القول في تأويل قوله تعالى:
[ 3 ] إنا هديناه السبيل إما شاكرا وإما كفورا
إنا هديناه السبيل أي: سبيل الخير والشر والنجاة والهلاك، أي: عرفناه وبينا له [ ص: 6010 ] ذلك، بأدلة العقل والسمع إما شاكرا أي: بالاهتداء والأخذ فيه وإما كفورا أي: بالإعراض عنه. ونصبهما بـ: (يكون) مقدرة، أي: ليكون إما شاكرا وإما كفورا، أي: ليتميز شكره من كفره، وطاعته من معصيته، كقوله: ليبلوكم أيكم أحسن عملا
قال الرازي: قال : ومجاز هذه الكلمة على هذا التأويل قول القائل: قد نصحت لك، إن شئت فاقبل، وإن شئت فاترك، أي: "فإن شئت" فتحذف الفاء. فكذا المعنى، القفال إنا هديناه السبيل فإما شاكرا وإما كفورا، فتحذف الفاء. وقد يحتمل أن يكون ذلك على جهة الوعيد. أي: إنا هديناه السبيل فإن شاء فليكفر، وإن شاء فليشكر; فإنا أعتدنا للكافرين كذا وللشاكرين كذا. كقوله: وقل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر انتهى.
لطيفة:
قال في (النهر): لما كان الشكر قل من يتصف به قال: شاكرا ولما كان الكفر كثيرا من يتصف به ويكثر وقوعه من الإنسان بخلاف الشكر قال: كفورا بصيغة المبالغة. انتهى.
وهذا ألطف من القول بمراعاة رؤوس الآي.