القول في تأويل قوله تعالى:
[14 - 15] ينادونهم ألم نكن معكم قالوا بلى ولكنكم فتنتم أنفسكم وتربصتم وارتبتم وغرتكم الأماني حتى جاء أمر الله وغركم بالله الغرور [ ص: 5684 ] فاليوم لا يؤخذ منكم فدية ولا من الذين كفروا مأواكم النار هي مولاكم وبئس المصير
ينادونهم ألم نكن معكم يريدون موافقتهم في الظاهر قالوا بلى ولكنكم فتنتم أنفسكم أي: محنتموها بالنفاق وأهلكتموها وتربصتم أي: بالمؤمنين الدوائر، ليظهر الكفر فتظهروا ما في أنفسكم وارتبتم أي: في توحيد الله ونبوة نبيه، أو في البعث بعد الموت، أو في قوله: ليظهره على الدين كله و ، ووعده بنصر المؤمنين، أو في جميع ذلك.
وغرتكم الأماني أي: طول الآمال والطمع في امتداد الأعمار، أو قولهم: سيغفر لنا
حتى جاء أمر الله يعني: الموت، أو مصداق وعده بنصرة رسوله وإظهار دينه، أو عذاب النار وغركم بالله الغرور أي: الشيطان، فأطمعكم بالنجاة والفوز والغلبة. وقرئ: "الغرور" بالضم.
فاليوم لا يؤخذ منكم فدية هذا من تتمة قول المؤمنين للمنافقين بعد أن ميز بينهم، أي: فاليوم لا يقبل منكم ما يفتدى به، بدلا من عذابكم، وعوضا من عقابكم ولا من الذين كفروا يعني المجاهرين بالكفر من المحادين لله ولرسوله مأواكم النار هي مولاكم أي: أولى بكم، أو تتولاكم كما توليتم موجباتها في الدنيا وبئس المصير أي: النار.
ثم نعى عليهم رخاوة عقدهم فيما ندبوا إليه من التصدق في سبيل الله، بأن ذلك من أثر قلة العناية بالخضوع لذكره وتنزيله، تعريضا بالمنافقين، وسوقا للمؤمنين إلى الكمال، فقال سبحانه:
[ ص: 5685 ]