هم معشر حلوا النظام وخرقوا السياج فلا فرض لديهم ولا نفل مجانين إلا أن سر جنونهم
عزيز على أبوابه يسجد العقل
ومن اعتقد هذا فهو كافر بإجماع المسلمين واليهود والنصارى ; فإن كثيرا من الكفار والمشركين فضلا عن أهل الكتاب يكون لهم من المكاشفات وخرق العادات بسبب شياطينهم أضعاف ما لهؤلاء ; لأنه كلما كان الرجل أضل وأكفر كان الشيطان إليه أقرب ; لكن لا بد في جميع مكاشفة هؤلاء من الكذب والبهتان . ولا بد في أعمالهم من فجور وطغيان كما يكون لإخوانهم من السحرة والكهان قال الله تعالى : { هل أنبئكم على من تنزل الشياطين } { تنزل على كل أفاك أثيم } فكل من تنزلت عليه الشياطين لا بد أن يكون فيه كذب [ ص: 446 ] وفجور من أي قسم كان . والنبي صلى الله عليه وسلم قد أخبر أن وحزبه المفلحون وجنده الغالبون وعباده الصالحون . فمن أولياء الله هم الذين يتقربون إليه بالفرائض فمن اعتقد في مثل هؤلاء أنه من أولياء الله المتقين وحزبه المفلحين وعباده الصالحين فهو كافر مرتد عن دين رب العالمين وإذا قال : أنا أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن اعتقد فيمن لا يفعل الفرائض ولا النوافل أنه من أولياء الله المتقين إما لعدم عقله أو جهله أو لغير ذلك محمدا رسول الله كان من الكاذبين الذين قيل فيهم : { إذا جاءك المنافقون قالوا نشهد إنك لرسول الله والله يعلم إنك لرسوله والله يشهد إن المنافقين لكاذبون } { اتخذوا أيمانهم جنة فصدوا عن سبيل الله إنهم ساء ما كانوا يعملون }
{ ذلك بأنهم آمنوا ثم كفروا فطبع على قلوبهم فهم لا يفقهون } .
وقد ثبت في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : { } فإذا كان طبع على قلب من ترك الجمع وإن صلى الظهر فكيف بمن لا يصلي ظهرا ولا جمعة ولا فريضة ولا نافلة ولا يتطهر للصلاة لا الطهارة الكبرى ولا الصغرى فهذا لو كان قبل مؤمنا وكان قد طبع على قلبه كان كافرا مرتدا بما تركه ولم يعتقد وجوبه من هذه الفرائض وإن اعتقد أنه مؤمن كان كافرا مرتدا فكيف يعتقد أنه من أولياء [ ص: 447 ] الله المتقين . وقد قال تعالى في صفة المنافقين : { من ترك ثلاث جمع تهاونا من غير عذر طبع الله على قلبه استحوذ عليهم الشيطان فأنساهم ذكر الله } أي : استولى يقال : حاذ الإبل حوذا إذا استاقها فالذين استحوذ عليهم الشيطان فساقهم إلى خلاف ما أمر الله به ورسوله قال تعالى : { ألم تر أنا أرسلنا الشياطين على الكافرين تؤزهم أزا } أي تزعجهم إزعاجا فهؤلاء { استحوذ عليهم الشيطان فأنساهم ذكر الله أولئك حزب الشيطان ألا إن حزب الشيطان هم الخاسرون } .
وفي السنن عن عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : { أبى الدرداء } . فأي ثلاثة كانوا من هؤلاء لا يؤذن ولا تقام فيهم الصلاة كانوا من حزب الشيطان الذين استحوذ عليهم لا من أولياء الرحمن الذين أكرمهم ; فإن كانوا عبادا زهادا ولهم جوع وسهر وصمت وخلوة كرهبان الديارات والمقيمين في الكهوف والمغارات ما من ثلاثة في قرية لا يؤذن ولا تقام فيهم الصلاة إلا استحوذ عليهم الشيطان كأهل جبل لبنان وأهل جبل الفتح الذي باسون وجبل ليسون ومغارة الدم بجبل قاسيون وغير ذلك من الجبال والبقاع التي يقصدها كثير من العباد الجهال الضلال ويفعلون فيها خلوات ورياضات من غير أن يؤذن وتقام فيهم الصلوات الخمس بل يتعبدون بعبادات لم يشرعها الله ورسوله بل يعبدونه بأذواقهم ومواجيدهم من غير اعتبار لأحوالهم بالكتاب والسنة [ ص: 448 ] ولا قصد المتابعة لرسول الله الذي قال الله فيه : { قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم } الآية فهؤلاء أهل البدع والضلالات من حزب الشيطان لا من أولياء الرحمن فمن شهد لهم بولاية الله فهو شاهد زور كاذب وعن طريق الصواب ناكب . ثم إن كان قد فهو مرتد عن دين الإسلام وإما مكذب للرسول وإما شاك فيما جاء به مرتاب وإما غير منقاد له بل مخالف له إما جحودا أو عنادا أو اتباعا لهواه ، وكل من هؤلاء كافر . عرف أن هؤلاء مخالفون للرسول وشهد مع ذلك أنهم من أولياء الله