الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                          صفحة جزء
                                          قوله تعالى: يسألونك عن الخمر

                                          [2044] حدثنا أحمد بن سنان ، ثنا عبد الرحمن بن مهدي ، عن سفيان ، عن أبي إسحاق ، عن عمرو بن شرحبيل ، قال: قال عمر : " اللهم بين لنا في الخمر. فنزلت فيهما إثم كبير ومنافع للناس قال: اللهم بين لنا في الخمر. فنزلت لا تقربوا [ ص: 389 ] الصلاة وأنتم سكارى فقال: اللهم بين لنا في الخمر. فنزلت إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام حتى بلغ فهل أنتم منتهون فقال عمر انتهينا، إنها تذهب المال وتذهب العقل ".

                                          [2045] حدثنا الحسن بن محمد بن الصباح ، ثنا حجاج، عن ابن جريج ، وعثمان بن عطاء ، عن عطاء الخراساني ، عن ابن عباس ، في قوله: " يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس فنسختها هذه الآية: إنما الخمر والميسر "

                                          قوله تعالى: الخمر

                                          [2046] حدثنا يونس بن حبيب ، ثنا أبو داود ، ثنا محمد بن أبي حميد ، عن المصري، يعني: أبا طعمة قارئ مصر ، قال: سمعت ابن عمر ، يقول: " نزلت في الخمر ثلاث آيات، فأول شيء: يسألونك عن الخمر والميسر الآية، فقيل: حرمت الخمر. فقالوا: يا رسول الله دعنا ننتفع بها كما قال الله. قال: فسكت عنهم. ثم نزلت هذه الآية: لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى فقيل: حرمت الخمر فقالوا يا رسول الله إنا لا نشربها قرب الصلاة. فسكت عنهم. ثم نزلت: يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام الآية. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: حرمت الخمر ".

                                          [2047] حدثنا أبو سعيد الأشج ، ثنا ابن أبي غنية ، أنبأ أبو حيان التيمي ، عن الشعبي ، عن عبد الله بن عمر بن الخطاب ، قال: " قام عمر علي، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: ألا وإن الخمر نزل تحريمها يوم نزل، من خمس: من العنب والعسل والتمر والحنطة والشعير، والخمر: ما خامر العقل، ثلاثا ".

                                          [2048] حدثنا أبي ، ثنا بشر بن محمد السكري ، ثنا عبد الحكم القسملي، عن أنس بن مالك ، قال: " كنا نشرب الخمر فأنزلت: يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير فقلنا نشرب منها ما ينفعنا فأنزلت في المائدة: إنما الخمر والميسر [ ص: 390 ] الآية. قالوا اللهم قد انتهينا، فأرقناها إذ نودي: ألا إن الخمر قد حرمت " قال ثابت لأنس: " وما كان خمركم؟ قال: فضيخكم هذا ".

                                          [2049] حدثنا أبي ، ثنا مسلم بن إبراهيم ، ثنا هشام الدستوائي ، ثنا قتادة ، عن سعيد بن المسيب ، قال: إنما سميت الخمر لأنها صفا صفوها وسفل كدرها.

                                          قوله: والميسر

                                          [2050] حدثنا أبو سعيد الأشج ، ثنا شجاع بن الوليد أبو بدر ، عن موسى بن عقبة ، عن نافع ، عن ابن عمر ، قال: " الميسر: هو القمار ".

                                          [2051] حدثنا حجاج بن حمزة ، ثنا شبابة ، ثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قوله: والميسر القمار - قال إنما سمي الميسر لقولهم: أيسرو جزورا، كقولك: ضع كذا وكذا

                                          قال أبو محمد : وروي عن عبد الله بن مسعود ، وابن عباس ، وعطاء ، وطاووس ، وسعيد بن جبير ، والحسن ، وابن سيرين وقتادة ، ومقاتل ، والسدي ، وعطاء الخراساني ، نحو ذلك.

                                          والوجه الثاني:

                                          [2052] حدثنا أحمد بن منصور الرمادي ، ثنا هشام بن عمار ، ثنا صدقة ، ثنا عثمان بن أبي العاتكة ، عن علي بن يزيد ، عن القاسم ، عن أبي أمامة ، عن أبي موسى الأشعري ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " اجتنبوا هذه الكعاب المرسومة التي يزجر بها زجرا فإنها من الميسر " .

                                          [2053] حدثنا محمد بن عبد الله بن يزيد ، ثنا سفيان ، عن عبد الملك بن عمير ، وإبراهيم الهجري، عن أبي الأحوص ، عن عبد الله ، قال: إياكم وهذه الكعاب الموسومات، فإنها ميسر العجم. قال أبو محمد : ويروى عن علي ، وابن عمر ، وعائشة ، نحو ذلك.

                                          [ ص: 391 ] الوجه الثالث:

                                          [2054] حدثنا أبي ، ثنا عبيس بن مرحوم ، ثنا حاتم، ثنا جعفر بن محمد ، عن أبيه، عن علي بن أبي طالب ، أنه كان يقول: الشطرنج من الميسر.

                                          الوجه الرابع:

                                          [2055] حدثنا أبي ، ثنا القعنبي قال: قرأت على مالك ، عن داود بن حصين ، أنه سمع سعيد بن المسيب ، يقول: " كان من ميسر أهل الجاهلية بيع اللحم بالشاة والشاتين ".

                                          الوجه الخامس:

                                          [2056] حدثنا أحمد بن عصام ، ثنا روح، ثنا عبد الله بن عمر ، عن عبيد الله بن عمر ، قال: " سألت القاسم بن محمد ، عن النرد: أهي من الميسر؟ قال: كل ما لهى عن ذكر الله وعن الصلاة فهو ميسر ".

                                          الوجه السادس:

                                          [2057] حدثنا محمد بن عزيز الإيلي ، ثنا سلامة ، عن عقيل ، عن ابن شهاب ، أن الأعرج قال: " الميسر: الضرب بالقداح على الأموال والثمار ".

                                          الوجه السابع:

                                          [2058] حدثنا أبي ، ثنا العباس بن الوليد الخلال ، ثنا ابن عياش ، حدثنا سليمان بن سليم ، عن يحيى بن جابر ، عن يزيد بن شريح ، أن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: " ثلاث من الميسر: الصفير بالحمام، والقمار، والضرب بالكعاب ".

                                          قوله: قل فيهما إثم كبير

                                          [2059] حدثنا أبي ، ثنا أبو صالح ، كاتب الليث ، حدثني معاوية بن صالح ، عن علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس ، قال: " قل فيهما إثم كبير يعني: فيما ينقص من الدين عند شربها ".

                                          [2060] حدثنا أبو زرعة ، ثنا يحيى بن عبد الله بن بكير ، حدثني عبد الله بن لهيعة، حدثني عطاء بن دينار ، عن سعيد بن جبير ، قال الله: " فيهما إثم كبير لأن في شرب الخمر والقمار، ترك الصلاة، وترك ذكر الله ".

                                          [ ص: 392 ] قوله: ومنافع للناس

                                          [2061] حدثنا أبي ، ثنا أبو صالح ، حدثني معاوية بن صالح ، عن علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس : " ومنافع يقول: فيما يصيبون من لذتها وفرحها إذا شربوا ".

                                          الوجه الثاني:

                                          [2062] حدثنا حجاج بن حمزة ، ثنا شبابة ، ثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قوله: " ومنافع للناس المنافع: ثمنها وما يصيبون من الجزور ".

                                          [2063] قال أبو محمد : خالفه ابن أبي زائدة ، عن ورقاء ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، فقال: ثمنها قبل أن تحرم. حدثني بذلك أبي، ثنا سهل بن عثمان ، ثنا يحيى بن أبي زائدة ، وتابع شبل، شبابة فقال: من الجزور، وكذلك قاله ابن جريج ، عن مجاهد .

                                          والوجه الثالث:

                                          [2064] حدثنا أبو زرعة ، ثنا يحيى بن عبد الله بن بكير ، حدثني ابن لهيعة ، حدثني عطاء بن دينار ، عن سعيد بن جبير ، في قول الله: " ومنافع للناس يعني أكبر من نفعهما يعني: قبل التحريم، فذمها ولم يحرمها، وكان المسلمون يشربونها على المنافع وهي يومئذ لهم حلال ".

                                          [2065] أخبرنا محمد بن سعد العوفي فيما كتب إلي، حدثني أبي، ثنا عمي الحسين ، عن أبيه، عن جده، عن ابن عباس : " ومنافع للناس ومنافعهما قبل التحريم وإثمهما بعد ما حرمت ".

                                          قوله تعالى: وإثمهما أكبر من نفعهما

                                          [2066] حدثنا أبي ، ثنا أبو صالح ، حدثني معاوية بن صالح ، عن علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس ، في قوله: " وإثمهما أكبر من نفعهما يقول: ما يذهب من الدين، والإثم فيه أكبر مما يصيبون من فرحتها ولذتها ".

                                          [ ص: 393 ] [2067] قرأت على محمد بن الفضل بن موسى ، ثنا محمد بن علي بن الحسن، أنبأ محمد بن مزاحم ، ثنا بكير بن معروف ، عن مقاتل بن حيان ، قوله: " وإثمهما أكبر من نفعهما يقول: إثمهما اليوم بعد التحريم أكبر من منفعتهما قبل التحريم ".

                                          قوله: ويسألونك ماذا ينفقون

                                          [2068] حدثنا أبي ، ثنا موسى بن إسماعيل ، ثنا أبان ، ثنا يحيى ، " أنه بلغه أن معاذ بن جبل ، وثعلبة، أتيا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالا: يا رسول الله إن لنا أرقاء وأهلين، فما ننفق من أموالنا؟ فأنزل الله عز وجل ويسألونك ماذا ينفقون ".

                                          قوله تعالى: قل العفو

                                          [2069] حدثنا أبو سعيد الأشج ، ثنا حفص بن عمر المكتب ، وعقبة بن خالد ، عن ابن أبي ليلى ، عن الحكم، عن مقسم ، عن ابن عباس : " ويسألونك ماذا ينفقون قل العفو قال: ما يفضل عن أهلك " قال أبو محمد : وروي عن عبد الله بن عمر ، ومجاهد ، وعطاء ، والحسن ، وعكرمة ، ومحمد بن كعب ، وقتادة ، والقاسم ، وسالم ، وسعيد بن جبير ، وعطاء الخراساني ، والربيع بن أنس نحو ذلك.

                                          والوجه الثاني:

                                          [2070] حدثنا حجاج بن حمزة ، ثنا شبابة ، ثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيح ، قوله: " ويسألونك ماذا ينفقون قال: اليسر من كل شيء " عن طاووس .

                                          الوجه الثالث:

                                          [2071] حدثنا أبي ، ثنا أحمد بن عبد الرحمن الدشتكي ، ثنا عبد الله بن أبي جعفر ، عن أبيه، عن الربيع ، قوله: " ويسألونك ماذا ينفقون قل العفو يقول: الطيب منه، يقول: أفضل مالك وأطيبه ".

                                          والوجه الرابع:

                                          [2072] حدثنا حجاج بن حمزة ، ثنا شبابة ، ثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيح قال: كان مجاهد يقول: " العفو الصدقة المفروضة " ، عن قيس المكي .

                                          [ ص: 394 ] الوجه الخامس:

                                          [2073] حدثنا أبي ، ثنا أبو صالح ، حدثني معاوية بن صالح ، عن علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس ، قوله: " ويسألونك ماذا ينفقون قل العفو يقول: ما لا يتبين في أموالكم، وكان هذا قبل أن تفرض الصدقة ".

                                          [2074] حدثنا أبو زرعة ، ثنا عمرو بن حماد ، ثنا أسباط ، عن السدي ، " ويسألونك ماذا ينفقون قل العفو يقول: الفضل هذا نسخته الزكاة " . قال أبو محمد : وروي عن عطاء الخراساني ، نحو ذلك.

                                          التالي السابق


                                          الخدمات العلمية