[ ص: 1303 ] فصل
ومن الشرك به سبحانه الشرك به في اللفظ، كالحلف بغيره، كما رواه أحمد عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: وأبو داود وصححه من حلف بشيء دون الله فقد أشرك الحاكم . وابن حبان
ومن ذلك ، كما ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: قول القائل للمخلوق: ما شاء الله وشئت وهذا، مع أن الله قد أثبت للعبد مشيئة، كقوله: أنه قال له رجل: ما شاء الله وشئت، قال: أجعلتني لله ندا؟ قل: ما شاء الله وحده لمن شاء منكم أن يستقيم [التكوير: 28] - فكيف من يقول: أنا متوكل على الله وعليك، وأنا في حسب الله وحسبك؟ وما لي إلا الله وأنت؟ وهذا من الله ومنك، وهذا من بركات الله وبركاتك؟ والله لي في السماء وأنت لي في الأرض؟ أو يقول: والله! وحياة فلان، أو يقول: نذرا لله ولفلان، وأنا تائب لله ولفلان، وأرجو الله وفلانا ونحو ذلك، فوازن بين هذه الألفاظ وبين قول القائل: ما شاء الله وشئت، ثم انظر أيهما أفحش؟ يتبين لك أن قائلها أولى لجواب النبي - صلى الله عليه وسلم - لقائل تلك الكلمة، وأنه إذا كان قد جعله ندا لله بها فهذا قد جعل من لا يداني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في شيء من الأشياء - بل لعله أن يكون من أعدائه - ندا لرب العالمين.
فالسجود والعبادة، والتوكل والإنابة، والتقوى والخشية، والتحسب والتوبة، والنذر والحلف، والتسبيح والتكبير، والتهليل والتحميد، والاستغفار [ ص: 1304 ] وحلق الرأس خضوعا وتعبدا، والطواف بالبيت، والدعاء - كل ذلك محض حق الله، لا يصلح ولا ينبغي لسواه، من ملك مقرب ولا نبي مرسل.
وفي مسند الإمام أحمد محمد . فقال: قد عرف الحق لأهله . أن رجلا أتي به إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - قد أذنب ذنبا، فلما وقف بين يديه قال: اللهم إني أتوب إليك، ولا أتوب إلى