القول في تأويل قوله تعالى:
[19] ولكل درجات مما عملوا وليوفيهم أعمالهم وهم لا يظلمون .
ولكل أي: من الفريقين: درجات مما عملوا أي: مراتب من جزاء ما عملوا من صالح وسيئ: وليوفيهم أعمالهم أي: جزاءها: وهم لا يظلمون أي: ينقص ثواب، ولا زيادة عقاب.
تنبيه:
روى عن ابن جرير أن هذه الآية نزلت في ابن ابن عباس . وأخرج لأبي بكر الصديق عن ابن أبي حاتم قال: نزلت في السدي ، قال لأبويه -وهما عبد الرحمن بن أبي بكر أبو بكر وأم رومان ، وكانا قد أسلما، وأبى هو أن يسلم، فكانا يأمرانه بالإسلام، فكان يرد عليهما ويكذبهما ويقول: فأين فلان، وأين فلان؟ يعني مشايخ قريش ممن قد مات. فأسلم بعد، فحسن إسلامه - فنزلت توبته في هذه الآية: ولكل درجات مما عملوا
قال الحافظ ابن حجر : لكن نفي أن تكون نزلت في عائشة وآل بيته، أصح إسنادا وأولى بالقبول؛ وذلك ما رواه عبد الرحمن ، البخاري والإسماعيلي، ، والنسائي وأبو يعلى أن [ ص: 5351 ] كان عاملا على مروان المدينة ، فأراد أن يستخلف معاوية يزيد، فكتب إلى بذلك، فجمع مروان الناس فخطبهم، فذكر مروان يزيد، ودعا إلى بيعته وقال: إن الله أرى أمير المؤمنين في يزيد رأيا حسنا، وإن يستخلفه، فقد استخلف أبو بكر فقال وعمر. : ما هي إلا هرقلية! فقال عبد الرحمن : سنة مروان أبي بكر . فقال وعمر : هرقلية! إن عبد الرحمن ، والله! ما جعلها في أحد من ولده، ولا في أهل بيته، وما جعلها أبا بكر إلا كرامة لولده ! فقال معاوية : خذوه. فدخل بيت مروان ، فلم يقدروا عليه. فقال عائشة : إن هذا الذي أنزل الله فيه: مروان والذي قال لوالديه أف لكما أتعدانني فقالت من وراء الحجاب: ما أنزل الله فينا شيئا من القرآن، إلا أن الله أنزل عذري. ولو شئت أن أسمي من نزلت فيه لسميته، ولكن رسول الله لعن عائشة أبا مروان ، ومروان في صلبه.
ومما يؤيده أن: الذين حق عليهم القول هم المخلدون في النار في علم الله تعالى، وعبد الرحمن كان من أفاضل المسلمين، وسرواتهم، وحاول بعضهم عدم التنافي بأن يقع منه ذلك قبل إسلامه، ثم يسلم بعد ذلك. ومعلوم أن ، وأن معنى الوعيد في الآية إنما هو للمصرين عليه الذين لم يقلعوا، لكثرة ما ورد في العفو عن التائبين، وقد نزل من الوعيد الشديد في أول البعثة آيات لا تحصى، وكلها تنعى على من كان مشركا آنئذ، ولم يقل أحد بشمولها لهم بعد إيمانهم، أو أن فيها ما يحط من أقدارهم، ويجعلها مغمزا لهم، إلا أن مروان لم يجد لمقاومة ما ألقمه إلا الشغب، وشغل الناس عن باطله بنغمة يطرب لها الجهلة، وقالة يلوكها الرعاع، وهم الذين يهمه أمرهم. ويرحم الله الإسلام يجب ما قبله فقد شفى الغلة، وصدع بالحق، في حين أن لا ظهير له، ولا نصير -والله أعلم-. عبد الرحمن!
قال في (المعارف): أربعة رأوا رسول الله صلى الله عليه وسلم في نسق: ابن قتيبة أبو قحافة، وابنه رضي الله عنه، وابنه أبو بكر الصديق وابنه عبد الرحمن بن أبي بكر، محمد بن عبد الرحمن.
وقال أيضا: قيل: كان من أفضل عبد الرحمن قريش ، ويكنى أبا محمد، وله عقب بالمدينة ، [ ص: 5352 ] وليسوا بالكثير، مات فجأة سنة ثلاث وخمسين بجبل يقرب من مكة ، فأدخلته الحرم ودفنته وأعتقت عنه. انتهى. عائشة
وفي دمشق في مقبرة باب الفراديس، المسماة بالدحداح، مزار يقال إنه ، نسب إليه زورا. وما أكثر المزورات في المزارات، كما يعلمه من دقق في الوفيات. عبد الرحمن بن أبي بكر