الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      القول في تأويل قوله تعالى:

                                                                                                                                                                                                                                      [ 6 - 9 ] يا أيها الإنسان إنك كادح إلى ربك كدحا فملاقيه فأما من أوتي كتابه بيمينه فسوف يحاسب حسابا يسيرا وينقلب إلى أهله مسرورا

                                                                                                                                                                                                                                      يا أيها الإنسان إنك كادح إلى ربك كدحا فملاقيه قال ابن جرير : أي: [ ص: 6108 ] إنك عامل إلى ربك عملا فملاقيه به، خيرا كان أو شرا. المعنى: فليكن عملك مما ينجيك من سخطه، ويوجب لك رضاه، ولا يكن مما يسخطه عليك فتهلك. وقال القاشاني: أي: إنك ساع مجتهد في الذهاب إليه بالموت، أي: تسير مع أنفاسك سريعا، كما قيل: أنفاسك خطاك إلى أجلك، أو مجتهد مجد في العمل: خيرا أو شرا، ذاهب إلى ربك فملاقيه ضرورة. قال: والضمير إما للرب وإما للكدح. وأصل الكدح جهد النفس في العمل والكد فيه، حتى يؤثر فيها، من: (كدح جلده)، إذا خدشه، فاستعير للجد في العمل وللتعب، بجامع التأثير في ظاهر البشرة.

                                                                                                                                                                                                                                      فأما من أوتي كتابه بيمينه وهم من آمن وعمل صالحا واتصف بما وصف به الأبرار، في غير ما آية.

                                                                                                                                                                                                                                      فسوف يحاسب حسابا يسيرا قال ابن جرير : بأن ينظر في أعماله فيغفر له سيئها ويجازى على حسنها. وقال القاشاني: بأن تمحى سيئاته ويعفى عنه ويثاب بحسناته دفعة واحدة، لبقاء فطرته على صفائها ونوريتها الأصلية.

                                                                                                                                                                                                                                      وينقلب إلى أهله أي: زوجته وأقاربه، أو قومه من يجانسه ويقارنه من أصحاب اليمين مسرورا أي: بنجاته من العذاب، أو بصحبتهم ومرافقتهم، وبما أوتي من حظوظه.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية