[ ص: 1137 ] تنبيه:
روى أبو داود والنسائي وغيرهم أنه لما نزلت هذه الآية انطلق من كان عنده يتيم فعزل طعامه من طعامه، وشرابه من شرابه، فجعل يفضل له الشيء من طعامه فيحبس له حتى يأكله أو يفسد، فاشتد عليهم ذلك، فذكروا ذلك لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأنزل الله تعالى: والحاكم ويسألونك عن اليتامى قل إصلاح لهم خير [البقرة: من الآية 220] الآية، فخلطوا طعامهم بطعامه وشرابهم بشرابه، وقد مضى ذلك في سورة البقرة.
قال الرازي رحمه الله: ومن الجهال من قال: صارت هذه الآية منسوخة بتلك، وهو بعيد؛ لأن هذه الآية في المنع من الظلم، وهذا لا يصير منسوخا بتلك، بل المقصود أن - إن كان على سبيل الظلم - فهو من أعظم أبواب الإثم، كما في هذه الآية، وإن كان على سبيل التربية والإحسان فهو من أعظم أبواب البر، كما في قوله: مخالطة أموال اليتامى وإن تخالطوهم فإخوانكم
وقال رحمه الله قبل ذلك: ما أشد دلالة هذا الوعيد على سعة رحمته تعالى وكثرة عفوه وفضله؛ لأن اليتامى لما بلغوا في الضعف إلى الغاية القصوى بلغت عناية الله بهم إلى الغاية القصوى.