القول في تأويل قوله تعالى:
[ 52 ] وقالوا آمنا به وأنى لهم التناوش من مكان بعيد .
وقالوا آمنا به أي: بمحمد صلى الله عليه وسلم، أو القرآن: وأنى لهم التناوش من مكان بعيد أي: ومن أين لهم تناول الإيمان وقد بعدوا عن محل قبوله منهم، لأنهم صاروا إلى ، أو: لأنهم آمنوا بلسانهم ولم يدخل الإيمان قلوبهم، أي: (على تفسير: الدار الآخرة، وهي دار الجزاء، لا دار الابتلاء إذ فزعوا بظهور الحق عليهم في حياتهم، منه) قال : التناوش والتناول، أخوان، إلا أن التناوش، تناول سهل لشيء قريب [ ص: 4969 ] ، يقال: ناشه ينوشه، وتناوشه القوم. ويقال تناوشوا في الحرب. ناش بعضهم بعضا. وهذا تمثيل لطلبهم ما لا يكون، وهو أن ينفعهم إيمانهم في ذلك الوقت، كما ينفع المؤمنين إيمانهم في الدنيا، مثلت حالهم بحال من يريد أن يتناول الشيء من غلوة، كما يتناوله الآخر من قيس ذراع، تناولا سهلا لا تعب فيه. انتهى. أي: ففيه استعارة تمثيلية; شبه إيمانهم حيث لا يقبل، بمن كان عنده شيء يمكن أخذه، فلما بعد عنه فرسخا، مد يده لتناوله. وقوله: الزمخشري