وليس لأحد أن يعبد إلا الله وحده فلا يصلي إلا لله ولا يصوم إلا لله [ ص: 81 ] ولا يحج إلا بيت الله ولا يتوكل إلا على الله ولا يخاف إلا الله ولا ينذر إلا لله ولا يحلف إلا بالله . وفي الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : { } . وفي السنن : { إن الله ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم فمن كان حالفا فليحلف بالله أو ليصمت } وعن من حلف بغير الله فقد أشرك ابن مسعود " لأن أحلف بالله كاذبا أحب إلي من أن أحلف بغيره صادقا " لأن شرك والحلف بالله توحيد . وتوحيد معه كذب خير من شرك معه صدق ولهذا كان غاية الكذب أن يعدل بالشرك كما قال النبي صلى الله عليه وسلم { الحلف بغير الله } وقرأ قوله تعالى { عدلت شهادة الزور الإشراك بالله مرتين أو ثلاثا ومن يشرك بالله فكأنما خر من السماء فتخطفه الطير أو تهوي به الريح في مكان سحيق } وإذا كان الحالف بغير الله قد أشرك فكيف الناذر لغير الله ؟ .
والنذر أعظم من الحلف ولهذا لو نذر لغير الله فلا يجب الوفاء به باتفاق المسلمين . مثل أن ينذر لغير الله صلاة أو صوما أو حجا أو عمرة أو صدقة . ولو حلف ليفعلن شيئا لم يجب عليه أن يفعله قيل يجوز له أن يكفر عن اليمين ولا يفعل المحلوف عليه كما قال النبي صلى الله عليه وسلم { فليأت الذي هو خير وليكفر عن يمينه حلف على يمين فرأى غيرها خيرا منها } وقد ثبت في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن النذر وقال : { من } فإذا كان النذر لا يأتي بخير فكيف بالنذر للمخلوق ولكن النذر لله يجب الوفاء به إذا كان في طاعة وإذا كان معصية لم يجز الوفاء باتفاق العلماء وإنما تنازعوا [ ص: 82 ] هل فيه بدل أو كفارة يمين أم لا ؟ لما رواه إنه لا يأتي بخير وإنما يستخرج به من البخيل البخاري في صحيحه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : { } . من نذر أن يطيع الله فليطعه ومن نذر أن يعصي الله فلا يعصه
فمن فهو من الضالين كالذين يظنون أن عبادة المخلوقين تجلب لهم منفعة أو تدفع عنهم مضرة . وهؤلاء المشركون قد تتمثل لهم الشياطين وقد تخاطبهم بكلام وقد تحمل أحدهم في الهواء وقد تخبره ببعض الأمور الغائبة وقد تأتيه بنفقة أو طعام أو كسوة أو غير ذلك كما جرى مثل ذلك لعباد الأصنام من ظن أن النذر للمخلوقين يجلب له منفعة أو يدفع عنه مضرة العرب وغير العرب وهذا كثير موجود في هذا الزمان وغير هذا الزمان للضالين المبتدعين المخالفين للكتاب والسنة إما بعبادة غير الله وإما بعبادة لم يشرعها الله .