القول في تأويل قوله تعالى:
[54 - 55] إن المتقين في جنات ونهر في مقعد صدق عند مليك مقتدر
إن المتقين أي: الذين اتقوا عقاب الله بطاعته وأداء فرائضه، واجتناب نواهيه، في جنات ونهر أي: أنهار. واكتفى باسم الجنس المفرد لرعاية الفواصل. وقرئ بسكون الهاء، وضم النون، وقرئ بضمهما.
في مقعد صدق قال : أي: في مجلس حق لا لغو فيه ولا تأثيم. ابن جرير
وقال : في مكان مرضي. قال الزمخشري شراحه : فالصدق مجاز مرسل في لازمه، [ ص: 5609 ] أو استعارة. وقيل المراد صدق المبشر به، وهو الله ورسوله. أو المراد أنه ناله من ناله بصدقه وتصديقه للرسل، فالإضافة لأدنى ملابسة.
عند مليك بمعنى مالك. قال الشهاب : وليس إشباعا، بل هي صيغة مبالغة كالمقتدر، مقتدر قال القاشاني : أي: يقدر على تصريف جميع ما في ملكه على حكم مشيئته، وتسخيره على مقتضى إرادته لا يمتنع عليه شيء.
قال الشهاب : في تنكير الاسمين الكريمين إشارة إلى أن ملكه وقدرته لا تدري الأفهام كنههما، وأن قربهم منه بمنزلة من السعادة والكرامة، بحيث لا عين رأت ولا أذن سمعت، مما يجل عن البيان وتكل دونه الأذهان.