القول في تأويل قوله تعالى:
[ 30 - 31 ] وما تشاءون إلا أن يشاء الله إن الله كان عليما حكيما يدخل من يشاء في رحمته والظالمين أعد لهم عذابا أليما
وما تشاءون إلا أن يشاء الله قال : أي: وما تشاؤون اتخاذ السبيل إلى ربكم إلا أن يشاء الله ذلك لكم، لأن الأمر إليه لا إليكم، أي: لأن ما لم يشأ الله وقوعه من العبد، لا يقع من العبد، وما شاء منه وقوعه، وقع. وهو رديف: (ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن)، هذا تأويل السلف. وقالت ابن جرير المعتزلة: أي: وما تشاؤون الطاعة إلا أن يشاء الله بقسرهم عليها. والمسألة مبسوطة في الكلام. وقد لخصناها في (شرح لقطة العجلان) فارجع إليه.
إن الله كان عليما أي: بأحوالهم وما يكون منهم حكيما أي: في تدبيره وصنعه وأمره.
يدخل من يشاء في رحمته قال أبو السعود: بيان لإحكام مشيئته المترتبة على علمه وحكمته، أي: يدخل في رحمته من يشاء أن يدخله فيها، وهو الذي يصرف مشيئته نحو اتخاذ السبيل إليه تعالى، حيث يوفقه لما يؤدي إلى من دخول الجنة الإيمان والطاعة.
والظالمين وهم الذين صرفوا مشيئتهم إلى خلاف ما ذكر أعد لهم عذابا أليما يعني عذاب النار. وقاناه الله بمنه وكرمه.