القول في تأويل قوله تعالى:
[58 - 60] ولقد ضربنا للناس في هذا القرآن من كل مثل ولئن جئتهم بآية ليقولن الذين كفروا إن أنتم إلا مبطلون كذلك يطبع الله على قلوب الذين لا يعلمون فاصبر إن وعد الله حق ولا يستخفنك الذين لا يوقنون
ولقد ضربنا للناس في هذا القرآن من كل مثل أي: من كل وصف يوضح الحق ويزيل اللبس، أو من كل دليل على الأمور الأخروية، والحق يجري مجرى المثل في الظهور: ولئن جئتهم بآية أي: مما اقترحوه أو غيرها: ليقولن الذين كفروا إن أنتم إلا مبطلون أي: لا يؤمنون بها، ويعتقدون أنها سحر وباطل: كذلك يطبع الله على قلوب الذين لا يعلمون أي: لا يطلبون العلم ولا يتحرون الحق، بل يصرون على خرافات اعتقدوها وترهات ابتدعوها; فإن قاله الجهل المركب يمنع إدراك الحق، ويوجب تكذيب المحق. أبو السعود.
فاصبر أي: على ما تشاهد منهم، من الأقوال الباطلة، والأفعال السيئة: إن وعد الله حق أي: في قوله: ولقد سبقت كلمتنا لعبادنا المرسلين إنهم لهم المنصورون وإن جندنا لهم الغالبون ولا يستخفنك أي: لا يحملنك على الخفة والقلق: الذين لا يوقنون أي: بما تتلو عليهم من الآيات البينة، بتكذيبهم إياها ومكرهم فيها; فإنه تعالى منجز لك ما وعدك من نصرك عليهم، وجعله العاقبة لك، ولمن اعتصم بما جئت به من المؤمنين.