القول في تأويل قوله تعالى:
[ 30] إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنـزل عليهم الملائكة ألا تخافوا ولا تحزنوا وأبشروا بالجنة التي كنتم توعدون .
إن الذين قالوا ربنا الله أي: وحدوه بنفي غيره، وعرفوه بالإيقان حق معرفته: ثم استقاموا أي: في أخلاقهم، وعقائدهم، وأعمالهم. وذلك بالسلوك في طريقه تعالى، والثبات على صراطه، مخلصين لأعمالهم، عاملين لوجهه، غير ملتفتين بها إلى غيره: تتنـزل عليهم الملائكة أي: في الدنيا، بإلهامهم، أو عند الموت، أو حين البعث.
ألا تخافوا أي: ما تقدمون عليه بعد مماتكم: ولا تحزنوا أي: على ما خلفتم من دنياكم، من أهل وولد. فإنا نخلفكم في ذلك كله، أو من الفزع الأكبر، وهوله، فإنكم آمنون لآية: [ ص: 5203 ] لا يحزنهم الفزع الأكبر وتتلقاهم الملائكة والتنزيل يفسر بعضه بعضا، أو الآيتان في مقامين، وبشارتين، وفضله تعالى أوسع، وجوده أعم وأشمل.
قال القاشاني : وإنما تنزلت الملائكة عليهم للمناسبة الحقيقية بينهم في التوحيد الحقيقي، والإيمان اليقيني، . غير ناكثين في عزيمة، ولا منحرفين عن وجهة، ولا زائغين في عمل. كما ناسبت نفوس المحجوبين من أهل الرذائل الشياطين، بالجواهر المظلمة، والأعمال الخبيثة. فتنزلت عليهم. انتهى. والعمل الثابت على منهاج الحق والاستقامة في الطريقة إليه
وقوله تعالى: وأبشروا بالجنة التي كنتم توعدون أي: في الدنيا، حال الإيمان بالغيب.