القول في تأويل قوله تعالى:
[18 - 19] ولقد كذب الذين من قبلهم فكيف كان نكير أولم يروا إلى الطير فوقهم صافات ويقبضن ما يمسكهن إلا الرحمن إنه بكل شيء بصير
ولقد كذب الذين من قبلهم أي: مع كونهم أشد منهم عددا وعددا فكيف كان نكير أي: نكيري تكذيبهم، وذلك بإنزال العذاب بهم ودحر باطلهم.
قال القاضي: هو تسلية للرسول صلى الله عليه وسلم، وتهديد لقومه المشركين.
أولم يروا إلى الطير فوقهم صافات أي: باسطات أجنحتهن في الجو عند طيرانها، ويقبضن أي: ويضممنها إذا ضربن بها جيوبهن، وقت للاستظهار، ولتجدده عبر عنه بالفعل إشارة إلى أنه أمر طارئ على الصف، يفعل في بعض الأحيان للتقوي بالتحريك، كما يفعله السابح في الماء يقيم بدنه أحيانا بخلاف البسط والصف؛ فإنه الأصل الثابت في حالة الطيران، ولذا اختير له الاسم.
ما يمسكهن أي: في الجو إلا الرحمن أي: المقيض لكل ما قدر له، حسب استعداده بسعة رحمته، ومنه ما دبر للطيور من بنية يتأتى منها الجري في الجو.
إنه بكل شيء بصير قال القاشاني: أي: فيعطيه ما يليق به، ويسويه بحسب [ ص: 5887 ] مشيئته، ويودع فيه ما يريده بمقتضى حكمته، ثم يهديه إليه بتوفيقه.
ثم بكت تعالى المشركين بنفي أن يكون لهم ناصر غيره سبحانه، بقوله: