَّتِي يَخْتَصُّ بِهَا . وَهِيَ الْمَقَامُ الْمَحْمُودُ الَّذِي يَحْمَدُهُ بِهِ الْأَوَّلُونَ والآخرون . وَعَلَى هَذَا لَا تَحْتَاجُ الْآيَةُ إلَى حَذْفٍ بَلْ يَكُونُ مَعْنَاهَا :
[ ص: 395 ] يَوْمَئِذٍ لَا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ لَا شَافِعًا وَلَا مَشْفُوعًا {
nindex.php?page=tafseer&surano=5788&ayano=78إلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَقَالَ صَوَابًا } . وَلِذَلِكَ جَاءَ فِي الصَّحِيحِ : أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=597598يَا بَنِي عَبْدِ مَنَافٍ لَا أَمْلِكُ لَكُمْ مِنْ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ . يَا صَفِيَّةُ عَمَّةَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا أَمْلِكُ لَك مِنْ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ . يَا عَبَّاسُ عَمَّ رَسُولِ اللَّهِ لَا أَمْلِكُ لَك مِنْ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ }
. وَفِي الصَّحِيحِ أَيْضًا {
nindex.php?page=hadith&LINKID=29825لَا أُلْفِيَنَّ أَحَدَكُمْ يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى رَقَبَتِهِ بَعِيرٌ لَهُ رُغَاءٌ أَوْ شَاةٌ لَهَا يُعَارُ أَوْ رِقَاعٌ تَخْفُقُ .
فَيَقُولُ : أَغِثْنِي أَغِثْنِي . فَأَقُولُ : قَدْ أَبْلَغَتْك . لَا أَمْلِكُ لَك مِنْ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ } . فَيَعْلَمُ مِنْ هَذَا : أَنَّ قَوْلَهُ {
nindex.php?page=tafseer&surano=4454&ayano=43وَلَا يَمْلِكُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ الشَّفَاعَةَ } و {
nindex.php?page=tafseer&surano=5787&ayano=78لَا يَمْلِكُونَ مِنْهُ خِطَابًا } عَلَى مُقْتَضَاهُ . وَأَنَّ قَوْلَهُ فِي الْآيَةِ {
nindex.php?page=tafseer&surano=5787&ayano=78لَا يَمْلِكُونَ مِنْهُ } كَقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=597599لَا أَمْلِكُ لَكُمْ مِنْ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ } وَهُوَ كَقَوْلِ
إبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ {
nindex.php?page=tafseer&surano=5214&ayano=60وَمَا أَمْلِكُ لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ } . وَهَذِهِ الْآيَةُ تُشْبِهُ قَوْله تَعَالَى {
nindex.php?page=tafseer&surano=5787&ayano=78رَبِّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا الرَّحْمَنِ لَا يَمْلِكُونَ مِنْهُ خِطَابًا } {
nindex.php?page=tafseer&surano=5788&ayano=78يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلَائِكَةُ صَفًّا لَا يَتَكَلَّمُونَ إلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَقَالَ صَوَابًا } فَإِنَّ هَذَا مِثْلُ قَوْلِهِ {
nindex.php?page=tafseer&surano=2477&ayano=20يَوْمَئِذٍ لَا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ إلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَرَضِيَ لَهُ قَوْلًا } فَفِي الْمَوْضِعَيْنِ : اشْتَرَطَ إذْنَهُ . فَهُنَاكَ ذَكَرَ " الْقَوْلَ الصَّوَابَ " وَهُنَا ذَكَرَ " أَنْ يَرْضَى قَوْلَهُ " وَمَنْ قَالَ الصَّوَابَ رَضِيَ اللَّهُ قَوْلَهُ . فَإِنَّ اللَّهَ إنَّمَا يَرْضَى بِالصَّوَابِ .
وَقَدْ ذَكَرُوا فِي تِلْكَ الْآيَةِ قَوْلَيْنِ : أَحَدُهُمَا : أَنَّهُ الشَّفَاعَةُ أَيْضًا كَمَا قَالَ
ابْنُ السَّائِبِ : لَا يَمْلِكُونَ شَفَاعَةً إلَّا بِإِذْنِهِ . وَالثَّانِي : لَا يَقْدِرُ الْخَلْقُ عَلَى أَنْ يُكَلِّمُوا الرَّبَّ إلَّا بِإِذْنِهِ . قَالَ
مُقَاتِلٌ : كَذَلِكَ قَالَ
مُجَاهِدٌ {
nindex.php?page=tafseer&surano=5787&ayano=78لَا يَمْلِكُونَ مِنْهُ خِطَابًا } قَالَ : كَلَامًا .
هَذَا مِنْ تَفْسِيرِهِ الثَّابِتِ عَنْهُ . وَهُوَ مِنْ أَعْلَمِ - أَوْ
nindex.php?page=treesubj&link=29571أَعْلَمُ - التَّابِعِينَ بِالتَّفْسِيرِ . قَالَ
الثَّوْرِيُّ : إذَا جَاءَك التَّفْسِيرُ عَنْ
مُجَاهِدٍ فَحَسْبُك بِهِ . وَقَالَ : عَرَضْت الْمُصْحَفَ عَلَى
ابْنِ عَبَّاسٍ : أَقِفُهُ عِنْدَ كُلِّ آيَةٍ وَأَسْأَلُهُ عَنْهَا . وَعَلَيْهِ اعْتَمَدَ
الشَّافِعِيُّ وَأَحْمَد وَالْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ . وَهَذَا يَتَنَاوَلُ " الشَّفَاعَةَ " أَيْضًا .
[ ص: 397 ]
وَفِي قَوْلِهِ {
nindex.php?page=tafseer&surano=5787&ayano=78لَا يَمْلِكُونَ مِنْهُ خِطَابًا } لَمْ يَذْكُرْ اسْتِثْنَاءً . فَإِنَّ أَحَدًا لَا يَمْلِكُ مِنْ اللَّهِ خِطَابًا مُطْلَقًا . إذْ الْمَخْلُوقُ لَا يَمْلِكُ شَيْئًا يُشَارِكُ فِيهِ الْخَالِقُ كَمَا قَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي قَوْلِهِ {
nindex.php?page=tafseer&surano=4454&ayano=43وَلَا يَمْلِكُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ الشَّفَاعَةَ } أَنَّ هَذَا عَامٌّ مُطْلَقٌ . فَإِنَّ أَحَدًا - مِمَّنْ يَدَّعِي مِنْ دُونِهِ - لَا يَمْلِكُ الشَّفَاعَةَ بِحَالِ . وَلَكِنَّ اللَّهَ إذَا أَذِنَ لَهُمْ شَفَعُوا مِنْ غَيْرِ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ مَمْلُوكًا لَهُمْ .
وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ {
nindex.php?page=tafseer&surano=5787&ayano=78لَا يَمْلِكُونَ مِنْهُ خِطَابًا } هَذَا قَوْلُ
السَّلَفِ وَجُمْهُورِ الْمُفَسِّرِينَ . وَقَالَ بَعْضُهُمْ : هَؤُلَاءِ هُمْ الْكُفَّارُ . لَا يَمْلِكُونَ مُخَاطَبَةَ اللَّهِ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ . قَالَ
Multitarajem.php?tid=13365,13366ابْنُ عَطِيَّةَ : قَوْلُهُ {
nindex.php?page=tafseer&surano=3662&ayano=13لَا يَمْلِكُونَ } الضَّمِيرُ لِلْكُفَّارِ . أَيْ لَا يَمْلِكُونَ - مِنْ إفْضَالِهِ وَإِكْمَالِهِ - أَنْ يُخَاطِبُوهُ بِمَعْذِرَةِ وَلَا غَيْرِهَا .
وَهَذَا مُبْتَدِعٌ . وَهُوَ خَطَأٌ مَحْضٌ . وَالصَّحِيحُ : قَوْلُ الْجُمْهُورِ
وَالسَّلَفِ : أَنَّ هَذَا عَامٌّ كَمَا قَالَ فِي آيَةٍ أُخْرَى {
nindex.php?page=tafseer&surano=2476&ayano=20وَخَشَعَتِ الْأَصْوَاتُ لِلرَّحْمَنِ فَلَا تَسْمَعُ إلَّا هَمْسًا } وَفِي حَدِيثِ التَّجَلِّي الَّذِي فِي الصَّحِيحِ - لَمَّا ذَكَرَ مُرُورَهُمْ عَلَى الصِّرَاطِ - قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=11770وَلَا يَتَكَلَّمُ أَحَدٌ إلَّا الرُّسُلُ وَدَعْوَى الرُّسُلِ : اللَّهُمَّ سَلِّمْ سَلِّمْ } فَهَذَا فِي وَقْتِ الْمُرُورِ عَلَى الصِّرَاطِ . وَهُوَ بَعْدَ الْحِسَابِ وَالْمِيزَانِ . فَكَيْفَ بِمَا قَبْلَ ذَلِكَ ؟ .