القول في تأويل قوله تعالى:
[96] أحل لكم صيد البحر وطعامه متاعا لكم وللسيارة وحرم عليكم صيد البر ما دمتم حرما واتقوا الله الذي إليه تحشرون
أحل لكم خطاب للمحرمين: صيد البحر وطعامه قال المهايمي: إذ ليس فيه التجبر المنافي للتذلل الإحرامي. و: صيد البحر ما يصطاد منه طريا، و: وطعامه ما يتزود [ ص: 2158 ] منه مملحا يابسا، كذا في رواية عن والمشهور عنه أن صيده ما أخذ منه حيا، وطعامه ما لفظه ميتا. قال ابن عباس. وهذا ما روي عن ابن كثير: أبي بكر الصديق وزيد بن ثابت وعبد الله بن عمرو رضي الله عنهم، وعن غير واحد من التابعين. وأبي أيوب الأنصاري
وروى ابن جرير عن وابن أبي حاتم قال: طعامه: كل ما فيه. أبي بكر
وعن طعامه: ما لفظه حيا أو حسر عنه فمات. ابن المسيب:
متاعا لكم أي: تمتيعا للمقيمين منكم يأكلونه طريا: وللسيارة منكم يتزودونه قديدا.
و (السيارة) القوم يسيرون. أنث على الرفقة والجماعة.
تنبيهان:
الأول: قال استدل الجمهور على ابن كثير: بهذه الآية، وبما رواه حل ميتته عن الإمام مالك ابن وهب وابن كيسان عن قال: جابر وهم ثلاثمائة - قال: وأنا فيهم - قال: فخرجنا حتى إذا كنا ببعض الطريق فني الزاد. فأمر أبا عبيدة بن الجراح بأزواد ذلك الجيش. فجمع ذلك فكان مزودي تمر، قال: فكان يقوتنا كل يوم قليلا قليلا حتى فني ولم تصبنا إلا تمرة تمرة، فقلت: وما تغني تمرة؟ فقال: لقد وجدنا فقدها حين فقدت. قال: ثم انتهينا إلى البحر فإذا حوت مثل الظرب. فأكل منه ذلك الجيش ثماني عشرة ليلة. ثم أمر أبو عبيدة بضلعين من أضلاعه فنصبا. ثم أمر براحلة فرحلت، ثم مرت تحتها ولم تصبها. أبو عبيدة بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم بعثا قبل الساحل. فأمر عليهم
وهذا الحديث مخرج من "الصحيحين" وله طرق عن وفي "صحيح جابر. [ ص: 2159 ] عن مسلم" جابر: المدينة أتينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكرنا ذلك له فقال: هو رزق أخرجه الله لكم. هل معكم من لحمه شيء فتطعمونا؟ قال: فأرسلنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم منه فأكله. وتزودنا من لحمه وشائق. فلما قدمنا
وفي بعض روايات أنهم كانوا مع النبي صلى الله عليه وسلم حين وجدوا هذه السمكة. فقال بعضهم: هي واقعة أخرى. وقال بعضهم: هي قضية واحدة، ولكن كانوا أولا مع النبي صلى الله عليه وسلم ثم بعثهم سرية مع مسلم: أبي عبيدة. فوجدوا هذه في سريتهم تلك مع أبي عبيدة. والله أعلم؟
وعن أبي هريرة: . رواه أن رجلا سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله! إنا نركب البحر ونحمل معنا القليل من الماء. فإن توضأنا به عطشنا. أفنتوضأ بماء البحر؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «هو الطهور ماؤه الحل ميتته» مالك والشافعي وأهل السنن. وصححه وأحمد البخاري والترمذي وابن خزيمة وغيرهم. وابن حبان
[ ص: 2160 ] وعن قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ابن عمر . رواه «أحلت لنا ميتتان ودمان، فأما الميتتان فالحوت والجراد، وأما الدمان فالكبد والطحال» الشافعي وأحمد وابن ماجه والدارقطني وله شواهد. وروي موقوفا. فهذه حجج الجمهور. والبيهقي،
الثاني: احتج بهذه الآية أيضا من ذهب من الفقهاء إلى أنه يؤكل دواب البحر، ولم يستثن من ذلك شيئا. وقد تقدم عن أنه قال: طعامه: كل ما فيه. وقد استثنى بعضهم الصديق وأباح ما سواها، لما رواه الضفادع، الإمام أحمد عن وأبو داود أبي عبد الرحمن التيمي، قتل الضفدع. أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن عن وللنسائي قال: عبد الله بن عمرو «نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قتل الضفدع وقال: نقيقها تسبيح»
وحرم عليكم صيد البر ما دمتم حرما أي: محرمين; فإذا متعمدا أثم وغرم. أو مخطئا غرم وحرم عليه أكله؛ لأنه في حقه كالميتة: اصطاد المحرم الصيد واتقوا الله في أو في الإحرام، ثم حذرهم بقوله سبحانه: الاصطياد في الحرم الذي إليه تحشرون أي: تبعثون فيجازيكم على أعمالكم.
[ ص: 2161 ] لطيفة:
قال المهايمي: إنما حرم الصيد على المحرم، لأنه قصد الكعبة التي حرم صيد حرمها، فجعل كالواصل إليه. وإنما حرم صيد حرمها لأنها مثال بيت الملك، لا يتعرض لما فيه أو في حرمه. انتهى.